سطو النظام السوري على الاقتصاد ومقدرات البلاد، والذي يعتبر فسادا أو نهبا للأملاك العامة وحتى الخاصة، زاد مع وصول بشار الأسد إلى السلطة خلفا لوالده حافظ، وهو من أهم الأسباب التي أدت لانفجار البلاد بالثورة عام 2011. وتابع "مرصد الشبكات الاقتصادية والسياسية"، الشبكات الفاعلة في اقتصاد النظام السوري، ورسم في تقاريره الأخيرة شبكات عنقودية متفرعة، تنتشر في أرجاء العالم، وتتحكم بكل مفصل من مفاصل الاقتصاد، بالإضافة إلى التفافها على العقوبات، وتمويل النشاطات العسكرية والأمنية المتورطة بانتهاكات ضد المدنيين.
"العربي الجديد" اطلع على عمل المرصد بما يخص شبكات الفساد داخل النظام السوري، وطريقة عمله التي تعتمد على عدة معايير، حيث تبرز أسماء الأسد (الأخرس) زوجة رأس النظام بشار في منتصف الدائرة، كعقدة محورية تنشر "أذرعها" في كل مكان ممكن أن تحصل من خلاله على الأموال.
ولا يقتصر عمل المرصد على رسم الشبكات ومتابعة حركتها، بل إنه أصدر تحقيقات مكتملة المعايير حيال ملفات عدة، لا سيما المشغل الثالث للخلوي في سورية وعلاقة الحرس الثوري الإيراني به، وتهريب الكبتاغون، ومسألة التحايل أو الالتفاف على العقوبات.
وتواصل "العربي الجديد" مع أحد مؤسسي المركز، وهو كرم شعار، الذي أشرف وشارك في إعداد الكثير من الخرائط ورسم الشبكة العنقودية لاقتصاد وحركة أموال النظام السوري، وسألته عن طرق التأكد من صحة المعلومات التي يتبناها المرصد خلال رسم الشبكة.
وقال: "نعتمد على عدة مصادر، في غالبيتها مصادر رسمية، إعلانات وبيانات حكومة النظام (مجلس الوزراء)، أو المراسيم الرئاسية، والصحف الرسمية التي تعلن عن تأسيس الشركات في سورية، والإعلانات المختلفة التي تتم من قبل أطراف حكومية، وهذا النوع من المعلومات تكون نسبة التأكد منها مرتفعة، بالإضافة إلى معلومات نقوم بجمعها من مصادر أخرى كالدراسات البحثية، أو مصادر على الأرض بشكل مباشر".
وتظهر الشبكة أو خريطتها التفاعلية التي يعتمدها المرصد دورا محوريا لأسماء الأسد (الأخرس) زوجة بشار، وكأنها تمسك بيدها كل أدوات الشبكة ومفاعيلها، لكن شعار لا يتفق مع تعظيم دور أسماء الأسد بالمقارنة مع دور زوجها.
وشرح شعار: "من الصعب جدا الفصل بين دور كل من الأسد وزوجته، لا يمكن لأحد حاليا توفير معلومات بهذا الحجم من الدقة لنسبة تدخل أي منهما في الجانب الاقتصادي، لكن المؤكد أن بشار وزوجته على علاقة مباشرة بالمكتب المالي والاقتصادي (مكتب يتبع لرئاسة الجمهورية)، لكن من يتابع شؤون هذا المكتب بشكل أكبر من الآخر، هذا الأمر من الصعب تحديده".
وعبر شعار عن قناعة بأن دور بشار الأسد لا يزال أكبر، فالمعلومات عنه تشير إلى أنه شخص دقيق ويتدخل ويطلع على أصغر التفاصيل، بحسب شعار، لافتا إلى أن "دور أسماء الأسد كان محدودا حتى قبل موت والدة بشار ومغادرة شقيقته بشرى البلاد، وهنا بدأ يتصاعد دور أسماء، لكني لا أعتقد أنه بات يفوق دور بشار".
وحول التحايل على العقوبات الغربية ولاسيما الأميركية بموجب قانون "قيصر" أو غيرها من لوائح العقوبات، لفت شعار إلى أن "تلك العقوبات شكلية، بجزء كبير منها، وأقرب إلى فض العتب من كونها عقوبات حقيقية".
وأوضح أن "تكلفة متابعة نشاطات النظام السورية المالية وغير الشرعية، أعلى من تكلفة من المكاسب التي من الممكن أن تتحقق من خلال العقوبات، فمثلا العقوبات التي طاولت علي نجيب إبراهيم وأحمد خليل خليل، تمت بعد إصدار صحيفة (الغارديان) البريطانية تحقيقا يظهر كيف يتم استخدام هذين الشخصين وغيرهما شركات واجهة، وهو تحقيق صدر بالمساهمة مع المركز".
وأضاف أن هناك أمثلة أخرى حول إصدار العقوبات بناء على معلومات صحافية أو دراسات يتم نشرها، دون جهد من تلك الدول التي تصدر العقوبات، وهذا دليل على عدم اكتراث، بحسبه، لافتا إلى دور للمرصد بكشف الكثير من خيوط شبكة النظام المالية والاقتصادية، ما أدى لإصدار عقوبات بحق أفراد وكيانات مرتبطة بالنظام أو داخله.