استدعى الاحتفال بشهر العمال الذي بدأ في الأول من مايو/أيار، قصة اثنين من أصلب المدافعين عن حقوق العمال في مصر، وهما الناشط العمالي هيثم محمدين، والصحافي المتخصص في شؤون العمال هشام فؤاد، واللذان يقبعان في سجون النظام منذ سنوات دون تهم واضحة.
ولمناسبة عيد العمال استمرت جهات وتنظيمات سياسية في التذكير بنضالات المدافعين عن حقوق العمال والمواطنين ضد الظلم وانعدام العدالة، ومن بينها حركة "الاشتراكيون الثوريون" التي نشرت صورتي هيثم محمدين وهشام فؤاد على صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي وكتبت: "في مايو، شهر العمال، الحرية للمدافعين عنهم دائمًا.. الحرية لجميع المعتقلين".
"عايزين نخلق دنيا جديدة.. دنيا الفقرا فيها سعيدة.. دنيا الشارع فيها براح.. فيها الناس قبل الأرباح".. هكذا كانت هتافات هيثم محمدين وهكذا كان انتماؤه الذي يعبر دائماً عن الفقراء والمظلومين.
هيثم محمدين..نضال من أجل حقوق العمال
بدأت قصة سجن محمدين، كما يقول "المركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية" عندما أجرى قسم الصف بالجيزة اتصالًا بالمحامي والناشط السياسي، ليبلغه أن هناك محضرًا مُحرَّرًا ضده، وأن عليه الحضور للقسم على الفور، وبالفعل ذهب محمدين ليعرف طبيعة المحضر، ولكنه فوجئ باحتجازه بقسم الصف منذ يوم 13 مايو/أيار 2019، وتم تحرير محضر تهرُّب من التدابير الاحترازية في قضية سابقة كان يقضي فيها التدابير وهي القضية رقم 718 لسنة 2018، المعروفة إعلاميًا بـ"معتقلي المترو"، ورغم التزامه بتنفيذ التدابير طيلة الفترة السابقة للحبس في القضية الجديدة إلا أنه تم تحرير المحضر وحمل رقم 22 لسنة 2019.
عقب تحرير محضر بادعاء تهربه من التدابير تم اقتياد المحامي الحقوقي هيثم محمدين إلى وجهة غير معلومة وظهر بعدها بثلاثة أيام في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية رقم 741 حصر أمن الدولة لسنة 2019، وصدر قرار بحبسه احتياطياً لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق ومنذ ذلك التاريخ وهو مسجون بلا محاكمة.
هيثم محمدين هو محام وناشط حقوقي وسياسي، من مواليد 1982، درس الحقوق، وعمل بالعديد من المنظمات الحقوقية بداية بمركز النديم مروراً بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان نهاية بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، وهو أحد المحامين الحقوقيين في مصر الذين لعبوا خلال السنوات الماضية دوراً هاماً في الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل عام، وعن حقوق العمال بشكل خاص.
كان محمدين أحد المحامين الحقوقيين البارزين في فريق الدفاع عن العمال، وزادت شهرته عقب مواجهته لمحكمة أمن الدولة في أعقاب انتفاضة 6 إبريل من عام 2008.
شارك محمدين في ثورة يناير عام 2011 واعتُقل لفترة وجيزة ثم تم التحقيق معه من قبل أمن الدولة أثناء الثورة.
ولعب دوراً هاماً في رفض قانون "منع التظاهر" الذي أقرته الحكومة الانتقالية في عام 2013، وكان أحد أهم المدافعين عن حق المواطنين في حرية التعبير السلمي.
ظل محمدين حاضراً بقوة في كل القضايا الوطنية مهما كان الثمن، وكان أحد المؤسسين للحملة الشعبية للدفاع عن الأرض، اعتراضاً على نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، بموجب اتفاقية ترسيم حدود تم إبرامها في إبريل/نيسان 2016، حتى تم القبض عليه مع كثيرين دفاعاً عن الأرض.
ظل محمدين حاضراً بقوة في كل القضايا الوطنية مهما كان الثمن، وكان أحد المؤسسين للحملة الشعبية للدفاع عن الأرض
وفي يناير/كانون الثاني 2015، قررت لجنة حصر أموال جماعة الإخوان المسلمين، التابعة لوزارة العدل، التحفظ على أموال وممتلكات 112 شخصًا، كان من ضمنهم اثنان من الاشتراكيين الثوريين، وهما هيثم محمدين وهشام عبد الرسول.
أما والده فهو القيادي العمالي فوزي محمدين، وهو من القيادات العمالية التي شاركت في اعتصام عمال الحديد والصلب عام 1989، وكان له دور ونشاط سياسي وعمالي بارز.
