اتخذ لبنان منحى التخفيف من صدمة عدم العثور على الغاز في مياهه، حيث أصدرت هيئة إدارة قطاع البترول التابعة لوزارة الطاقة والمياه بياناً اليوم الخميس، توقفت فيه عند نتائج الحفر الأولية في البلوك رقم 9 التي وفق تعبيرها "تعطي قوّة دفع إضافية للاستكشاف في البحر اللبناني".
يأتي ذلك في وقتٍ تحدّث أكثر من مصدر مطلع على ملف النفط والغاز في لبنان عن أنه لم يُعثَر على كميات تجارية أو غاز في البلوك رقم 9 البحري بعد عمليات الحفر، وذلك في مشهدٍ يذكّر بإغلاق البلوك رقم 4 قبل نحو 4 أعوام لخلوّه من الغاز.
وتناقلت وسائل الإعلام منذ أيام أخباراً مفادها توقف شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية عن عملية الحفر في البلوك رقم 9 على عمق 3900 متر، بعدما تبيّن لها عدم وجود كميات تجارية في مكمن "قانا"، مع الإشارة إلى أن منصّة الحفر بدأت عملها أواخر شهر أغسطس/آب الماضي، وسط تفاؤل المعنيين بوجود ثروة نفطية في المياه اللبنانية.
وقالت هيئة إدارة قطاع البترول في بيان إنه "بعد استكمال أنشطة حفر بئر الاستكشاف قانا 1/31 في موقع الحفر في الرقعة رقم 9 في المياه البحرية اللبنانية من قبل المشغل شركة توتال إنرجيز، وبعد استكمال جمع البيانات والعينات الناجمة عن أنشطة الحفر ليل الأحد - الاثنين الفائت، وبانتظار التقرير التقني المفصّل الذي تعدّه توتال، والتزاماً بمبادئ الشفافية التي دأبت الوزارة وهيئة إدارة قطاع البترول على اتباعها، يهمّنا أن نبيّن، أن اختيار موقع البئر في حوض قانا غير المستكشف هدف إلى الاجابة عن سؤالين محوريين لمستقبل عمليات الاستكشاف في البحر اللبناني".
وأضافت: "أولاً، تأكيد أو نفي وجود مكامن (Reservoirs) ونوعيتها خاصة بالبحر اللبناني، في طبقة جيولوجية لم يتم اكتشاف مكامن فيها في الحوض المشرقي بعد، ثانياً، مدى تشابه وامتداد الطبقات الجيولوجية التي تم تسجيل اكتشافات غازية فيها في بحر فلسطين المحتلة بمثيلاتها في البحر اللبناني وتأكيد أو نفي وجود مكامن غازية ونوعيتها".
وتابعت الهيئة بيانها، قائلة: "لقد تمّ من خلال الحفر اختراق الطبقات المستهدفة وتأكيد وجود مكمن بنوعية جيدة يحتوي على الغاز في الطبقة الخاصة بلبنان التي أشرنا إليها"، لافتة إلى أن "اكتشاف هذا المكمن في حوض قانا يوجب إجراء دراسة موسعة لفهم أعمق يسمح برسم خريطة لهذا النوع من المكامن في حوض قانا وعلى امتداد البلوك 9 والبلوكات المحيطة بهدف تحديد أماكن المكامن التي يمكن أن تحوي مواد هيدروكاربونية بكميات تجارية".
كما تم تأكيد امتداد الطبقات الجيولوجية التي سجل فيها اكتشافات غازية في بحر فلسطين المحتلة إلى البحر اللبناني وتم تأكيد وجود مكامن بنوعية جيدة جداً التي احتوت على آثار للغاز في الموقع الذي حفرت فيه البئر، وفق تعبير هيئة إدارة قطاع البترول.
وشددت الهيئة على أن "الاهتمام سينصبّ في الأشهر المقبلة، على استعمال البيانات والعينات التي تم الاستحصال عليها من داخل البئر من أجل نمذجة أدق لحوض قانا بهدف تحديد الامتداد الجغرافي للمكامن المكتشفة داخله وفي المناطق المحيطة به ورفع نسبة النجاح لتحقيق اكتشافات غازية مستقبلاً في حوض قانا والمناطق المحيطة التي تمتد على عدة بلوكات بحرية".
