أكد خبراء اقتصاد ومال أن اتباع قطر سياسة تثبيت سعر صرف الريال مقابل الدولار الأميركي شكّل صمام أمان للعملة الوطنية من شتى المخاطر المحتملة، وساهم في استقرار الأسواق، خاصة لناحية أسعار السلع الغذائية والحيوية، وشكّل حافزاً لاستقطاب الاستثمار الأجنبي.
وتبنى مصرف قطر المركزي تثبيت سعر الصرف عند 3.64 ريالات، واعتبر ذلك حجر زاوية سياسته النقدية، وكان التمسك بالربط ذا مصداقية عالية، وقد تم اعتماده رسميا بموجب مرسوم أميري صدر في يوليو/ تموز عام 2001، ليحل بذلك محل سياسة الربط الرسمي مقابل وحدات حقوق السحب الخاصة المطبقة منذ عام 1975.
في السياق، يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي، رمزي قاسمية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن من فوائد تبني المصرف المركزي سياسة تثبيت سعر الصرف حماية الريال من مخاطر تقلبات العملة، وبالتالي المحافظة على قيمة الريال الشرائية ودعم الثقة بالعملة المحلية.
كما أن من فوائد تثبيت سعر الصرف أنه يمنح استقرارا للإيرادات الحكومية من تصدير الغاز والنفط، خاصة أن معظم العقود موقعة بالدولار الأميركي.
وهو يساهم أيضا في حماية القطاع الخاص وتجنيبه تقلبات أسعار السلع المستوردة والمصدرة، مع ضمان تحسين تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر وغير المباشر إلى الاقتصاد القطري.
ويستمر المصرف المركزي منذ 20 عاما في تنفيذ تثبيت سعر الصرف عند مستوى وسطي قدره 3.64 ريالات للدولار، فيما تتعامل البنوك التجارية ومحلات الصرافة مع الجمهور بسعر صرف يحدده المركزي، مع إضافة هامش صغير في حدود 0.24%.
ويقول المحلل المالي، محمد حمدان، لـ"العربي الجديد"، إن ربط العملات المحلية بالدولار يتطلب من البنوك المركزية استخدام أدوات لتثبيت أسعار صرفها، وتتدخل حال حدوث خلل، وتلك الأدوات مثل الاحتياطيات الأجنبية واحتياطيات الذهب والسندات وغيرها، كما أن ذلك الوضع يتطلب من البنوك المركزية أن تكون مرنة ومستعده للتحرك لجميع السيناريوهات، سواء في حالة صعود سعر العملة أو هبوطها.
ولفت حمدان إلى أن ارتفاع سعر الدولار يزيد كلفة الواردات الخارجية قياسا بالمنتجات المحلية، ولكنه يعزز زيادة استهلاك الإنتاج المحلي، بما ينعكس إيجابا على الحركة الاقتصادية من حيث التشغيل والعمالة وتنشيط الاقتصاد. كما أن تراجع قيمة العملة المحلية، كما هو حاصل في حالة الليرة التركية، يعني أن الصادرات تصبح أرخص بالنسبة للعملاء الآخرين، وهو أيضا ما يزيد الطلب على الإنتاج المحلي.
ويدير "المركزي" الاحتياطات المالية بما يحافظ على استقرار سعر الريال، ويتأكد من قابلية تحويله إلى العملات الأخرى في أي وقت. كما يعمل على تعزيز القطاع المصرفي والمالي واستقرار أسعار السلع والخدمات، ويشجع أيضا على الابتكار في مجال تقديم الخدمات، وبدء الأعمال وممارسة مختلف الأنشطة المالية.
ومن خلال سياسة الاستثمار، يدير "المركزي" احتياطياته المالية، بما يحافظ على استقرار سعر صرف الريال، وتحويله إلى العملات الأخرى في أي وقت، كما يعمل على استقرار الجهاز المصرفي والمالي عن طريق استثمار احتياطاته المالية في أدوات استثمارية مضمونة القيمة، كالسندات الحكومية للدول الصناعية الرئيسية، والودائع المصرفية لدى البنوك والمؤسسات المالية العالمية بالعملات الرئيسية، والاستثمار في الذهب، وتوزيع المحفظة الاستثمارية جغرافياً بهدف توزيع المخاطر.
ويبدو أن قطر ستواصل سياسة تثبيت سعر الريال أمام الدولار.
وقد قال محافظ المصرف المركزي السابق، الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني، خلال كلمة في "منتدى قطر الاقتصادي"، الذي عقد في يونيو/ تموز الماضي: "لا أعتقد أننا سنغيّر نظام ربط العملة في الوقت الحالي، لا حاجة لذلك"، مضيفا أن "التعافي بعد أزمة كورونا قد ينجم عنه ضغط تضخمي، لكنه سيكون مؤقتا".
وسجل "مؤشر أسعار المستهلك" (التضخم) ارتفاعا بنسبة 4.28% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي على أساس سنوي، مقارنة مع الشهر المماثل من العام 2020، كما سجل ارتفاعا شهريا بنحو 1.34% مقارنة مع سبتمبر/أيلول من العام الجاري، ليصل إلى 100.41 نقطة.
ووفقا لبيانات "جهاز التخطيط والإحصاء القطري"، فإن الارتفاع السنوي لمعدل التضخم يرجع إلى زيادة تكاليف غالبية عناصر المجموعات المكونة للمؤشر، وأبرزها الترفيه والثقافة بنسبة 25.31%، والنقل 9.56% والغذاء والمشروبات 4.17%، والأثاث والأجهزة المنزلية بنسبة 3.72%.