تم القبض على محمدين قبل ذلك في قضية "الأرض" بسبب مشاركته في احتجاجات رفضاً لنقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلي السعودية في 2016، ثم ألقي القبض عليه في قضية "معتقلي المترو" في 2018.
هشام فؤاد.. القلم دفاعا عن الكادحين
أما الصحافي هشام فؤاد فألقت قوات الأمن القبض عليه فجر يوم الثلاثاء 25 يونيو/حزيران 2019، من منزله بالقاهرة بعد اقتحام المنزل وترويع زوجته وأبنائه، وتم اقتياده إلى جهة غير معلومة وظهر بعدها بساعات في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية 930 لسنة 2019 والمعروفة إعلاميا باسم "معتقلي الأمل" وصدر قرار بحبسه احتياطيا لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق.
وقال بيان الداخلية المصرية إن المقبوض عليهم خططوا من خلال شركاتهم "لتمويل أعمال عنف ضد مؤسسات الدولة"، وتكثيف الدعوات الإعلامية "التحريضية" عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية التي تبث من الخارج.
واتهم البيان مجموعة تضم كلا من هشام فؤاد، الصحافي وعضو حركة الاشتراكيين الثوريين، والصحافي حسام مؤنس المتحدث الرسمي السابق باسم التيار الشعبي وأحد مؤسسيه، وزياد العليمي، عضو البرلمان السابق، ورجل الأعمال عمر الشنيطي.
هشام فؤاد مواليد عام 1968 من عائلة لها تاريخ وطني وسياسي مشرف وتمتلك سجلا نضاليا عظيما، فوالده هو المناضل فؤاد عبد الحليم الذي سجن لمدة 10 سنوات كاملة لكفاحه ضد الاستبداد والظلم ومطالبته بحقوق الفقراء والعمال والفلاحين، وعمه الشاعر والأديب والروائي والمحامي كمال عبد الحليم، من أبرز القادة التاريخيين للحركة الديمقراطية للتحرر الوطني "حدتو" في مصر التي شاركت في التحضير لثورة 23 يوليو 1952 وفي تنفيذها، واعتقل لفترة من الزمن ولكنه لم ينقطع نضاله ولا كفاحه الوطني.
انحاز هشام فؤاد من البداية إلى العمال والفلاحين وقضاياهم، ونشط في العمل النقابي مدافعاً بكل قوة كناشط نقابي وكصحافي سخر قلمه للدفاع عنهم
أما عمه الثاني فهو الصحافي إبراهيم عبد الحليم رئيس تحرير دار الهلال الأسبق.
درس هشام فؤاد في كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 1987 وعقب تخرجه عمل في أكثر من مهنة إلى أن استقر في مهنة الصحافة التي أحبها منذ الصغر.
كان له دور بارز وقيادي في النشاط الطلابي داخل الجامعة وخارجها في فترة التسعينيات، وبرز دوره في عام 92 أثناء حرب الخليج "عاصفة الصحراء".
عمل في بداية حياته في الكثير من الصحف ولكنه استقر في جريدة العربي الناصري، واهتم بالعمل النقابي وكان له دور بارز وقيادي داخل نقابة الصحافيين وبذل جهدا كبيرا في تنظيم شباب الصحافيين ثم شارك في تأسيس منشور نقابي كان يرأس تحريره و توزيعه و يصدره بانتظام بعنوان "صحفيو الغد" يتناول فيه قضايا الشأن النقابي وعلاقات العمل وأوضاع المهنة وأصحابها.
انحاز هشام فؤاد من البداية إلى العمال والفلاحين وقضاياهم، ونشط في العمل النقابي مدافعاً بكل قوة كناشط نقابي وكصحافي سخر قلمه للدفاع عنهم وانتمى للحركة العمالية كصحافي وكناشط.
شارك في تأسيس اللجنة القومية للدفاع عن الفلاحين عام 1997 ضد قانون الإصلاح الزراعي، وكان له دور بارز في ظهور هذا الكيان للنور.
دعم هشام فؤاد الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 ونظم وقفات كثيرة بنقابة الصحافيين ضد الاحتلال الإسرائيلي. وفي 2003 كان أحد مؤسسي حركة "مناهضة الحرب على العراق".
لعب فؤاد دوراً مركزياً في دعم النقابات المستقلة بعد 2006 كنقابة "هيئة النقل العام، والبريد"، كما لعب دوراً مميزاً في دعم وتأسيس "النقابة المستقلة للضرائب العقارية"، وأيضا هو من مؤسسي "مركز الأرض" المعني بالدفاع عن حقوق الفلاحين.
كما شارك في تأسيس حركة "كفاية" المناهضة لحكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك والتي كانت ضد التوريث وكان أحد العناصر القيادية بها.