ما قصة تحالف أوبك+ وكيف يؤثر في أسعار النفط عالمياً؟

24 مايو 2024
جندي نمساوي يحرس مدخل مقر أوبك في فيينا، 4 أكتوبر 2022 (جو كلامار/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأسست أوبك في بغداد عام 1960 وواجهت انتقادات من الغرب بسبب دورها في تحديد أسعار النفط. في 2016، شكلت تحالف أوبك+ مع منتجين آخرين بقيادة روسيا، مما زاد التوترات بين المنتجين والمستهلكين.
- أوبك+ تضم 12 دولة من أوبك و10 دول خارجية، تمثل نحو 30% من الإنتاج العالمي للنفط و80% من الاحتياطيات المؤكدة، وتلعب دوراً مهماً في تحديد أسعار النفط عبر تنظيم الإمدادات.
- قرارات أوبك وأوبك+ لها تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، مثل حظر النفط في 1973 الذي أدى لارتفاع الأسعار وأزمة اقتصادية. الخفض الحالي في الإنتاج يهدف لتعزيز الأسعار، مع تأثيرات مهمة على توازن العرض والطلب العالمي.

منذ تأسيسها انطلاقاً من العاصمة العراقية بغداد في 14 سبتمبر/أيلول 1960، لطالما كان دور منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) محط انتقاد كبير من الغرب، نظراً لدورها في تحديد أسعار النفط، وهو ما اعتبرته دول مستهلكة كبيرة وفي طليعتها الولايات المتحدة احتكاراً تجب محاربته. ثم جاءت في أواخر عام 2016 مبادرة منتجين آخرين بزعامة روسيا إلى التحالف مع أوبك سُمّي أوبك+ ليزيد الشرخ بين المنتجين والمستهلكين ويفتح باباً جديداً من أبواب التوتر. لكن ما مدى تأثير التحالف في إنتاج النفط وحركة أسعاره فضلاً عن تأثيره في أداء الاقتصاد العالمي؟

إذاً، تُعرف أوبك وحلفاءها باسم أوبك+، ومن المقرر أن يجتمعوا افتراضياً عبر الإنترنت في الثاني من يونيو/حزيران القادم، بدلاً من اجتماع حضوري في مقر أوبك في العاصمة النمساوية فيينا كان مقرراً عقده في أول يونيو، بهدف مناقشة سياسة إنتاج النفط المشتركة. وفي ما يلي حقائق أساسية حول التحالف ودوره.

1 - ما هي أوبك وما هي أوبك+؟

سلفت الإشارة إلى أن منظمة أوبك أُسست عام 1960 في بغداد، إنما بمبادرة من خمس دول مؤسسة هي العراق وإيران والكويت والسعودية وفنزويلا، بهدف تنسيق السياسات النفطية وتأمين أسعار عادلة ومستقرة. وهي تضم الآن 12 دولة، معظمها من الشرق الأوسط وأفريقيا، وتمثل حوالي 30% من النفط العالمي. ولطالما كانت هناك بعض التحديات التي واجهت نفوذ أوبك على مر السنين، ما أدى في كثير من الأحيان إلى انقسامات داخلية. وقد يؤدي التوجه العالمي نحو مصادر الطاقة النظيفة والابتعاد عن الوقود الأحفوري إلى تقليص هيمنتها إلى حد ما في نهاية المطاف.

وشكلت أوبك التحالف مع 10 من كبار مصدري النفط من خارج أوبك في العالم، بما في ذلك روسيا، في نهاية عام 2016. ويمثل إنتاج خام التحالف حوالي 41% من إنتاج النفط العالمي. أما الهدف الرئيسي للمجموعة فهو تنظيم إمدادات النفط إلى السوق العالمية. والتحالف تتزعمه السعودية وروسيا اللتان تنتجان 9 ملايين و9.3 ملايين برميل يومياً من النفط على التوالي.

2 - من هي الدول الأعضاء في التحالف؟

الأعضاء الحاليون في أوبك هم السعودية والإمارات والكويت والعراق وإيران والجزائر وليبيا ونيجيريا والكونغو وغينيا الاستوائية والغابون وفنزويلا. وتمثل الدول غير الأعضاء في أوبك في التحالف كل من روسيا وأذربيجان وكازاخستان والبحرين وبروناي وماليزيا والمكسيك وسلطنة عُمان وجنوب السودان والسودان.

وبداية هذا العام، انسحبت من الكتلة أنغولا التي انضمت إلى أوبك عام 2007، بسبب خلافات حول مستويات الإنتاج. كما انسحبت الإكوادور من أوبك في 2020 ودولة قطر عام 2019.

3 - كيف يؤثر التحالف على أسعار النفط العالمية؟

تقول أوبك إن صادرات دولها الأعضاء تمثل نحو 49% من صادرات الخام العالمية، فيما تشير تقديرات منظمة أوبك إلى أن الدول الأعضاء فيها تمتلك نحو 80% من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم. ونظراً إلى حصتها السوقية الكبيرة، فإن القرارات التي تتخذها أوبك يمكن أن تؤثر في أسعار النفط العالمية. ويجتمع أعضاؤها بانتظام لتحديد كمية النفط التي ستُباع في الأسواق العالمية.

