لا كسوة عيد جديدة لمعظم الأطفال المصريين

08 ابريل 2024
ركود أسواق الملابس بسبب ارتفاع الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الأسر المصرية تواجه تحديات كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الملابس مع اقتراب عيد الفطر، مما يجبر البعض مثل ياسر عبد النعيم والسيد التركي على عدم شراء ملابس جديدة أو اللجوء إلى الأسواق الشعبية.
- بعض الأسر، مثل حسنية بلال وفاطمة عبد العال، تتجه نحو شراء الملابس المستعملة كحل بديل لمواجهة الأسعار المرتفعة، معبرين عن يأسهم من العثور على ملابس مناسبة.
- انخفاض حاد في معدلات بيع الملابس بالأسواق المصرية بسبب ارتفاع الأسعار، مع تأكيد من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء على تضخم سنوي بنسبة 36%، مما يعكس الضغط الاقتصادي الكبير على المستهلكين.

تحولت كسوة العيد إلى هاجس يؤرق غالبية الأسر المصرية بعد أن ألقت موجة ارتفاع الأسعار بظلالها على أسواق الملابس في مصر تزامناً مع قرب حلول عيد الفطر.

وشكا مواطنون عدم قدرتهم على تلبية حاجات أطفالهم من ملابس جديدة تدخل الفرحة إلى قلوبهم.

"لن أشتري ثياباً جديدة هذا العيد"، كان قرار الرجل الأربعيني الأب لثلاثة أطفال، ياسر عبد النعيم، بعد أن نزل إلى الأسواق، للبحث عن أرخص المحال التجارية لشراء ملابس العيد لأبنائه منها، إلا أنه فوجئ بوجوه تتجول بين المحال تنظر إلى الأسعار، وتغادر دون شراء، وتئِنّ تحت وطأة الحيرة والقلق، بسبب العجز عن تلبية احتياجات أسرهم البسيطة في عيد الفطر.

"الأمر ليس فرديًا، فالجميع يعاني".. قالها عبد النعيم في أثناء تجوله بين المحلات بحثاً عن أسعار تناسب ميزانيته البسيطة. وأضاف لـ"العربي الجديد": لقد اعتدت شراء ملابس العيد لأبنائي في كل عيد، وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار في كل مرة، إلا أنها كانت في متناول المستطاع، أما الآن فالارتفاع أكبر من قدرتي على الشراء وبددت أحلامي في إدخال فرحة العيد عليهم.

ويقول أحد زبائن سوق المنشية وسط الإسكندرية، السيد التركي، لـ"العربي الجديد": أشعر بالغضب والاستياء من الارتفاع المفرط في أسعار ملابس العيد هذا العام، فقد تابعت بنفسي انخفاض أسعار الدولار في السوق السوداء، ولكن لا يبدو أن التجار يلقون بالًا لهذا الأمر، هل يعقل أن نرى ارتفاعًا بنسبة 200% في أسعار الملابس بين عام وآخر؟ هذا ببساطة غير مقبول.

وتابع قائلاً إن الظروف الاقتصادية أجبرته على التوجه للشراء من أحد الباعة على الرصيف في أحد الأسواق الشعبية "لتوفير ما يطلبه أطفالي الثلاثة من الملابس، لكون أسعارها في متناول قدراتي وميزانيتي البسيطة وأرخص عند المقارنة بالمحلات".

في أحد محالّ الملابس المستعملة، تقف الأم الأربعينية، حسنية بلال، تقلب بعينيها ويديها بين القطع المعروضة في إناء بلاستيكي قديم، باحثة عن مقاس يناسب طفلتها الصغيرة ذات الـ6 أعوام، ولكن اليأس يتسلل إلى قلبها، عندما تفشل في العثور على المراد، ما يضطرها إلى المغادرة باحثة عن محل آخر للملابس المستعملة.

وتقول الأم الأربعينية، لـ"العربي الجديد": حين قررت شراء ملابس جديدة لطفلتي، صُدمت بغلاء الأسعار في المحلات، فالتجار يستغلون أي فرصة لرفع الأسعار وزيادة أرباحهم، بغضّ النظر عن الوضع المالي الصعب الذي يعيشه الكثيرون منا، لماذا يُحمَّل دائمًا المستهلكون تكاليف المصاريف المرتفعة؟ يجب على الحكومة التدخل ووضع رقابة على الأسعار لحماية حقوقنا.

