انطلقت في الدوحة، اليوم الثلاثاء، أعمال المؤتمر العالمي الخامس للتحكيم الدولي، الذي ينظمه مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم، على مدار يومين تحت شعار "التحكيم في الشرق الأوسط.. الحاضر والمستقبل".
وقال وزير العدل القطري، إبراهيم بن علي المهندي، في كلمة افتتاحية، إن المؤتمر العالمي يأتي تماشياً مع الجهود الوطنية الحثيثة لبلاده في سبيل تعزيز دور الوسائل البديلة لفض المنازعات المدنية والتجارية، بما في ذلك الوساطة والتحكيم.
وأكد الوزير أهمية العمل على نشر وتعزيز ثقافة التحكيم بوصفها وسيلة فعالة وناجعة لحل المنازعات وتسويتها، وبما يجعل قطر مقراً إقليمياً للتحكيم، وواحة لحل النزاعات التجارية بالوسائل البديلة، مستفيدة في ذلك من منظومتها القانونية الحديثة والمتطورة، والخبرة العالية لدى الجهات العدلية ومركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم.
وثمّن وزير العدل إسهامات التحكيم في تخفيف أعباء القضايا أمام المحاكم، وتسوية النزاعات التجارية، وأشار إلى أن عدد الدعاوى المرسلة التي بُتَّ فيها خلال النصف الأول من العام الجاري بلغ 44 حكماً، بنسبة زيادة 29% مقارنةً بالنصف الأول، كذلك انخفضت مدة الفصل في النزاعات في المتوسط 30% من 11 شهراً إلى 7 أشهر، وبلغ عدد الأحكام الصادرة في دعاوى التحكيم من طريق المركز 30 حكماً، بما تقدر نسبته بنحو 68% من إجمالي الأحكام الصادرة خلال النصف الأول من العام.
وقال رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر، ورئيس مجلس إدارة مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم، خليفة بن جاسم آل ثاني، إن التحكيم لم يعد مجرد وسيلة بديلة لحل النزاعات، بل أصبح ضرورة ملحة تتطلبها تعقيدات العلاقات التجارية والاقتصادية، سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
وأوضح في كلمته أن مركز قطر يتبع أحدث المبادئ القانونية المستقرة دولياً، وفي مقدمتها القواعد النموذجية التي اعتمدتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي "الأونسيترال"، بصيغتها المنقحة في عام 2010 بخصوص إجراءات التحكيم. وكشف رئيس الغرفة أن المركز سيبدأ اعتباراً من العام المقبل (2025) بتطبيق القواعد الجديدة.
وقالت الأمينة العامة للجنة القانون التجاري الدولي "الأونسيترال"، رئيسة قسم القانون التجاري الدولي في مكتب الشؤون القانونية للأمم المتحدة، آنا جوبين بريت، في كلمة عبر الاتصال المرئي، إن قطر عضو فاعل في اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها (نيويورك 1958)، وكذلك في اتفاقية سنغافورة بشأن الوساطة، كذلك فإنها تبنت عام 2010 تشريعات تتماشى مع القواعد النموذجية لـ"الأونسيترال"، مشيراً إلى أن مركز قطر يتبنى تلك القواعد.
واستعرضت الجلسة الأولى نجاحات التحكيم وتحدياته في قطر، وقال عضو مجلس إدارة مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم للعلاقات الدولية، ثاني بن علي آل ثاني، إن المشرع القطري حرص على خلق بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، ما مكن الدولة الخليجية من تحقيق عدد من الإنجازات في هذا الصدد.
وأشار إلى جهود المركز في نشر ثقافة التحكيم في كونه وسيلةً بديلة لفضّ النزاعات التجارية، منوهاً بأن المركز كان أحد الشركاء في صياغة القانون، وباتفاق الكثير من مواد القانون مع قواعد المركز المستمدة من المبادئ العامة لقانون الأونسيترال.
وقدم رئيس محكمة الاستئناف السابق، المحامي يوسف الزمان، ورقة تناولت اتفاق الإحالة وفقاً للتشريع والقضاء القطري، مؤكداً أن تطور العلاقات التجارية ودخول أطراف دولية في العقود أبرز الحاجة إلى وجود صورة أخرى للتحكيم، وهي اتفاق التحكيم بالإحالة، أي اتفاق الطرفان على إحالة التحكيم لشروط وإجراءات أخرى.
واستعرضت عميدة كلية القانون بجامعة حمد بن خليفة، سوزان كريمنان، التقدم التكنولوجي الحاصل في عملية التحكيم، ودور الوسائل الحديثة في تفعيل قانون التحكيم القطري، ونبهت إلى التقنيات الحديثة التي ظهرت أخيراً وتأثيرها بعملية التحكيم، ودور الذكاء الاصطناعي، وإلى أي مدى يمكن الاستعانة بهذه التقنيات.
ويشهد المؤتمر على مدى يومين، سبع جلسات، يتحدث فيها 35 مشاركاً من المحكمين الدوليين والقانونيين والخبراء.