ارتفعت أسعار البنزين في لبنان اليوم الأربعاء مع انتقال "مصرف لبنان" المركزي من تأمين الدولار لاستيراد هذه المادة من 100% وفق منصته "صيرفة" إلى 85% بينما تحتسَب النسبة المتبقية أي 15% على سعر الدولار وفق السوق السوداء ما يطرح علامات استفهام حول ما إذا كانت هذه الخطوة مقدِّمة لرفع الدعم بشكل كامل عن البنزين على غرار المازوت والغاز.
وارتفعت صفيحتا البنزين 95 و98 أوكتان اليوم 14 ألف ليرة لبنانية، لتصبح الأولى بـ605000 ليرة والثانية بـ617000 أما أسعار الغاز والمازوت فلم تتغيّر بحسب جدول تركيب الأسعار الصادر عن وزارة الطاقة والمياه اللبنانية.
وانخفض أمس سعر صفيحة المازوت 16 ألف ليرة لتصبح 647 ألف ليرة، وكذلك الغاز 6 آلاف ليرة لتصبح القارورة بـ311 ألف ليرة لبنانية.
وأوضحت المديرية العامة للنفط في لبنان في بيان اليوم أنه "اعتماداً لمبدأ الشفافية وإعلاماً للرأي العام كما جرت العادة دائماً، إن الإضافة على جدول تركيب الأسعار التي طرأت على سعر مادة البنزين أي مبلغ الـ14 ألف ليرة الإضافي للصفيحة نتجت عن اعتماد سعر صيرفة لـ85 في المائة من البضاعة واعتماد سعر السوق الموازية لـ15 في المائة منها، وذلك بناءً على قرار صدر بالأمس عن المصرف المركزي وتمّ إبلاغه لوزارة الطاقة والمياه، فيما كان المصرف المركزي يعتمد السعر سابقاً على سعر صيرفة لكامل البضاعة".
وأتت التسعيرة اليوم "قاسية" على المواطنين ربطاً بخشيتهم من تداعيات قرار مصرف لبنان الجديد هم الذين كانوا أمس الثلاثاء أمام مشهد انخفاض سعر البنزين 18 ألف ليرة قبل أن تُلقى عليهم مفاجأة رفع الدعم التدريجي عن هذه المادة التي تعدّ أساسية لتحركاتهم اليومية والتي باتت أصلاً مكلفة جداً وتفوق قدرتهم المالية وشكلت سبباً رئيسياً وراء اضراب موظفي القطاع العام الذين ما عاد بإمكانهم دفع ثمن الصفيحة للوصول إلى مراكز عملهم.
وقال عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان جورج البراكس اليوم إن مصرف لبنان انتقل من تأمين الدولار لاستيراد هذه المادة من 100% سعر الدولار وفقاً لمنصة صيرفة إلى 85% والباقي 15% احتسب على سعر الدولار وفقاً للسوق الحرة الأمر الذي أدى إلى ارتفاع البنزين 14 ألف ليرة.
وسجل سعر صرف الدولار في السوق السوداء صباح اليوم بين 29700 ليرة و29900 ليرة لبنانية في حين بلغ سعر صرف الدولار وفق منصة صيرفة أمس الثلاثاء 25600 ليرة لبنانية.
ويشير البراكس لـ"العربي الجديد" إلى أن قرار مصرف لبنان يمكن حتماً اعتباره مقدمة لرفع الدعم بشكل كامل على البنزين وتالياً على كامل المحروقات، ما من شأنه أن ينعكسَ ارتفاعاً في سعر الصفيحة، مشيراً إلى أن رفع الدعم التدريجي يُعتمَد بهدف تخفيف تأثيره الكبير على الناس وكي لا يأتي الارتفاع دفعةً واحدة.
ويستمرّ اضراب موظفي القطاع العام منذ أكثر من خمس أسابيع على الرغم من بعض المقررات التي اتخذتها السلطات اللبنانية لحثهم على العودة إلى مراكز عملهم، إذ اعتبرت غير كافية بالنسبة إليهم في ظل تحليق الأسعار على مستوى كل السلع والخدمات بما فيها تلك الأساسية عدا عن أنهم أصبحوا عاجزين عن التنقل بسياراتهم في ظل غلاء البنزين.
وتجتمع اللجنة الوزارية المُكلفة معالجة تداعيات الأزمة المالية على سير المرفق العام الأربعاء، لاستكمال البحث في اضراب القطاع العام والقرارات الواجب اتخاذها لحلّ قضيتهم، وذلك بعدما اجتمعت أول من أمس الاثنين برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وطلب وزير المال يوسف الخليل التريث في البتّ بالاقتراحات والتوصيات إلى حين دراسة كلفتها وانعكاساتها المالية ليتخذ القرار النهائي اليوم.
وأكد وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل أمس أن "بدل الإنتاجية المقطوع يومياً أو ما يُعرف ببدل الحضور للموظفين والعاملين في الإدارات العامة المطروح إلى جانب المساعدة الاجتماعية ورفع بدل النقل، هو إجراء ملحّ واستثنائي ولا يلغي الحاجة إلى عملية تصحيح للأجور مستقبلاً".
ووصف في دردشة مع عدد من الصحافيين، في مكتبه في الوزارة، المخصصات المالية الإضافية التي تعطى للعاملين في القطاع العام تحت مسميات مختلفة، بالملحة والطارئة وذلك لإعادة تفعيل القطاع العام كي يأخذ دوره على أكثر من صعيد وأبرزها، تسيير أمور الناس، وتحصيل إيرادات لصالح الخزينة العامة، وتوفير رواتب القطاع العام نفسه.
وأشار إلى أن "عدم تفعيل العمل الإداري يشلّ الجهاز التنفيذي الأساسي للدولة ويحرمها من الحد الأدنى من الموارد المالية، ويتهدد استمرارية تأمين الرواتب والأجور"، مشدداً على أن "التصميم قائم لدى وزارة المالية والدولة مجتمعة على أهمية تصحيح الأجور، الذي يستوجب تطبيقه إقرار الموازنة العامة للعام 2022، كما يستوجب تنفيذ عدد من الإجراءات الإصلاحية من ضمن خطة التعافي المالي والاقتصادي".
ولفت وزير المالية إلى عمل جدي تشريعي وحكومي لإقرار القوانين الأساسية الملحة لإحداث الإصلاحات الجوهرية القادرة على تحقيق إيرادات تؤمن بالحد المقبول توازناً مع النفقات، وتشكل عاملاً مشجعاً لجلب الاستثمارات.