قفزة نوعية تشهدها العلاقات الاقتصادية بين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية، خاصة على المستوى التجاري، ما بدا أثره على فعاليات أعمال منتدى الاستثمار السعودي العماني بالرياض، الذي انطلق أول من أمس الأربعاء، بعددٍ من الجلسات الحوارية لاستعراض آفاق القطاعات الاستثمارية الواعدة بين البلدين.
وشهد المنتدى توقيع 13 اتفاقية في قطاعات النفط والبتروكيميائيات والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والتعدين والسياحة والخدمات اللوجستية والنقل وريادة الأعمال والثروة السمكية وغيرها.
وفي صدارة تلك الاتفاقيات، جاء توقيع وزارة المالية العمانية والصندوق السعودي للتنمية على مذكرة تفاهم لتمويل مشروع إنشاء البنية الأساسية للمنطقة الاقتصادية المتكاملة بمحافظة الظاهرة في سلطنة عُمان.
وتتميز الظاهرة بموقعها الاستراتيجي الحدودي مع السعودية، ما يعظم من أهمية مشروع المنطقة الحرة الذي تقدر تكلفة مرحلته الأولى بنحو 122 مليون ريال عماني (317.2 مليون دولار)، ويقع على بعد نحو 20 كيلومتراً من منفذ الربع الخالي الحدودي.
وكانت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والحرة بسلطنة عمان قد أكملت دراسات المخطط الرئيسي لتطوير المنطقة الاقتصادية المتكاملة بالظاهرة، التي خصصت لها مساحة 388 كيلومتراً.
وتناولت جلسة المنتدى الأولى التكامل في الطاقة المتجددة والمستدامة والهيدروجين، في إطار استهداف التحول إلى اقتصاد خالٍ من الكربون والوفاء بالالتزامات الوطنية والإقليمية للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وآثار تغير المناخ من خلال تسريع التحول للطاقة النظيفة والبدء بمبادرات وإجراءات عالمية فورية للحد من انبعاثات الكربون.
🔛 B-2-B sessions at the #SaudiOmaniForum#MISA works with the public and private sectors to identify opportunities, facilitate access
— وزارة الاستثمار (@MISA) February 1, 2023
and to create an enabling regulatory environment that helps business activity to thrive 🤝 pic.twitter.com/oNKOLL1YMG
وناقشت الجلسة الثانية فرص التكامل في الطاقة المتجددة وسلاسل الإمداد، بحضور ممثلين عن سلطنة عمان من ميناء صحار ومجموعة أسياد، وعن السعودية من برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية وهيئة تنمية الصادرات.
وختم المنتدى جلساته بمناقشة سبل الاستثمار بالسياحة والتطوير العقاري، بوجود ممثلين من الجانب العماني يضم وزارة التراث والسياحة وشركة ميسان العقارية، فيما ضمّ الجانب السعودي ممثلين عن صندوق التنمية السياحي والشركة الوطنية للإسكان وشركة دار الأركان.
جاء المنتدى بمثابة فرصة لتبادل رجال الأعمال الرؤى بشأن كيفية إزالة العوائق التي تواجه المستثمرين السعوديين في سلطنة عمان، وتسهيل دخول المنتجات العمانية للأسواق السعودية، وإيجاد حلول لشهادة المنشأ والضريبة الجمركية التي تفرضها الحكومة السعودية على المنتجات والصناعات العمانية، وهو ما أبدى المسؤولون السعوديون استعدادهم للوصول إلى حلول جذرية بشأنه، وعلى رأسهم وزير الاستثمار السعودي، خالد بن عبد العزيز الفالح.
وأكد الفالح، خلال فعاليات المنتدى، حرص حكومة بلاده على تعزيز العلاقات الاستثمارية وتطويرها مع سلطنة عمان، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بينهما وصل خلال النصف الأول فقط من عام 2022 إلى 11 ملياراً و392 مليون ريال سعودي (3.04 مليارات دولار)، حسبما أوردت وكالة الأنباء العمانية.
وكشف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العماني قيس بن محمد اليوسف، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع، حتى سبتمبر/ أيلول من عام 2022، بنسبة 219% مقارنة بعام 2021. وأشار إلى أن مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة السعودي وجّه بإنشاء صندوق خاص للاستثمار في سلطنة عُمان، واصفاً ذلك بأنه "تشارك لرؤية عُمان 2040 ورؤية السعودية 2030 في العديد من الأسس والمحاور".
وكان وليّ العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، قد وجه صندوق الاستثمارات العامة بتأسيس "الشركة السعودية العمانية للاستثمار" برأس مال قدره 5 مليارات دولار، بهدف اغتنام الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات، وذلك بعد زيارته لسلطنة عمان في سبتمبر الماضي. ووفق بيانات رسمية، فإن حجم الصادرات العُمانيّة غير النفطية إلى السعودية حتى سبتمبر 2022 بلغ أكثر من 659 مليون ريال عُماني، مرتفعاً بنسبة 33.98% عن عام 2021.
وإزاء ذلك، عملت الحكومة العمانية على ربط مستهدفها الخاص بالتنويع الاقتصادي بتوطيد العلاقات الاقتصادية مع السعودية، عبر جذب الشركات العاملة في المملكة للاستثمار في قطاع الطاقة النظيفة بالسلطنة، خاصة إنتاج الهيدروجين الأخضر. ولدى عمان حالياً 4 مشروعات مع شركات كبرى في هذا المجال، بينهما "أكوا باور" السعودية، التي تولي حكومة السلطنة أهمية خاصة للتعاون معها.
جدير بالذكر أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي شريك أساسي في صندوق "ركيزة" للبنية الأساسية في عمان، الذي يهدف إلى جلب رؤوس الأموال إلى السلطنة من مستثمرين عالميين.