ونتيجة لذلك، عندما يخفض التحالف العرض رداً على انخفاض الطلب، تميل أسعار النفط إلى الارتفاع. كما تميل الأسعار إلى الانخفاض عندما تقرر المجموعة ضخ المزيد من النفط إلى السوق. ويقوم التحالف حالياً بخفض الإنتاج بمقدار 5.86 ملايين برميل يومياً، أي ما يعادل 5.7% تقريباً من الطلب العالمي. وتشمل التخفيضات 3.66 ملايين برميل يومياً من أعضاء التحالف حتى نهاية عام 2024. وتنتهي التخفيضات الطوعية الأخرى البالغة 2.2 مليون برميل يومياً من بعض الأعضاء في نهاية يونيو القادم.

ونقلت رويترز عن مصادر قولها إن اجتماع الثاني من يونيو قد يقرر تمديد التخفيضات الطوعية عدة أشهر، فيما تقود السعودية التخفيضات الطوعية بخفض قدره مليون برميل يومياً. ورغم التخفيضات الكبيرة في الإنتاج، يجرى تداول أسعار برميل خام برنت بالقرب من أدنى مستوياتها هذا العام عند 81 دولاراً، بانخفاض عن ذروة 91 دولاراً التي سجلها في إبريل/نيسان الماضي، تحت ضغط ارتفاع المخزونات والمخاوف بشأن نمو الطلب العالمي.

4 - كيف تؤثر قرارات أوبك على الاقتصاد العالمي؟

كانت لبعض تخفيضات الإمدادات التي فرضتها مجموعة المنتجين آثار كبيرة على الاقتصاد العالمي. فخلال الحرب العربية الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول 1973، فرض الأعضاء العرب في أوبك حظراً على الولايات المتحدة رداً على قرارها إعادة إمداد الجيش الإسرائيلي، فضلاً عن الدول الأخرى التي دعمت الاحتلال الإسرائيلي. وقيّد الحظر صادرات النفط إلى تلك الدول وأدى إلى تخفيضات في إنتاج النفط.

وقد ضغط الحظر النفطي على الاقتصاد الأميركي المتوتر بالفعل والذي كان حينها يعتمد على النفط المستورد، فقفزت أسعار النفط بما تسبب في ارتفاع تكاليف الوقود للمستهلكين ونقص الوقود في الولايات المتحدة. كما أدى الحظر إلى دفع الولايات المتحدة ودول أخرى إلى حافة الركود العالمي. وفي عام 2020، خلال إغلاقات كورونا حول العالم، انخفضت أسعار النفط الخام. وبعد هذا التطور، خفضت دول التحالف إنتاج النفط بمقدار 10 ملايين برميل يومياً، وهو ما يعادل حوالي 10% من الإنتاج العالمي، لمحاولة تعزيز الأسعار.

أما أسعار البنزين التي تُعد موضوعاً سياسياً مهماً في الولايات المتحدة، حيث تُجرى انتخابات رئاسية هذا العام، فقد دفعت واشنطن إلى توجيه دعوات متكررة للتحالف للإفراج عن المزيد من النفط، بينما تقول أوبك إن مهمتها هي تنظيم العرض والطلب وليس الأسعار. ويعتمد أعضاء الجماعة بشكل كبير على عائدات النفط، حيث تتوازن ميزانية السعودية عند سعر لبرميل النفط يتراوح بين 90 و100 دولار، وفقاً لتقديرات مختلفة.

5 - معضلة قدرات إنتاج النفط في دول أوبك+

إلى جانب تخفيضات الإنتاج، من المقرر أن يناقش التحالف في اجتماعه القادم أرقام الطاقة الإنتاجية لأعضائه هذا العام، وهي قضية مثيرة للجدل تاريخياً. وكلفت المجموعة ثلاث شركات مستقلة، هي "آي أتش إس" IHS و"وودماك" WoodMac و"ريستاد" Rystad، بتقييم الطاقة الإنتاجية لجميع أعضاء التحالف بحلول نهاية يونيو القادم، علماً أن تقديرات الطاقة تساعد التحالف على تحديد أرقام الإنتاج الأساسية التي تُجرى التخفيضات منها.

وتميل البلدان الأعضاء إلى النضال من أجل الحصول على تقديرات أعلى للقدرة للحصول على خط أساس أعلى، وينتهي بها الأمر بحصص إنتاج أعلى بعد تطبيق التخفيضات، وبالتالي زيادة الإيرادات في نهاية المطاف. وتأتي الحاجة إلى حصص جديدة في الوقت الذي يوسّع أعضاء، مثل الإمارات والعراق، طاقتهم الإنتاجية، في حين قامت السعودية، أكبر منتج في أوبك، بتقليص الإضافات إلى إمكانات إنتاجها. كما تقلصت الطاقة الإنتاجية لروسيا، عضو التحالف، فعلياً بسبب الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية ضد موسكو.

(رويترز، العربي الجديد)