- التحديات والانتقادات: أثارت المبادرة انتقادات بسبب ارتفاع نسبة البطالة بين السوريين، مع مخاوف من أهداف سياسية واستمرار النزوح دون توافر ظروف مناسبة.
- اختلافات وظروف العمل: يواجه السوريون واللبنانيون اختلافات في ظروف العمل، حيث يحصل اللبنانيون على فرص أفضل بسبب القيود على السوريين، مع توقعات بأن إعادة الإعمار في لبنان ستعتمد على العمالة السورية.
جاء إعلان غرفة صناعة دمشق عن مبادرة لدمج الوافدين اللبنانيين والعائدين السوريين في سوق العمل، ليفتح السؤال حول الفرص المتوفرة في الأسواق المحلية، ومدى قدرة الاقتصاد السوري على استيعاب عشرات الآلاف من العمال، في ظل وجود مئات الآلاف القابعين بلا عمل في بلاد أنهكتها الحروب والفساد والبطالة المقنعة.
وأتت المبادرة بعد اجتماع عقده أعضاء الغرفة مع ممثل عن منظمة العمل الدولية، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، بُحثت خلاله سُبل دمج الوافدين والعائدين بملتقيات مع أرباب العمل من أجل ربط المهارات المتوفرة لدى الوافدين بالدرجة الأولى بالوظائف الممكنة، وإقامة فعاليات للعمل والتوظيف بدمشق، فيما أبدت منظمة العمل الدولية استعدادها لتقديم التدريبات اللازمة للعاملين.
ما هي فرص العمل المتوفرة في دمشق والمحافظات السورية؟
رداً على هذا السؤال، يقول تاجر الزيوت والمنكهات العطرية أحمد الجفان لـ"العربي الجديد" إن "مجرد قراءة السوريين واللبنانيين لهذا الخبر يثير الاستهجان، باعتبار أن حوالي نصف السوريين يبحثون عن عمل فيما يتضوّر النصف الآخر جوعاً، فأي فرص ورواتب ستقدمها غرفة الصناعة وغيرها من الفعاليات للوافدين؟" ويستطرد الجفان بأن أرباب العمل من حرفيين وصناعيين وتجار هم أكثر من يُدرك الواقع المرّ الذي تعيشه العمالة السورية اليوم.
والملاحظ أن الوافدين من لبنان ينقسمون إلى فئتين: الأولى أكبر وتُقيم في شقق مفروشة أو مستملكة في مناطق السيدة زينب وريف دمشق أو حمص وريفها واللاذقية وطرطوس وفي بعض المساكن في حماة، وتدفع بدل إيجار شهرياً يتراوح بين 100 دولار و200 دولار، في حين تقيم الفئة الثانية في مراكز إيواء في هذه المناطق، ولا يقل مصروفها الشهري عن 300 دولار، إضافة إلى ما يُقدم لهم من خدمات.
وفي هذا السياق، يرى الحرفي لؤي أبو الدهن في حديث لـ"العربي الجديد" أن الغاية من هذه المبادرة سياسية وليست اندماجاً بسوق العمل، وأبدى تخوفاً من استمرار حالة النزوح اللبناني وعودة السوريين من دون وجود الظروف المناسبة لاستقبالهم، مشيراً إلى التسهيلات التي قدمتها السلطات للوافدين، بينما يعاني معظم العائدين من الضغوط وسوء الخدمات.
وأضاف أن اليد السورية العاملة في لبنان اعتادت منذ عقود طويلة "العمل في معظم المهن اليدوية مثل أعمال البناء والإكساء والخدمات الزراعية والسياحية كالعمل في المزارع والمطاعم والمشاغل، وغيرها من الأعمال التي يُجيدها اللبناني ولا يعمل بمعظمها لأسباب قد يكون أهمها نوعية بعض الأعمال والأجور التي يقبل بها السوري، والجهد المضاعف الذي يبذله في المنافسة، وبالتالي الوافد والعائد يمتلكان نفس المهارات مع تميز العائد بقبول حد أدنى من الأجور".
مجرد قراءة السوريين واللبنانيين لهذا الخبر يثير الاستهجان ويدعو للسخرية، وربما اعتبره البعض نوعاً من الفكاهة
كما يقول العائد من لبنان مع أسرته حمد جريرة لـ"العربي الجديد" إنه كان يقيم في لبنان لسنوات عدة ويعمل هناك معلماً في ورشة ميكانيك للسيارات، بين مجموعة من المعلمين والعمال، ويضيف: "استطعت خلال هذه السنوات أن أتمايز عن زملائي إلى حد أن يطلبني الزبون بالاسم، وتقوم الورشة على خبرتي وعملي الدائب، ومع هذا لم يزد مرتبي الشهري عن 300 دولار، بما يعادل نصف مرتب زميلي اللبناني، وغالباً ما كانت إيراداتي الإضافية تأتي من إكراميات الزبائن". وأشار إلى وجود اختلاف في ظروف العمل وطريقة الحياة بين العمال اللبنانيين والسوريين، متسائلاً عن الفرص المناسبة التي قد تقدمها الحكومة والمؤسسات السورية للوافد اللبناني ويعجز عنها أو يرفضها العائد أو المقيم السوري.
وتحدث أحد الوافدين اللبنانيين لـ"العربي الجديد" طالباً عدم ذكر اسمه، فقال إن "هناك أعمالاً كثيرة لا يمكن أن يقوم بها السوري بسبب القوانين التي تحد من حركته بين البلدين، والتدقيق في تنقلاته في المعابر الحدودية وعلى الحواجز الأمنية، فهذا الأمر بحد ذاته هو فرص عمل وفيرة للبنانيين، وهذه تبدأ من حاجة مختلف المؤسسات الإنتاجية وحتى الخدمية وخاصة الصغيرة منها، للاستيراد عبر لبنان نتيجة الحظر الدولي على سورية، وحتى لتصدير بعض المنتجات إليه".
ولفت إلى أن معظم اللبنانيين الوافدين ينظرون إلى هذه الأزمة على أنها مؤقتة ولن يستمر النزوح، وفي الوقت ذاته فإن الدمار الذي أصاب الجنوب والضاحية وغيرها لن يبنيه إلا العمالة السورية، تماماً كما حصل في كل حروب لبنان السابقة.