في سورية هناك عدة أسعار صرف رسمية لليرة مقابل العملات الأخرى، تصدر عن "مصرف سورية المركزي"، منها لائحة أسعار صرف خاصة بالمصارف والصرافة وأخرى للبدلات العسكرية، بينما هناك نشرات خاصة بشركات الطيران، وكل هذه النشرات السابقة تدور حول السعر الرسمي الذي يصدره المركزي، لكنها جميعاً تبقى دون مستوى سعر صرف السوق السوداء (الموازي) الذي يعتبر أقربها لقيمة الليرة.
ومع تراجع قيمة الليرة السورية إلى أسعار قياسية وخاصة في مطلع عام 2021 عندما تخطّت حاجز الـ4700 في شهر مارس / آذار الفائت، حاول المصرف المركزي توحيد أسعار الصرف بعد رفعها تماشياً مع أسعار السوق الموازي، واتخّذ إجراءات تجرّم التعامل بالعملات الأجنبية سعياً منه لضبط الأسعار التي يعلم أنها ليست حقيقية، بحسب ما قال الخبير الاقتصادي أحمد سليمان لـ"العربي الجديد".
ويضيف سليمان أن الليرة فقدت أكثر من 93 بالمائة من قيمتها الشرائية خلال السنوات العشر الماضية، وتضاعفت أسعار الصرف في عام 2020 وحده أكثر من 211 بالمائة، لكن النظام يصرّ على تحديد أسعار صرف بعيدة عن القيمة الحقيقة لها، بغية جني المزيد من الأرباح التي تأتي من فارق عمليات الصرف، وخاصة من الحوالات والمساعدات الإنسانية التي تصل بالدولار.
وبدوره، قال الباحث المهتم بالشأن الاقتصادي، إبراهيم عليان، لـ"العربي الجديد"، إن النظام يعلم أن سعر الصرف الذي يطرحه غير واقعي، ويعلم في الوقت نفسه أن سعر السوق الموازي هو الأقرب لحقيقة قيمة الليرة، لكنه لا يستطيع الضغط على "الجمعية الحرفية للصاغة" التي تصدر عنها أسعار الذهب، خوفاً من تخفيض سعره الحقيقي ومن ثم تسرّبه إلى خارج البلاد.
وبحسب "عليان" فإن السوق الموازي يقيّم سعر الليرة بناءً على نشرات سوق الذهب، إذ تقيم جمعية الصاغة غرام الذهب بسعره الحقيقي أمام الدولار، وحينها يستنير المتعاملون في السوق السوداء بتلك الأسعار التي تعكس قيمة الليرة بشكل قريب من الواقع، ويعتمدون آلية تسمى التقييم عبر "الدولار الذهبي" أو الدولار المقوّم بالذهب.
وأشار الباحث في حديثه إلى أن حكومة النظام السوري تجعل الجميع خاسراً بإنكارها سعر الصرف الحقيقي وفرضها التعامل بالأسعار التي تصدر عنها فقط، وهذا يصب في صالح المتحكّمين بالسوق السوداء الذين يلجأ إليهم كل من يرغب في تصريف العملات داخل مناطق سيطرة النظام بسعر أفضل، والذين هم في الغالب من المقرّبين من النظام وممن شكّلوا ثروات نتيجة الحرب.
وتراوح سعر الصرف بين 50 و45 ليرة للدولار حتى عام 2011، لكنه بدأ بالتراجع بالتزامن مع اندلاع الثورة عام 2011، وشهد تراجعات كبرى منذ عام 2013، إذ وصل سعر صرف الدولار في مارس/ آذار إلى نحو 120 ليرة. ومنذ مطلع العام الجاري أضيفت أسباب جديدة إلى العوامل الاقتصادية، التي هوت بالعملة المحلية إلى نحو 3500 ليرة للدولار حالياً.
(العربي الجديد)