وأكدت في ختام بيانها أنه "بالرغم من عدم حصول اكتشاف لمواد هيدروكاربونية نتيجة لحفر هذه البئر، إلّا أن البيانات والعينات التي تم الاستحصال عليها من داخل البئر ستشكل أملاً جديداً ومعطيات إيجابية لاستمرار عمليات الاستكشاف في البلوك 9 والبلوكات الأخرى، وبالأخص تلك المحيطة ببلوك 9، كذلك فإنها تعطي قوة دفع إضافية للاستكشاف في البحر اللبناني".
من جهته، قال وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض في مؤتمر صحافي بعد اجتماع عقدته لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه اليوم الخميس إنّ "العمل الذي حصل بموضوع حفر البئر أنجز بشكل محترف من قبل شركة توتال والكونسورتيوم وفي فترة قصيرة، والإنجاز التاريخي وهو ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل سمح بوضع التزام مباشر من قبل الشركات بالحفر ونشاطات الاستكشاف".
وأضاف فياض: "تم الحفر، لكن النتائج بالفعل لم نجد مكمناً تجارياً في مكان الحفر، علماً أنه متفق عليه من الخبراء كافة، ولم يشكّك فيه أحد، العمل المطلوب أنجز بالتالي، والنواحي الإيجابية أننا استطعنا أن نتأكد أن هناك مكامن في الطبقات الجيولوجية التي كانوا يبحثون عنها، أي بعمق معيّن تحت أرض المياه وبالأعماق، ورغم وجود الرمل فيها، وهو مؤشر جيد، لأن الرمل يجعل المكمن يحتوي على الغاز ويحبس الغاز فيه، وبعض النواحي العلمية التي يبحثون عنها، كل المؤشرات إيجابية كانت، لكن لم يجدوا كميات تجارية بهذه المكامن".
ولفت فياض إلى أنه "مقارنة بالتجربة السابقة، ما حصل يعدّ بمثابة تقدّم ويثبّت بعض المعلومات ويساعد بالمرحلة المقبلة لمتابعة العمل بحقل قانا أو بالبلوك 9 أو البلوكات المحاذية"، مشيراً إلى أنه "يجب ألا ننسى أن الالتزام تخطى الالتزام بالبلوك 9 من قبل الشركات فهم قدّموا على البلوك 8 و10 وما كانوا ليقدموا على ذلك لو لم تكن هذه الحقول والبلوكات واعدة، وفي الوقت نفسه، لدينا رخصة الاستطلاع التي لزّمناها لشركة مختصة للبلوك 8 لتقوم بالمسح البيني الثلاثي الأبعاد، وبالتالي، هناك أمور تسير وممكن أن نبني عليها النتائج".
وأكمل فياض أيضاً: "نحن بانتظار تقارير فنية تصدر عن توتال، وهذا سيأخذ شهرين أو عدداً من الأشهر للانتهاء منه، وسيكون فيه كل التفاصيل، وعندها المعطيات تصبح لدينا أوضح لتقرير الخطوة المقبلة من حيث إذا كان هناك بئر ثانية، وأين تكون وبأي سرعة نصل للالتزام".
وقال فياض: "لا ننسى الوضع غير المستقر على الحدود الجنوبية اللبنانية مع فلسطين المحتلة، والأعمال التي أشرت إليها تتطلب الاستقرار، لكن بالوقت نفسه الإنتاج في المقلب الآخر بالجنوب متوقف أيضاً، ومعادلة القوّة تفرض الالتزام معنا بالتنقيب وبالبحث عن الغاز والقطاع النفطي والغاز في لبنان بالتوازي مع الأعمال من الجهة الأخرى وهذا موضوع نتمسك به حتى النهاية وسنتابع الأعمال بكل التزام سياسي واقتصادي لنكمل بأسرع وقت ممكن".
وفي منتصف أغسطس/آب الماضي، أعلن وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية وصول باخرة التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9، جنوب لبنان.
وقالت شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية، إن "البئر الاستكشافية ستسمح لنا بتقييم الموارد الهيدروكربونية، وإمكانات الإنتاج في هذه المنطقة"، مبدية تفاؤلها بوجود ثروات في حقل قانا في البلوك رقم 9. وتعدّ الشركة الفرنسية هي المشغّل للرقعة رقم 9 في المياه اللبنانية مع حصّة 35%، إلى جانب شريكيها "إيني" الإيطالية، 35%، وقطر للطاقة 30%.
وكان وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال، وليد فياض، قد أكد أن أعمال الحفر لم تتوقف في البلوك رقم 9 على الرغم من المواجهات التي تحصل بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة.