أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن حكومة بلاده وصلت إلى "مرحلة الاتفاقات النهائية بشأن تمويل تحصل عليه من صندوق النقد الدولي".
وقال مدبولي رداً على سؤال لأحد الشباب المشارك في ملتقى "لوجوس الثالث للشباب 2022"، بمقر الحكومة بمدينة العلمين الجديدة، بحضور البابا تواضروس الثاني، حول الوضع الاقتصادي الحالي للدولة، إن مصر "تبنت برنامج الإصلاح الاقتصادي وحققت بفضله معدلات نمو كبيرة لولا أزمتا كورونا والحرب الروسية الأوكرانية"، مؤكداً أن الحكومة "في مرحلة الاتفاقات النهائية بشأن تمويل جديد من صندوق النقد الدولي".
وقال رئيس الوزراء إن "مصر من الدول القليلة التي لا تزال تقدم الدعم التمويني ودعم السلع"، مضيفاً أن "الحكومة تنتج 270 مليون رغيف خبز مدعم يومياً، كلفة الرغيف الواحد 80 قرشاً، تدعمه الدولة بـ75 قرشاً، فيما يحصل عليه المواطن بـ5 قروش فقط، وهو ما يحمل الدولة 230 مليون جنيه يومياً هي قيمة دعم الخبز".
وقال رئيس الوزراء إن الدولة المصرية "تعرضت على مدار السنوات العشر الماضية لظروف صعبة للغاية، بدأت منذ قيام ثورة 25 يناير 2011 والتي كان لها تأثير كبير على ظروف مصر الاقتصادية، ومنذ ذلك التاريخ مرت مصر باضطرابات كثيرة لا تخفى على أحد، ولولا رحمة الله والجهد الذي بذلته الدولة المصرية على مدار هذه الفترة لكنا انزلقنا إلى مآل خطير".
وأضاف: "عاشت مصر فترة صعبة للغاية منذ 2011 حتى قيام ثورة 30 يونيو/ حزيران التي انتفضت فيها جموع المصريين ضد حكم جماعة الإخوان ومحاولاتها لتغيير هوية الشخصية المصرية، وحينها قال المصريون لا.. فنحن بلد لديه تراث حضاري وثقافي عريق ولسنا دولة منغلقة".
وتابع رئيس الوزراء: "اختار المصريون الرئيس عبد الفتاح السيسي لقيادة الدولة المصرية وبناء (الجمهورية الجديدة)، الذي كانت توجيهاته واضحة منذ اليوم الأول لبناء دولة قوية على كافة المستويات".
وأوضح مدبولي أن الدولة "أولت على مدار الفترة الماضية اهتماما كبيرا بالمشروعات الصناعية، ومشروعات معالجة المياه، في ظل أن المورد الرئيسي للمياه في مصر هو نهر النيل، فقمنا بإقامة مشروعات إعادة تدوير المياه للاستفادة من كل قطرة مياه، مشيرا في هذا الصدد إلى الاستفادة من مياه الصرف الزراعي التي كانت تُصرف في البحيرات والبحر المتوسط وإعادة معالجتها مرة أخرى والاستفادة منها".
وأعلن صندوق النقد الدولي في 13 يوليو/تموز الماضي، أن فريقه زار القاهرة بعدما أجرى محادثات "مثمرة" مع فريق من المسؤولين المصريين بشأن السياسات والإصلاحات الاقتصادية التي سيتم دعمها من خلال تسهيل قرض جديد من الصندوق.
وتأتي كلمة "مثمرة" تحديداً لتلقي بعض الضوء على تطور المفاوضات بين الجانبين، بعد ورود أنباء عن تعثرها خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، حيث تظهر اقتراب مصر من الموافقة على شروط الصندوق الجديدة.
ولن تخلو شروط الصندوق هذه المرة من بعض الشروط السابقة، التي تم الاتفاق عليها عند الحصول على قرض الاثني عشر مليار دولار قبل أكثر من خمس سنوات، بالإضافة إلى شروط جديدة لم تعلن بعد.
فمن الشروط القديمة المتجددة، سيطلب الصندوق من مصر الحفاظ على معدلات الفائدة المرتفعة الحالية لبعض الوقت، بغض النظر عن تأثيرها على عجز الموازنة المصرية، وارتفاع الجزء الموجه منها لسداد الفائدة على الديون المصرية، التي استحوذت على ما يقرب من 690 مليار جنيه في موازنة العام المالي 2022/ 2023 التي بدأ العمل بها قبل أسبوعين. ويمثل مبلغ الفائدة حالياً أكثر من 45% من إجمالي إيرادات الحكومة المصرية.
ومن الشروط القديمة المتجددة سيطلب الصندوق على الأغلب (مرة أخرى) تقليص الإنفاق الحكومي، وهو ما سيأتي بالتأكيد على حساب الإنفاق على التعليم والبحث العلمي والصحة، رغم وجود استحقاقات دستورية تفرض نسباً محددة من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق على تلك البنود، حيث تعتبر أغلب أوجه الإنفاق الأخرى داخل الموازنة المصرية إجبارية، مثل خدمة الدين ورواتب العاملين في الدولة والإنفاق الاجتماعي.
(الدولار = 19.2 جنيهاً تقريباً)