قضت محكمة جنايات القاهرة المصرية، بالسجن 10 سنوات على "كبش فداء" لقضية فساد ضخمة متورط فيه قيادات عسكرية وأمنية كبرى حالية وسابقة، تتمثل في تخصيص أراضي بالمخالفة للقانون تقدر بنحو 3 مليارات جنيه "نحو 100 مليون دولار أميركي، وفقاً لسعر الصرف الحالي في البنوك المصرية".
واتخذ المتهمون مندوب أمن يعمل في مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري "ماسبيرو"، كواجهة وستار لتنفيذ عمليات الفساد، مقابل حصوله أيضاً على نصيب من "كعكة الفساد" بعشرات الملايين، واستغلال نفوذهم في التستر عليه لأكثر من 10 سنوات كاملة.
وبعد تداول القضية لقرابة 5 سنوات في ساحات المحكمة، قضت محكمة جنايات القاهرة المصرية بالسجن 10 سنوات على كبش الفداء "عبدالعزيز عبدالله حماد، 58 سنة، مندوب أمن ثاني بالدرجة الثانية المكتبية باتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري".
وذلك على خلفية إدانته في القضية التي حملت الرقم 17 لسنة 2016 جنايات كسب غير مشروع، والمقيدة برقم 17624 لسنة 2016 جنايات قسم إمبابة، ورقم 2461 لسنة 2016 كلي شمال الجيزة، والمتهم فيها مندوب الأمن المدان بتكوين ثروة طائلة غير مشروعة عن طريق استغلال النفوذ والعلاقات المتشعبة بشبكة من كبار رجال الدولة، والتزوير وانتهاك القانون.
وأظهرت أوراق القضية أن المتهم حقق كسباً غير مشروع، قدر بعشرات الملايين، وارتكب جرائم فساد تجاوزت قيمتها 3 مليارات جنيه، وفقاً للتقديرات السوقية له ولآخرين، رغم أنه كان يتقاضى من عمله باتحاد الإذاعة والتليفزيون مرتباً قدره 368 جنيهاً مصرياً فقط شهرياً، وإقرار الذمة المالية له ولأسرته، أظهر أنهم لم يكن لديهم أي أموال أو عقارات وقت تعيين المتهم، وقبل تنفيذ المخطط للاستيلاء على أراضي الدولة.
وخلال فترة نظر القضية، ظهرت ممتلكات المتهم وثروته العقارية والمالية من العدم، وشملت قصوراً وفيلات وعقارات وأراضي وشققاً ومكاتب وسيارات وناديا رياضيا وحسابات بنكية تضم عشرات الملايين له ولزوجته.
قصة الفساد بدأت وفقاً لما سطرته أوراق القضية اعتباراً من عام 2000، حيث قام المتهم بتنفيذ خطة مسؤولين كبار، بتأسيس جمعية تحمل اسم "الجمعية المصرية لرجال الأعمال والبيئة والسكان والتنمية"، وهي الجمعية المشهرة برقم 446 بتاريخ 30 مايو/ أيار عام 2000، وتولى المتهم رئاسة مجلس إدارتها، ومارس من خلالها عمليات الفساد المتنوعة.
وصدر قرار وزاري بتخصيص قطعتي أرض بناء بمدينة 6 أكتوبر، مساحتهما 30 ألف فدان، أي نحو 126 ألف متر، من خلال هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لصالح الجمعية التعاونية للبناء والإسكان، وذلك خلال عام 2003، وخصصت قطعتا الأرض وقتها لإقامة 416 وحدة سكنية لأعضاء الجمعية المصرية لرجال الإعلام والبيئة والسكان والتنمية، التي يرأس مجلس إدارتها، وتبلغ مساحة القطعة الأولى 15 فداناً والثانية 14.82 فداناً.
وأظهرت تحقيقات القضية أنها أكتُشفت في عام 2005، من خلال شكوى لجهاز الكسب غير المشروع التابع لوزارة العدل، حيث تبين أن رئيس هيئة الرقابة الإدارية وقتها، أعد مذكرة تحريات حول هذه الشكوى تحت بند "سري جداً"، حصل "العربي الجديد" عليها، وحررت في 9 يوليو/ تموز 2005، وأرسلت إلى جهاز الكسب غير المشروع، تكشف فيها عن ملف فساد المتهم وعلاقاته المتشعبة، واستيلائه على الأراضي، وتخصيصها بالمخالفة للقانون وللقرارات الوزارية.
