يشكو عدد كبير من مزارعي العراق من تأخر الدولة في صرف مستحقاتهم المالية من إيرادات المحاصيل الزراعية التي يجري تسليمها للحكومة، على الرغم من قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، والوفرة المالية التي تزايدت بفضل ارتفاع أسعار النفط عالمياً.
يقول المزارع، حامد جبير، من محافظة نينوى (شمال) إنه لم يتسلم منذ موسمين مستحقات محاصيل القمح والذرة التي جرى تسويقها لشركات وزارة الزراعة، على الرغم من الوعود المتكررة بصرف الأموال، منتقداً ضعف الدعم الذي تقدمه وزارة الزراعة قياساً بحجم حاجة المزارع من وقود وبذور وأسمدة.
ويؤكد جبير لـ"العربي الجديد" أن المزارعين يشترون البذور والأسمدة بأسعار باهظة من السوق، فيما تقدم وزارة الزراعة 80 كيلوغراما فقط من سماد الداب (نوع من الأسمدة الفوسفاتية)، ولا تغطي هذه الكمية سوى دونم ونصف من مجموع 34 دونما يقوم بزراعتها (الدونم يعادل ألف متر مربع).
من جهته، يقول رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية التعاونية العراقية، حسن التميمي، إن المزارع لم يستفد من قانون الدعم الطارئ (أقره البرلمان في يونيو/حزيران الماضي) ووفرة الأموال أخيراً بفعل ارتفاع أسعار النفط، معتبراً أنه لا توجد أي بوادر من قبل الحكومة لدعم قطاع الزراعة.
ويضيف التميمي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن وزارة الزراعة تتعامل بازدواجية في تسديد مبالغ تعويضات الفلاحين، حيث قامت بدفع جزء من مستحقات مزارعي محصول الشلب (أرز العنبر)، بينما لم تسدد مبالغ مزارعي القمح والمحاصيل الأخرى.
ويشير إلى أن مربي الدواجن والمواشي يواجهون أيضاً مشكلة عدم سداد المستحقات، ولم يجر شمولهم بقانون الدعم الطارئ، مطالباً وزارة الزراعة كذلك بمواجهة تهريب السلع الزراعية إلى الأسواق المحلية، عبر فتح الحدود، والتي أضرت بشكل كبير بالزراعة العراقية.
من جانبه، يعزو الخبير الزراعي، عادل المختار، أسباب عدم دفع مستحقات الفلاحين ودعم قطاع الزراعة، إلى ضعف الإدارة وغياب التخطيط، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي لم يؤثر إيجاباً على القطاع الزراعي، فلم تُصرف المبالغ المرصودة لدعم الفلاحين وشراء منظومات الري الحديثة، فضلاً عن عدم توفير الأسمدة الكافية، مما فاقم من معاناة المزارعين.
ويشدد المختار على أنه لا يوجد حالياً ما يمنع الدولة من صرف هذه المستحقات، مضيفاً أن هناك أسباباً متعددة أدت إلى تعثر القطاع الزراعي العراقي تضاف إلى مشكلة عدم دفع المستحقات، وهي هجرة 50% من المزارعين من الريف إلى المدن، فضلاً عن أزمة المياه، وتقليل المساحات المزروعة.
في السياق، يقول عضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار في مجلس النواب العراقي، رفيق الصالحي، إن قطاع الزراعة يفتقد خطط وسياسات التطوير منذ غزو العراق سنة 2003.
وأضاف الصالحي لـ"العربي الجديد" أن الزراعة وغيرها من القطاعات الاقتصادية لم تستفد من قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، كما لم تقدم الدولة أي دعم حقيقي للمزارع من وفرة الأموال لغاية الآن. وأعرب عن أمله في أن تفي الحكومة الحالية بالتزاماتها، من خلال اتباع خطوات جادة تصب في مصلحة القطاع.
ويضيف أن تشكيل الحكومة الجديدة لم يمض عليه إلا أشهر وهي جادة في دعم الفلاحين، والنهوض بالواقع الزراعي، ودعم المنتج المحلي، وفي حال لم تفِ بالتزاماتها في دعم القطاع الزراعي ودفع مستحقات الفلاحين سيؤدي ذلك إلى عزوف الفلاحين عن الزراعة، الأمر الذي سيسبب قلة الإنتاج، ورفع حجم الاستيراد، واستنزاف النقد الأجنبي، مما سينتج عنه زيادة في فقرة العجز المالي ضمن الموازنة.
بدورها، أعلنت وزارة الزراعة عن عزم الحكومة تسوية مستحقات الفلاحين والمزارعين للمواسم السابقة والحالية، مشيرة إلى أنه سيجرى تسليم 50% من مستحقات شراء الذرة الصفراء من المزارعين هذا الشهر.
وقال المتحدث باسم الوزارة، حميد النايف، في تصريح صحافي، إن الوزارة أجرت مراجعة على زيادة الخطة الزراعية، وخاصة الحنطة (القمح) بعد الوفرة المائية. وتابع النايف أن وزارته تعمل على تذليل العقبات أمام الفلاحين ودعم المشاريع الزراعية خلال الفترة المقبلة، بغية الوصول إلى نتائج زراعية تغطي الحاجة المحلية.
كما أصدر مجلس الوزراء، قبل أيام، قراراً يلزم وزارة المالية بالتنسيق مع البنك المركزي لتوفير السيولة الكافية لإقراض المزارعين من المصارف الحكومية والخاصة بفائدة 5% تستقطع لمرة واحدة، بغرض استيراد منظومات الري بالرش لتطوير القطاع.