واصلت الأسهم الأميركية الثلاثاء تراجعها، على خلفية مخاوف استمرار أسعار الفائدة على ارتفاعها لفترات مطولة، وتوقعات الدخول في ركود، ما تسبب في خسارة مؤشر داو جونز الصناعي ما يقرب من 431 نقطة، نقلته إلى الخسارة، بحساب مجمل تحركاته خلال الفترة التي مضت من العام الحالي.
وبنهاية تعاملات الثلاثاء، مثلت نقاط التراجع للمؤشر الأشهر على الإطلاق نسبة 1.29% من قيمته عند بداية اليوم، وكانت الخسارة في مؤشر إس أند بي 500 بنسبة 1.37%، بينما وصلت الخسارة في مؤشر ناسداك، الأكثر تأثراً بتحركات سعر الفائدة، إلى نسبة 1.87%.
وتسبب ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية في إحباط أسواق الأسهم، بعد أن صدرت تصريحات من مسؤولين بالبنك الفيدرالي تؤكد استمرار سياسات البنك المتشددة لبعض الوقت، من أجل ضمان القضاء على التضخم المرتفع في البلاد، خاصة مع استمرار أسعار النفط العالمية في الارتفاع.
وأثرت تصريحات مسؤولي البنك في تعاملات الثلاثاء الضعيفة، حيث صرح اثنان منهم بضرورة استمرار تشديد السياسة النقدية "لبعض الوقت"، بغية خفض التضخم إلى هدف البنك المركزي الأميركي البالغ 2%، وهو ما سرّع من خسائر سوق الأسهم.
وقال رافائيل بوستيتش، رئيس البنك الفيدرالي بأتلانتا، إنه "مرتاح لأسعار الفائدة عند النطاق الحالي 5.25%-5.50%"، إلا أنه أشار إلى اعتقاده بضرورة إبقائها عند هذه المستويات المرتفعة حتى العام المقبل.
ووافقته الرأي لوريتا ميستر، رئيسة البنك الفيدرالي في كليفلاند، إذ قالت في خطاب ألقته مساء الاثنين إنها تعتقد أن رفع أسعار الفائدة مرة أخرى ما زال مطروحاً على المائدة، محذرة من استمرار الفائدة المرتفعة لـ"بعض الوقت".
وأدت بيانات اقتصادية قوية وإقرار الكونغرس الأميركي مشروع قانون للتمويل، من أجل تجنب إغلاق الحكومة الفيدرالية، إلى ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوى في 11 شهراً، وكذلك عوائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات لذروة جديدة لم تشهدها منذ 16 عاماً.
وفي أوروبا، تراجعت الأسهم إلى أدنى مستوياتها في ستة أشهر الثلاثاء، متأثرة بتراجع أسهم شركات المرافق والتعدين الحساسة لأسعار الفائدة، مع زيادة الرهانات على بقاء معدلات الفائدة الأميركية مرتفعة لفترة أطول، وارتفاع الدولار.
وانخفض مؤشر ستوكس 600 للأسهم الأوروبية بنسبة 1.1%، ليلامس أدنى مستوى له منذ 24 مارس/ آذار، بالتزامن مع تراجع المؤشرات الرئيسية في بورصة وول ستريت.
وقاد مؤشر شركات المرافق عمليات التراجع في القطاع، إذ انخفض 2.7% إلى أدنى مستوى له في أكثر من 11 شهراً، متأثراً باحتمال رفع أسعار الفائدة.
وانخفض سهم أورستد لتطوير طاقة الرياح البحرية 6% إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من خمس سنوات، كما تراجع سهم فيستاس ويند سيستيمز 5.5%.
وهبطت أسهم شركات التعدين 2.6% مع انخفاض أسعار النحاس إلى أدنى مستوى لها في أربعة أشهر مقابل الدولار الذي ارتفع. وانخفضت جميع المؤشرات الفرعية الأوروبية مع تراجع أسهم البنوك بنسبة 0.9%.
وعلى نحو متصل، سجلت أسعار النفط ارتفاعاً طفيفاً عند التسوية الثلاثاء، بعد أن هبطت إلى أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع في وقت سابق من الجلسة وسط ضغوط من ارتفاع الدولار وتوقعات شح الإمدادات.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت عند التسوية 21 سنتاً إلى 90.92 دولاراً للبرميل، بعد هبوطها إلى أدنى مستوى خلال الجلسة 89.50 دولاراً، وهو أدنى مستوى منذ الثامن من سبتمبر/أيلول.
وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 41 سنتاً إلى 89.23 دولاراً للبرميل. وكانت الأسعار قد انخفضت إلى 87.76 دولاراً في وقت سابق من الجلسة، وهو أدنى مستوى منذ 12 سبتمبر/ أيلول.
وتراجعت الأسعار قليلاً في وقت سابق بعد صعود الدولار إلى أعلى مستوى في 10 أشهر مقابل سلة من العملات الرئيسية، وبعد أن أظهرت بيانات متعلقة بفرص العمل استمرار المعاناة من قلة الأيدي العاملة، وهو ما قد يدفع مجلس الاحتياط الفيدرالي إلى الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لمدة أطول، أو حتى رفعها مرة أخرى.
وقال فيل فلين المحلل لدى "برايس فيوتشرز غروب": نشهد "زيادة مذهلة في عوائد السندات والدولار، مما أثار المخاوف بشأن مستقبل الطلب".
ويجعل ارتفاع أسعار الفائدة، إلى جانب قوة الدولار، النفط أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى، مما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب عليه.
ويراقب المستثمرون أي جديد بشأن الإمدادات، فيما يلوح في الأفق احتمال شح المعروض بعد قرار السعودية وروسيا الشهر الماضي تمديد تخفيضات الإنتاج حتى نهاية العام. والدولتان ضمن تحالف مجموعة أوبك+ الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء آخرين بقيادة روسيا.
ومن المتوقع أن يبقي أوبك+ على سياسته الإنتاجية الحالية دون تغيير عندما يجتمع غداً الأربعاء، مما يعني استمرار شح المعروض.
ووفقاً لمسح أجرته "رويترز"، من المتوقع أن ترفع السعودية للشهر الخامس على التوالي سعر البيع الرسمي للخام العربي الخفيف لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني إلى آسيا.
وقال مسؤول نفطي عراقي لـ"رويترز" الثلاثاء إن المحادثات لاستئناف تصدير النفط العراقي من خط أنابيب للخام يمر عبر تركيا لا تزال جارية، وذلك بعد يوم واحد من إعلان تركيا أن العمليات ستبدأ مرة أخرى هذا الأسبوع بعد توقف دام قرابة ستة أشهر.
وقال محللون من بي.إم.آي للأبحاث في تقرير للعملاء "من الناحية النظرية، وبموجب شروط اتفاق أوبك+، ينبغي أن يظل الإنتاج (خارج دول مجلس التعاون الخليجي) ثابتا خلال الربع الرابع. ولكن، كان امتثال العراق متقطعا إلى حد ما في الماضي، ومن المتوقع أن ترتفع مستويات التصدير، على افتراض أن خط الأنابيب سيستأنف عملياته".
وقال العراق، ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية، الثلاثاء إن ملحق جولة التراخيص الخامسة والجولة السادسة سيكون بهما 30 مشروعا جديدا للنفط والغاز.