أظهر تقرير مصغر أعدته جمعية تمكين للمساعدة القانونية، أن 102 عامل وعاملة من ضمن 207 أشخاص قابلتهم فرق الجمعية المنتشرة في أنحاء عدة من الأردن، قرروا بيع أصواتهم الانتخابية.
وقال التقرير الذي انتهى فريق "تمكين" من إعداده عشية إجراء الانتخابات البرلمانية ونشره اليوم الخميس، إن 31 % ممن قرروا بيع أصواتهم الانتخابية عزوا ذلك إلى خفض أجورهم في ظل جائحة كورونا، و18% منهم قرروا بيعها بسبب خسارتهم عملهم، فيما كان 39% ممن قرروا بيع أصواتهم من عمال المياومة الذين يُعتبرون من الفئات الأكثر تضررا من الحظر الذي فرضته الحكومة، كما شكلت الأمهات العاملات المعيلات 12% من نسبة ممّن قرروا بيع أصواتهم الانتخابية.
ويقول التقرير: "لم تكد البلاد تخرُجُ من الحظر الأولِ الممتدِ لنحو 50 يومًا، وتبعاته الاقتصاديّة والاجتماعيّة، حتى باتت تدخل بحظرٍ تلو الآخر وبشكلٍ متتابعٍ وعلى فترات، ابتداءً من حظر آخر الأُسبوع، ومرورًا بعزل المناطق الموبوءة، وليسَ انتهاءً بحظر ما بعد الانتخابات، إذ استيقظَ الأُردنيون مطلع الأُسبوع الماضي على خبر استمرار الانتخابات البرلمانيّة، رغم تزايد أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، وتجاوزها حاجز الـ4000، ما دفع بالعديد من العمال للتفكير ببيعِ أصواتهم الانتخابيّة مُقابل مبالغ ماليّةٍ تُساعدهم على تمضية أيام الحظر".
وجاءت انتخابات 2020 في ظل ظروف صعبة على العديد من الأسر الفقيرة التي وجدت في الانتخابات ملاذا لتجاوز حد الفقر ولو لفترة مؤقتة، حيث عمد أفرادها إلى إيجاد أي فرصة للحصول منها على مبلغ مالي يوفر لأسرهم أدنى متطلبات الحياة من طعام وشراب أثناء فترة الحظر.
وقامت تمكين برصد عدد من تعليقات وردود فعل رواد مواقع التواصل الاجتماعيّ حول إمكانيّة بيعهم لأصواتهم عقب إعلان الحظر الشامل الممتد من مساء يوم الثلاثاء الموافق 10 نوفمبر/ تشرين الثاني وحتى صباح يوم الأحد 15 نوفمبر، إضافة إلى إجراء عدد من المقابلات يوم بدء التصويت لانتخاب أعضاء مجلس النواب.
ولفت التقرير إلى أن الشهادات التي تلقوها من العمال ربطت ما بين الحظر والبيع، لأنه وباعتقادهم أنَّ الأول يزيد من إمكانيّة حدوث الثاني، فالعديد من الناس لا يجدون قوت يومهم إبان العمل، فكيف سيجدونه وقت الحظر، فيما يميلون للاعتقاد بأن الحكومة تقوم بتشجيع بيع الأصوات باعتماد إجراء الحظر والتمسك بالانتخابات النيابيّة في ظل الجائحة، وعبَّرَ أحد العمال عن هذا بقوله: "في ناس كثير ما معها تاكل وما في دعم من الحكومة والحل هو بيع الأصوات، أنا مش عارف كيف بتفكر الحكومة".
في حين اتفقَ معه آخر على أن "اللي مش لاقين ياكلو ببيع صوتو احسن ما يبيع عيالو"، حيث طالب البعض بدعمٍ حكوميٍّ يوفر مستلزمات أُسرهم ويعين أطفالهم عقب الحظر.
وقال أحد عمال المياومة إنه بحث عمّن يشتري صوته الانتخابي ليبرر تصرفه بالقول: "بديّ أشتري مونة الحظر بعد الانتخابات بدل ما هي الثلاجة فاضية، بلا انتخابات".
فيما قالت إحدى السيدات العاملات وهي تعيل أسرتها المكونة من 6 أفراد: "الأوضاع الاقتصادية صعبة، والناس محتاجة الغذاء والدواء والتدفئة للشتاء القادم لهيك بدنا نبيع أصواتنا".
وأكد أحد عمال المياومة في واحدة من مناطق عمان الشرقية الأشد فقراً أن هنالك المئات من الطرود الغذائية ومغلفات تحوي مبالغ مالية جرى توزيعها على أسر فقيرة، وزعها مرشحون وأنصارهم للحصول على أصوات أناس همهم الوحيد تأمين لقمة عيشهم، وانتشال أطفالهم من الجوع.
وعلى الرغم من خطورة الوضع الوبائي في الأردن، جرى تنفيذ الانتخابات مع توقع ارتفاع أعداد الإصابات بعد انتهائها، ومخاوف من موجة ثانية لكورونا بالأردن، تهدد السلامة العامة وتحصد أرواح السُكان.
وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد الأردني يعاني من تحديات غير مسبوقة نتيجة للظروف المحيطة الناتجة عن إغلاق الحدود مع كل من العراق وسورية لسنوات طويلة، والتداعيات السلبية لأزمة كورونا، حيث انعكست تداعيات الأزمة بشكل كبير على معيشة أغلب المواطنين.
وكان البنك الدولي قد توقع، في تقرير له في شهر أغسطس/ آب 2020، أن يزيد عدد الفقراء في الأردن خلال العام الحالي جراء تأثيرات الجائحة.
وقال البنك إن نسبة الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 1.3 دينار يومياً (1.83 دولار)، وهو خط الفقر المدقع عالمياً، ستزيد خلال العام الحالي عن 27%.
ووفقا لتصنيف البنك الدولي، يأتي الأردن من بين 8 اقتصادات نامية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تظهر فيها بشكل أكبر معدلات الفقر بين السكان هذا العام نتيجة التأثيرات السلبية لوباء كورونا في الاقتصاد وهي: لبنان والعراق والجزائر وإيران والأردن والمغرب وتونس ومصر.