لاحظت "دار الخدمات النقابية والعمالية" المصرية انحسار الاحتجاجات العمالية، ورصدت الانتهاكات التي تعرض لها العمال والعاملات عام 2023، وبلغت نحو 6241 انتهاكًا تركزت غالبيتها العظمى في القطاع الخاص يليه قطاع الأعمال العام، ثم القطاع الحكومي.
وقد تمحورت بين نقل العمال تعسفيًّا من أماكن عملهم كعقاب، وتقييد الحرية وتوجيه تهم جنائية، والفصل، وتهديد بالفصل، وتهديد بالأمن الوطني، وامتناع عن دفع الأجر، واستدعاء الشرطة، وإيقاف عن العمل، وطرد العمال خارج مقار العمل، وإنذار بالفصل، والعنف اللفظي والبدني، والتحقيق مع العمال، والجزاء المالي للتعبير عن الرأي.
كانت دار الخدمات النقابية والعمالية، رصدت حجم الانتهاكات التي تعرض لها العمال والعاملات خلال عام 2022 في مصر بنحو 10634 انتهاكاً، تركزت الأغلبية العظمى منها في القطاع الخاص بما يعادل 9722 انتهاكاً، يليه قطاع الأعمال العام بنحو 900 انتهاك، ثم القطاع الحكومي بما يعادل 12 انتهاكًا.
صحيح أن الاحتجاجات العمالية استمرت عام 2023، لكنها كانت أقل من العام الماضي بشكل ملحوظ رغم مبررات اشتعالها، فالضغط الاقتصادي على أرباب الأعمال، وارتفاع سعر الفائدة في البنوك، في مقابل تقلص هامش الربح، فضلًا عن نقص العملة، والمواد الخام، جميعها عوامل دفعت الكثير من أصحاب العمل إلى التهديد بسلاح تقليص العمالة، أو حتى التصفية، في مواجهة أي تذمر، أو احتجاج، وهو ما أثر قطعًا على عدد الاحتجاجات، وكذلك المماطلة وعدم الاستجابة لأغلب مطالبها، وعليه أصبح العمال بين سندان صعوبة العيش الكريم ومطرقة الفصل أو التصفية، حسب التقرير السنوي الحديث الصادر عن الدار لعام 2023.
وأشار التقرير أن العمال يعيشون في الواقع أزمة الأجور منذ عقود، التي لا تحتسب على قدر احتياجاته، وإنما بحسب "مزاجية صاحب العمل، وأعلى ربح ممكن له"، وفسر ذلك بـ"أن الحد الأدنى للأجور الذي بدوره وصل إلى 4 آلاف جنيه، أي ما يوازي 80 دولارًا شهريًّا (حسب سعر الدولار غير الرسمي)، يطبق فقط في القطاع العام الذي يمثل أقل من ثلث مجموع القوى العاملة في مصر، فضلًا عن أن الحد الأدنى للأجور، يتم احتسابه مشمولًا بالمقتطع التأميني التي يفترض أن يدفعه صاحب العمل لا العامل).
وتابع التقرير "أما الوضع في القطاع الخاص فإن العمال لا يسمح لهم بإنشاء النقابات التي تحميهم، أو وزارة تراقب عليه، ما يخلق وضعًا جائرًا يجعلهم من الفقراء، أو على الأقل من المهددين بالجوع، الذين يعملون لساعات طويلة، بلا عائد يقيهم العوز، للوقوف على حجم الأزمة التي يعيشها العمال، وفروق العملة، والتضخم".
واستعان التقرير بالعام 2013 كسنة قياس، "إذ كان الحد الأدنى للأجور 1200 جنيه مصريًّا، وكان يعادل 172 دولارًا تقريبًا، حيث كان الدولار أقل من 7 جنيهات، وعليه فالزيادة في الحد الأدنى التي تروج لها الحكومة أصبحت تعادل 80 دولارًا، ليست زيادة حقيقية، بل أوهام تفضحها نسب التضخم التي تآكلت معها الدخول".