وأكدت مذكرة رئيس هيئة الرقابة الإدارية، أن المتهم حصل على استفادات مالية من توزيع وتخصيص قطع الأراضي، وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية بالإعلان عن فتح باب الحجز للأراضي، وذلك بغرض تخصيصها لبعض الأشخاص المقربين، الذي يرتبط معهم بعلاقات خاصة، وذلك حسبما ورد أيضا بتقرير الإدارة المركزية لشئون التعاون بالهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، عن الجمعية وأنشطتها وتخصيص الأراضي بها.
شبكة "مافيا الفساد" التي انتفعت وخصصت لهم قطع أراض بالمخالفة للقانون، وبالمخالفة لقرارات تخصيص قطعتي الأرض كوحدات سكنية لأعضاء الجمعية المصرية لرجال الإعلام والبيئة والسكان والتنمية، وأصحاب الفساد الرئيسيين، ضمت أسماء عديدة لكبار رجال الدولة منهم حاليون وسابقون.
وضمت أبرز الأسماء الواردة في كشف المنضمين للجمعية والحاصلين على قطع أراض بالتخصيص غير القانوني، اللواء أركان حرب محمد معتصم حافظ عبدالمجيد رئيس هيئة الإمداد والتموين للقوات المسلحة الأسبق، كما ضمت اللواء محمد عبدالجواد حسن طنطاوي رئيس قطاع الأمن "الحالي" باتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري، واللواء ضياء الدين محمود محمد البيومي، مساعد وزير الداخلية لقطاع قوات الأمن، خلال فترة عام 2004، وهي الفترة التي ارتكبت فيها عمليات تخصيص الأراضي بالمخالفة للقانون،. ويشغل طارق، نجل اللواء ضياء، حالياً، منصب وكيل النائب العام.
وشملت الأسماء اللواء هاني حلمي السيد حميد، مسؤول الأمن الأسبق برئاسة الجمهورية وقت عمليات التخصيص، في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهو نجل المستشار حلمي السيد حميد الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة الأسبق. وكذلك اللواء أشرف سعد البغدادي مساعد وزير الداخلية الأسبق، والدكتور فاروق محمد التلاوي محافظ الوادي الجديد والبحيرة الأسبق.
وشملت أيضاً رجل الأعمال حامد محمود عبدالهادي الشيتي، وشهرته "حامد الشيتي" والهارب حالياً خارج البلاد، والذي اتهم بالكسب غير المشروع لمبلغ 15 مليار جنيه مع وزراء كبار في عهد "مبارك"، في مقدمتهم وزير السياحة الأسبق أحمد المغربي. وأيضا كان هناك المستشار الدمرداش زكي العقالي، الرئيس الأسبق لمحكمة استئناف القاهرة، ومستشار الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وكان من بين الأسماء أيضاً المستشار إسماعيل محمد سليمان، الرئيس الأسبق بمحكمة استئناف القاهرة، والمستشار أشرف جلال زكي عبدالله، الرئيس الأسبق بمحكمة استئناف القاهرة، والمستشار فاروق علي عبدالقادر رئيس محاكم القضاء الإداري الأسبق، وابنته "دينا" بالنيابة الإدارية.
وشملت أيضا خليل إبراهيم حسن الجهيني شقيق المستشار إسماعيل إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة، وعضو لجنة التحقيق بجهاز الكسب غير المشروع، خلال ارتكاب جرائم التخصيص، والمهندس محمد عمر رسلان وكيل اول وزارة الزراعة وأمين الحزب الوطني المنحل بالمنوفية، وأشرف يحيى إبراهيم الأمير، الرئيس الحالي لشركة بتروشهد للبترول.
كما ضمت القائمة أيضاً الفنان سمير فؤاد الإسكندراني، وشهرته "سمير الإسكندراني"، ومجموعة من رجال الإعلام والعاملين بمبنى الإذاعة والتلفزيون "ماسبيرو"، كان أبرزهم نهلة حامد محمود دسوقي نائب رئيس قطاع الإذاعة. وأيضاً عيد مصطفى جمعة حواش كبير المندوبين بقطاع الأخبار، وخالد إبراهيم عبدالرحمن مصباح المذيع بالقناة الثالثة، والذي سبق إحالته للمحاكمة بقضية رشوة، ورأفت كمال الفقي من القناة الأولى، والسيد إبراهيم عبدالسلام العباسي رئيس قناة صحتي الفضائية التابعة لوزارة الصحة والسكان.