وتابعت: طفلتي الصغيرة تستحق الاحتفال بالعيد بملابس جديدة، إلا أن الأوضاع المالية لا تسمح بذلك، فليس لدي القدرة على شراء ملابس جديدة، وبدلاً من الاكتفاء بالملابس القديمة، قررت هذه المرة شراء الملابس المستعملة التي يبدو أنها أصبحت الخيار الوحيد.
الأم لثلاثة أطفال، فاطمة عبد العال، لجأت هذا العام إلى محلات بيع الملابس المستعملة؛ بسبب ارتفاع أسعار ملابس العيد، وتقول: لا يمكنني تحمّل أسعار الملابس الجديدة في الأسواق التجارية، وبالتالي فإن سوق الملابس المستعملة يوفر لي فرصة لشراء ملابس بأسعار معقولة، وبعضها لا يزال في حالة جيدة، ويمكنني العثور على قطع مميزة بأسعار مناسبة.

الأمر ذاته تقوله الطالبة في الفرقة الثالثة بكلية الألسن في جامعة عين شمس، سلمى عقل. وتضيف: لا أستطيع تحمّل أسعار الملابس الجديدة، بسبب أحوال أسرتي المادية الضعيفة التي تجبرني على التوجه إلى الخيار الأرخص، ولحسن الحظ، يمكنني العثور على بعض القطع المميزة في سوق الملابس المستعملة.

أسواق
التحديثات الحية

ومن أمام بوابة محل الملابس وسط الإسكندرية، يقول عادل الزغبي، صاحب المحل، لـ"العربي الجديد"، إن معدلات البيع هي الأقل على الإطلاق في العام الحالي، إذ اعتاد التجار زيادة نسب البيع في الأعياد من كل عام مهما زادت الأسعار، إلا أن الوضع يختلف في هذه المرة.

وأضاف الزغبي أن المستهلكين لاحظوا زيادة كبيرة في الأسعار مقارنة بالسنوات السابقة، وينتقدون ذلك بشدة، إذ توقعوا انخفاضها بعد تراجع سعر الدولار في السوق الموازية، إلا أن الحقيقة تختلف عن ذلك كثيرًا، إذ تزيد تكاليف الإنتاج والأقمشة كثيراً حتى مع انخفاض الدولار.
وحسب بيان للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية سجل تضـخماً سنوياً قدره 36% في شهر فبراير/ شباط الماضي، مدفوعًا بارتفاع قسم الملابس والأحذية 4.9%.

يقول عادل الزغبي، صاحب المحل، لـ"العربي الجديد"، إن معدلات البيع هي الأقل على الإطلاق في العام الحالي

وعن سبب ارتفاع أسعار الملابس، على الرغم من انخفاض أسعار الدولار في السوق الموازية، قالت عضو شُعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، سماح هيكل، في تصريحات صحافية، إنه ما زال تذبذب الأسعار يُخيم على أسواق الملابس، ما أدى إلى انخفاض حجم المبيعات مقارنة بالأعوام الماضية.

وأشارت هيكل إلى أن ارتفاع الأسعار جاء نتيجة استيرادها منذ فترة تصل إلى 4 أشهر، وذلك قبل تراجع قيمة الدولار في السوق الموازية، متوقعة انخفاض الأسعار على المدى البعيد، وذلك في حالة إذا استقرت أسعار الدولار، ولم ترتفع مرة أخرى.

موقف
التحديثات الحية

في المقابل، يرى عضو شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية بالإسكندرية، ناصر محمد، أن تراجع القوة الشرائية للمواطن ساهم كثيراً في انخفاض حركة البيع والشراء بسوق الملابس في مصر، لافتاً إلى أن الارتفاعات التي شهدتها أسعار الملابس نتيجة زيادة سعر الدولار خلال الفترة الأخيرة، أثرت في جميع مستلزمات الإنتاج وتكلفته، وهو ما يؤثر في سعر المنتَج النهائي في الأسواق.

وأكد محمد فى حديثه لـ"العربي الجديد "أن مصر تستورد 65% من احتياجاتها من الغزل الذي يعتبر المكون الرئيسي في صناعة الملابس، والباقي يُنتَج محليًا، مشيرًا إلى ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة بنسبة 40% في المحلات.