يعرب نواب في البرلمان العراقي وخبراء اقتصاد عن مخاوفهم من انتكاسة جديدة للدينار العراقي أمام الدولار، بسبب استمرار الأزمة المالية وتراجع واردات النفط الذي يمثل 96 في المائة من الإيرادات المالية، فضلا عن لجوء الحكومة للاقتراض الداخلي من البنوك الأهلية والحكومية لتأمين مرتبات الموظفين.
وشهد سعر صرف الدولار أعلى مستوى له خلال الأيام الماضية في الأسواق المحلية، حيث بلغ 1128 دينارا عراقيا، قبل أن يعود ليستقر عند عتبة 1125 ديناراً، بارتفاع كبير عن السعر الذي استقر عنده طوال السنوات الماضية ولغاية بدء جائحة كورونا وهو 1118 ديناراً.
وقال النائب في البرلمان العراقي، جاسم البخاتي، أمس الخميس، إن "الحكومة تنوي الاقتراض مرة ثالثة لتمويل احتياجات مفوضية الانتخابات لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر"، مشيراً إلى أن "إي قرض جديد سيؤدي إلى انزلاق العملة المحلية وتعويمها وانهيار الاقتصاد المحلي".
وأضاف أن "رغبة الحكومة العراقية بالحصول على قرض جديد لغرض تمويل احتياجات مفوضية الانتخابات بمبلغ قدره نحو 300 مليون دولار هي أمر مستغرب، ولا أحد يعلم لماذا لم تضع هذا المبلغ مُسبقاً في قانون الاقتراض الثاني ضمن أبواب المصاريف الأخرى الضرورية".
ودعا البخاتي حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى "الاستفادة من التجارب السابقة في معالجة مشاكلها من خلال السندات بدل تكرار الاقتراض، كما طلب منها تقديم صورة واقعية عن الوضع المالي للبلد، وما هي أسباب العجز الكبير في الموازنة لكي يفهم الجميع إلى أين يسير البلد والابتعاد عن الضبابية وإيضاح الفكرة للمجتمع".
ومن جهته، قال مدير شركة السلال للصرافة، إحدى شركات المال المرخصة في بغداد، زياد الصجري، لـ"العربي الجديد" إن السوق العراقية لا تزال تعاني من ركود كبير في حركة البيع والشراء يقابلها طلب كبير جداً على الدولار، وهو ما أثار المخاوف من حدوث انهيار جديد للدينار العراقي وارتفاع للأسعار في الأسواق المحلية".
وأضاف: "وفقاً للمعطيات وما تشير إليه طبيعة الأحداث والأزمة الاقتصادية واستمرار الحكومة بسياستها المالية واللجوء للاقتراض فإن قيمة الدينار مقبلة على تراجع جديد"، متوقعاً أن "يقترب سعر صرف الدولار من مستويات قياسية بداية عام 2021".
وتابع أن "70 في المائة من العملة الصعبة التي طرحت لم تذهب إلى السوق العراقي بل ذهبت إلى خارج البلاد عن طريق الاستيراد أو التهريب بأشكال مختلفة، داعياً إلى ضرورة وضع سياسة نقدية محكمة وناجحة من قبل وزارة المالية وإدارة البنك المركزي للمحافظة على قيمة الدينار والسيطرة على السوق المحلية".
ومن جانبها، اتهمت الخبيرة الاقتصادية، سلام سميسم، في حديث مع "العربي الجديد" من وصفتهم "أشخاصا يسيطرون على مزاد بيع العملة الصعبة في العراق، التابع للبنك المركزي، بالتسبب في الأزمة، وأن هذا الاحتكار من قبل أشخاص معينين يؤدي في النهاية إلى اعتراضات دولية لا سيما من الولايات المتحدة، ما يؤدي أيضاً إلى حدوث ضغوطات سياسية قد تؤثر على إدارة البنك المركزي".
وأضافت أن "ارتفاع وانخفاض سعر الدولار في العراق سيكونان مرهونَين بعنصر العرض والطلب والسياسة النقدية التي تتبعها إدارة البنك المركزي".
وأشارت سميسم إلى أن "لجوء الحكومة العراقية إلى الاقتراض مرة أخرى دون اللجوء إلى حلول داخلية حقيقية سيؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار يقابله انخفاض كبير للدينار"، فيما أعربت عن "مخاوفها من حدوث انهيار كبير للعملة المحلية بسبب السياسة النقدية والسياسة الحكومية الخاطئة التي لا تتطابق مع متطلبات الواقع الاقتصادي في العراق، والتي أدت إلى مضاعفات كبيرة أهمها العجز في الموازنة العامة وانعدام السيولة النقدية".
ومن جانبه، أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن أسعار صرف الدولار، فقاعات وقتية تتأثر بإشاعات المضاربين لجني الأرباح.
وقال صالح في تصريح صحافي إن "سوق الصرف كما هو معروف من أشد الأسواق تأثراً بالمعلومات، بل إن جميع قراراتها تعتمد على المعلومات المتوافرة ومستوى مصداقيتها، لكنّ ثمة سببين لتقلب السعر قليلاً فوق معدلات استقراره المعهودة في السوق الموازية".
وأضاف أن "السبب الأول قرب إقرار مشروع قانون الموازنة، وما أثير من معلومات متضاربة وملونة ومشوشة، حول تصحيح سعر الصرف، والتي ولدت إشارات غامضة، اعتمدتها السوق للمضاربة والتحوط في الفترة القصيرة، أما السبب الثاني فهو اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والمناكفات السياسية وما تولده من إشارات ومعلومات تتعلق بالمكاسب السياسية".