- تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي والتحديات التي تواجه الشركات بسبب إعادة التمويل بمعدلات فائدة أعلى قد يؤديان إلى تقليل الأجور وساعات العمل، مما يزيد من خطر الركود.
- بنك الاحتياط الفيدرالي يسعى للموازنة بين مكافحة التضخم ودعم النمو الاقتصادي، مع تحذيرات من استمرار ارتفاع التضخم وجهود لتحقيق هبوط ناعم في الاقتصاد.
في الوقت الذي تُظهر فيه سوق العقود المستقبلية في بورصة شيكاغو التجارية توقعات بخفض معدلات الفائدة الأميركية في شهر سبتمبر/أيلول، لا تتوقف التساؤلات عما يمكن أن يحدث للاقتصاد الأميركي وفي وول ستريت، إذا تأخر بنك الاحتياط الفيدرالي في اتخاذ القرار الذي انتظره كثيرون خلال الربع الأول من العام الجاري.
ويمثل خطر تأخير بدء دورة الخفض الجديدة، التي ستكون الأولى منذ عام الجائحة، في الاضطرار لإجراء خفض كبير في معدلات الفائدة في الاجتماعات التالية، مع ما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من اضطراب الاقتصاد الأكبر في العالم، وربما العديد من الاقتصادات الأخرى.
وفي حديثه مع شبكة سي أن أن الإخبارية، قال توم بورسيلي، كبير الاقتصاديين الأميركيين في شركة PGIM لإدارة استثمارات الدخل الثابت: "كلما طال أمد عدم رؤية أي تخفيضات، زاد الخطر المتمثل في رؤية العديد من التخفيضات لاحقاً. هناك بالفعل بعض الدلائل على أن الخلفية الاقتصادية بدأت تضعف بالفعل. يمكنك النظر إلى ارتفاع معدلات تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي مثالاً على القدر الذي يتراجع به التضخم، ومن ثم بدء انخفاض معدلات الفائدة المرتفعة مرة أخرى".
وأضاف: "الشركات الآن تضطر لإعادة التمويل بمعدلات فائدة أعلى 1% - 2% مقارنة بما كانت عليه قبل الجائحة، وهو ما قد يؤثر على الخلفية الاقتصادية الأوسع. في الوقت الحالي، لدينا مستهلكون، لكنهم بدأوا عملية إبطاء إنفاقهم، وهذا يعني أنك ستبدأ في رؤية بعض الإمكانات لضغط هوامش الربح لدى تلك الشركات".
وأردف: "إذا بدأت ترى انخفاض الهوامش في الشركات التي تقوم الآن بإعادة التمويل بمعدلات أعلى، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم الأمور، خاصة لو كانت غير قادرة على نقل التكاليف بنفس القدر الذي كانت عليه في السنوات الأخيرة".
وأكد بورسيلي أن الشركات في هذه الحالة تضطر إلى تقليل ساعات العمل الإضافية للعمال، أو خفض أجورهم بصورة مباشرة، قبل أن تلجأ إلى تقليص العمالة، وهو ما يمثل الخطر الحقيقي على الاقتصاد من وجهة نظره، كونه يؤدي إلى التباطؤ، وربما الدخول في ركود.
وبينما يؤكد بنك الاحتياط الفيدرالي طوال الوقت استقلال السياسة النقدية، وانفصال قرار خفض أو رفع الفائدة عن الانتماء الحزبي لساكن البيت الأبيض، تظهر البيانات قيام البنك المركزي بتعديل السياسة خلال سنوات الانتخابات العشرة الأخيرة، وهو أمر مرشح بدرجة كبيرة للاستمرار هذا العام.
وارتفعت أسواق الأسهم إلى مستويات قياسية جديدة الأسبوع الماضي، حيث تجاوز مؤشر داو جونز مستوى 40 ألف للمرة الأولى في تاريخه الممتد 139 عاماً بعد تباطؤ التضخم للمرة الأولى منذ أشهر، مما أعاد الآمال في قيام مجلس الاحتياط الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في اجتماع سبتمبر.
ومع ذلك، كرر مسؤولو بنك الاحتياط الفيدرالي في أكثر من مناسبة تحذيرهم من أن التضخم لا يزال مرتفعاً للغاية، قبل أن تأتي بيانات أسعار المستهلكين الأسبوع الماضي لتؤكد تباطؤ ارتفاع الأسعار في شهر إبريل/نيسان مقارنة بتوقعات الاقتصاديين.
وبينما تظهر أسواق السهم والسندات ميلاً واضحاً لتمديد الدورة الاقتصادية الحالية عن طريق خفض أسعار الفائدة عدة مرات، نصح بورسيلي بالتمسك بالحذر، مشيراً إلى أن الدورة في كل الأحوال تقترب من نهايتها. وقال: "سيتعين على جميع المستثمرين حقًا التعامل مع ذلك في الأشهر المقبلة. وجهة نظرنا هي أن تبدأ خفض الفائدة الآن، ليمكنك بالفعل تمديد دورة الاقتصاد".
وتمسك جيروم باول، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي، بتأخير خفض الفائدة، أو إعلان الانتصار على التضخم، في وقت مبكر، ولكنه أشار إلى أنهم في البنك الفيدرالي "لا يمكنهم الانتظار حتى يصل التضخم إلى 2%، لأن في ذلك مخاطرة بإحداث أضرار اقتصادية أكبر بكثير".
ورغم محاولة تقديم نفسه على أنه من الصقور، تشير أغلب تصرفات باول إلى أنه أقرب إلى الحمائم، وهو ما كان واضحاً في محاولاته هندسة هذا الهبوط الناعم الذي كان بعيد المنال، والذي تشير أغلب البيانات الظاهرة مؤخراً إلى زيادة احتمالات تحققه، خلال الفترة القادمة.