كشفت مصادر مسؤولة في مصرف ليبيا المركزي لـ"العربي الجديد" أن "المقاصة" بين البنك المركزي في طرابلس، والبنك المركزي في البيضاء، تعود بشكلها الطبيعي في غضون أيام قليلة وذلك لإنهاء انقسام أعلى سلطة نقدية في البلاد منذ عام 2014.
وأكدت المصادر أن مصارف المنطقة الشرقية العامة والخاصة بدأت عمليات بيع النقد الأجنبي وفق سعر الصرف الجديد، وذلك بعد تسوية أوضاعها المالية عبر قرض بقيمة 5 مليارات دينار (الدولار يساوي 4.45 دنانير)، لتسوية حساباتها عبر مركزي البيضاء في شرق البلاد.
ويأتي ذلك، بالتزامن مع قرب انتهاء شركة "ديلويت" الانكليزية مراجعة حسابات المصرفين، وتراهن الأمم المتحدة على أن تكون هذه العملية الرقابية ضربة البداية في توحيد المصرف المركزي بشكل كامل، وذلك بعدما كان كل مصرف مركزي منهما يطبع أوراقا نقدية بشكل منفصل عن الآخر.
وتم انتخاب مجلس رئاسي، ورئيس حكومة للوحدة الوطنية يتولى تشكيل حكومة مؤقتة لإدارة الوضع العام في البلاد عبر مخرجات الحوار السياسي في جنيف، تمهيدا للانتخابات العامة المزمع إجراؤها في شهر ديسمبر/ كانون الأول من السنة الحالية.
وقال مدير السيولة في المصرف المركزي البيضاء رمزي آغا لـ "العربي الجديد" إن نقل المنظومة المصرفية إلى شرق البلاد في عام 2014، نتج عنه فصل المصارف الخاصة، ما أدى إلى شلل كامل في النظام النقدي. وأرجع سبب ذلك إلى توقف التدفقات المالية للقطاعات والمؤسسات والوزارات.
من جانبه، أكد المحلل المالي سليمان الشحومي أن الأزمات أصبحت تعصف بشدة في النظام المصرفي الرسمي ما يدفع بقوة إلى انهيار شامل.
وأوضح في تصريحات لـ "العربي الجديد" أن المقاصة وإرجاع الصكوك ورفض تسويتها بين أعضاء النظام المصرفي الرسمي إجراءات أساسية لتحقيق معالجات شاملة وحقيقية وإنقاذ النظام المصرفي الليبي.
وشدد على أهمية دمج المنظومة المصرفية غير الرسمية في الدورة النقدية لتكون جزءا منها وليست منافسة لها، وأن تكون عملية الدمج وفقا لقواعد ترسخ الحرية الاقتصادية ورفع القيود الكمية وتحرير الأسعار بالدرجة الأولى.
واعتبر أن باقي الخطوات تأتي تباعاً في إطار برنامج يشترك في إعداده المصرف المركزي الموحد والمصارف التجارية الرسمية وغير الرسمية.
وفي سياق آخر، دعا الخبير المصرفي محمد أبو سنينة إلى ضرورة استحداث المصارف المركزية أقساما لحماية المستهلك، ضمن تشديد الرقابة على القطاع المصرفي وبما يتفق والمعايير الدولية التي أقرتها لجنة بازل للرقابة المصرفية، حيت أدركت المصارف المركزية وجود علاقة بين حماية المستهلكين الماليين واستقرار الأسواق وكفاءتها.
وأدى عدم الاستقرار الأمني والسياسي وتدهور الأوضاع المالية والاقتصادية إلى تفاقم الأزمات المعيشية لليبيين الذين وقعوا ضحية تصاعد الصراع بين الأطراف المتنازعة.
وفي عام 2020، حذرت مجموعة إدارة الأزمات الدولية "كريزيس غروب" وهي مركز أبحاث دولي مقره بروكسل، من أن الأزمة المصرفية المهملة في ليبيا وصلت إلى ذروتها، مما يغذي احتمالات حدوث انهيار مالي واقتصادي كبير في البلاد.