قال محللون إن الهجمات الروسية على الموانئ الأوكرانية تستهدف زيادة حصتها من سوق الحبوب العالمي في وقت تحظى فيه بمحصول وفير، كما تستهدف موسكو كذلك الحصول على دخل أعلى من صادرات الحبوب لتمويل الحرب في أوكرانيا.
وإضافة إلى ذلك، فإن موسكو تستهدف كسب الدول الأفريقية التي كانت تعتمد على الإمدادات الأوكرانية من القمح والذرة والشعير وغيرها من الحبوب.
وحسب تقرير بصحيفة "فايننشيال تايمز" اليوم الخميس، أدى انهيار صفقة الحبوب في البحر الأسود والضربات الروسية على البنية التحتية الأوكرانية إلى تجديد التهديد للأمن الغذائي في العالم، حيث تضغط موسكو من أجل الحصول على حصة أكبر من صادرات الحبوب العالمية.
واستهدفت روسيا وأوكرانيا البنية التحتية لصادرات السلع الأساسية لبعضهما البعض منذ انسحاب الكرملين في يوليو/تموز من صفقة بوساطة الأمم المتحدة تسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، مما دفع التجار للخوف من تعطل المزيد من الإمدادات.
استهدفت روسيا وأوكرانيا البنية التحتية لصادرات السلع الأساسية لبعضهما البعض منذ الانسحاب من اتفاقية الحبوب
وشنت القوات الروسية ضربات صاروخية على محطات الحبوب الأوكرانية، وهددت باستهداف جميع السفن التي تعبر البحر الأسود إلى موانئها، بينما شنت كييف ضربات بطائرات مسيرة ضد سفينة حربية روسية وناقلة نفط روسية.
وحسب التقرير، قال كبير الاقتصاديين في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، عارف حسين، إن هذا التصعيد "يزيد من المخاطر ويؤدي إلى حالة من عدم اليقين".
وأضاف، "أي خطوة خاطئة من قبل أي من الطرفين ستكون لها عواقب وخيمة، لأنه لا يوجد بديل فوري لجميع الحبوب التي تصدّرها روسيا وأوكرانيا من البحر الأسود".
وقال محللون إن عرقلة قدرة أوكرانيا على تصدير القمح والشعير والذرة والحبوب الأخرى يفتح فرصة لموسكو للاستيلاء على حصة أكبر من سوق الحبوب العالمية.
وأدت الحرب إلى ارتفاع الأسعار، مما سمح للكرملين بتعويض بعض الإيرادات المفقودة بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية.
وتعد روسيا بالفعل أكبر مصدّر للقمح في العالم، حيث أنتجت محصولًا قياسيًا للحبوب في موسم 2022-2023، مما أدى إلى إنتاج حجم أكبر بنسبة 23 في المائة مما كان عليه في المتوسط في السنوات الخمس السابقة. ومن المتوقع أن ينتج أقل بقليل في العام المقبل، لكنه لا يزال محصولًا وفيرًا.
ومن المرجح أن يمنح هذا الإنتاج الوفير موسكو 60 مليون طن للتصدير في العامين الجاري والمقبل، وهو أكثر بكثير من المعتاد، وفقًا للأرقام الصادرة عن مؤسسة " ستاندرد آند بوورز كوميدتي إنسايت".
تعد روسيا بالفعل أكبر مصدر للقمح في العالم، حيث أنتجت محصولًا قياسيًا للحبوب في موسم 2022-2023
في هذا الصدد، قال محلل الزراعة والأسمدة في شركة CRU الاستشارية الأميركية، أنتوني ريزو،: "موسكو ترى فرصة في هذه الهجمات على الموانئ الأوكرانية، حيث إذا قامت بإخراج الحصة الأوكرانية من السوق، فهناك الكثير من حصة الحبوب العالمية التي يمكن لروسيا أن تأخذها بسبب تعطيل الصادرات الأوكرانية".
وبحسب ريزو، فإن كمية كبيرة من المحصول القياسي مخزّنة في المخازن ويجب تصديرها "لإفساح المجال" للحصاد المقبل.
وأضاف "أرى أن عملية منع الصادرات الأوكرانية من الحبوب مسرحية تمثلها موسكو، ليس فقط لإضعاف تمويل أوكرانيا، ولكن أيضاً لتعزيز تمويلهم".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد قال إن روسيا ستزود بعض الدول الأفريقية بالحبوب بالمجان، وهي المنطقة التي كانت تعتمد على أوكرانيا في الإمدادات بعد أيام من انهيار الاتفاق.
ويأتي انهيار صفقة تصدير الحبوب الأوكرانية في الوقت الذي يواجه فيه النظام الغذائي العالمي اضطرابات تتراوح من حظر الهند تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي إلى أسعار قياسية لزيت الزيتون.
وفي حين أن أكبر مستوردي الحبوب الأوكرانية عن طريق البحر هما الصين وإسبانيا، فمن المرجح أن تكون الدول الأكثر تضررًا من عرقلة تصدير الحبوب الأوكرانية، هي الدول النامية في أفريقيا ودول الشرق الأوسط التي تعتمد على نسبة أكبر من الإمدادات الروسية.