مصر تطلب من صندوق النقد الدولي تأجيل تنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية

22 أكتوبر 2024
دعا السيسي حكومته إلى مراجعة الموقف مع صندوق النقد، القاهرة في 12 مايو 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

قال مسؤول مصري إن الحكومة طلبت من صندوق النقد الدولي تأجيل تنفيذ بعض الإصلاحات المتفق عليها في القرض الذي وافق عليه الصندوق في مارس/آذار الماضي والذي يتطلب رفع أسعار الوقود وتخفيض الدعم. ونقلت شبكة سي أن أن الإخبارية الأميركية، الاثنين، عن مسؤول حكومي لم تذكر اسمه أن "جميع الإصلاحات ستنفذ، ولكن خلال فترة أطول من المتفق عليها". 

وقال الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس جيمس سوانستون، للشبكة ذاتها، إن الإجراءات التي طلبت مصر تأجيلها هي "إجراءات تستهدف الحد من معاناة الأسر المصرية، إذ أدى خفض دعم الخبز ورفع أسعار الوقود إلى زيادة مصروفات الأسر وفرض ضغوطاً تصاعدية على التضخم"، مضيفاً أن "هذه هي الإجراءات التي لا تزال مصر متأخرة في تطبيقها، ومن المفترض أنها كانت العامل المساهم وراء تأخر المراجعة الثالثة لمصر"، وتوقع أن "تحصل مصر على استثمارات أجنبية من المملكة العربية السعودية خلال الأشهر المقبلة، ما سيدعم مصر على غرار ما حدث في صفقة رأس الحكمة".

وأكدت الحكومة للصندوق للحصول على القرض الالتزام بخفض الدعم عن السلع التموينية، وزيادة الوعاء الضريبي، الذي يخضع له نحو 22% من تعداد المواطنين، ورفع أسعار الوقود والتوجه نحو الدعم العيني، وبدء تنفيذه عام 2025 على نحو 11 مليون أسرة تراها الحكومة مؤهلة لبرامج التحويلات النقدية، مع تنفيذها بموازنة 2024-2025 الحالية (بدأت في الأول من يوليو/تموز)، تضم نحو 55 مليون نسمة، وهو ما يعني إزالة نحو 20 مليون مواطن من قائمة الدعم العيني ممن يحصلون على الخبز المدعم والسلع التموينية.

كما طالب الصندوق الحكومة بسرعة إنهاء قانون يعتمده البرلمان بحلول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل وقبل نهاية العام، لمنح إجراءات تنفيذ برنامج سياسة ملكية الدولة وبيع الأصول العامة قوةَ القانون ومتانته، والالتزام بنظام مرن لسعر صرف أجنبي، وتعديل قانون ضريبة القيمة المضافة بحلول نوفمبر المقبل، لخفض الإعفاءات الضريبية الممنوحة لنحو 19 سلعة وخدمة، وتعديل قانون الجهاز المركزي للمحاسبات، واشتراك الصندوق مع البنك المركزي في اختيار شركة دولية تتولى إجراء تقييم مستقل للسياسات والإجراءات والضوابط الخاصة بالبنوك المملوكة للدولة.

ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حكومته إلى "مراجعة الموقف مع صندوق النقد الدولي"، على خلفية الغضب الشعبي المصاحب لقرار رفع أسعار بيع الوقود بنسبة 17.3%، استجابة لاشتراطات الصندوق مقابل الإفراج عن شريحة بقيمة 1.3 مليار دولار، ضمن برنامج القرض الموسع بين الطرفين البالغة قيمته ثمانية مليارات دولار. وقال السيسي، في مؤتمر بالعاصمة الإدارية الجديدة، أول من أمس الأحد، إنه "إذا كانت التحديات ستجعلنا نضغط بشكل لا يتحمله الناس، فلا بد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد"، مشيراً إلى أن "الدولة المصرية جزء من اقتصاد العالم، وتتأثر بالتحديات التي تواجهه، حيث فقدت ما بين ستة وسبعة مليارات دولار في آخر عشرة أشهر بسبب الأحداث (الحرب) في المنطقة، والمتوقع أن تستمر تداعياتها لمدة عام مقبل". 

وأضاف: "نعمل على برنامج إصلاح اقتصادي في ظروف إقليمية ودولية صعبة، والتحدي الاقتصادي الذي نواجهه قائم منذ عام 2011. والدولة تحركت في برنامجين خلال مسارها للإصلاح الاقتصادي، الأول كان في 2016 مع الاتفاق الأول لصندوق النقد، ونجحنا فيه بسبب استقرار الأوضاع الإقليمية والدولية أكثر مما نحن عليه الآن". 

وساهمت الاستثمارات الخليجية، بما في ذلك صفقة ضخمة بقيمة 35 مليار دولار مع شركة القابضة "إيه.دي.كيو"، وهي تمثل أحد صناديق الثروة السيادية في أبوظبي، في دعم البلاد وسط أزمة ديون العام الماضي. كما وقعت مصر في مارس/ آذار الماضي حزمة دعم مالي قيمتها ثمانية مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي للمساعدة في السيطرة على سياسة نقدية تغذي التضخم، لكنها تستلزم زيادة في أسعار عدد كبير من المنتجات المحلية. 

وكان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قد قال، السبت، إن قرار الحكومة رفع أسعار بيع الوقود ليس الأخير، و"ستعقبه قرارات أخرى بتطبيق زيادات تدريجية على الأسعار حتى نهاية عام 2025"، مدعياً أن "الدولة ليس لديها بديل آخر عن رفع الأسعار، حتى الوصول إلى عملية التوازن بتحرير أسعار البيع". 

ومنذ بداية العام 2024 وحتى الزيادة الثالثة، يوم الجمعة الماضي، شهدت أسعار البنزين زيادات تراوح بين 32 و36%، في حين كانت زيادة سعر السولار هي الأكبر متجاوزة 63%. وارتفع سعر السولار الذي يزيد الاعتماد عليه في تشغيل سيارات النقل ومركبات النقل الجماعي من 8.25 جنيهات (نحو 17 سنتاً)، في بداية العام، إلى 13.5 جنيهاً حالياً، أي بزيادة 63.6%، وهو ما يؤثر عادة على أسعار السلع وتكاليف المواصلات العامة.

صندوق النقد الدولي: خطة الإصلاحات وفق الجدول الزمني

ومراجعة موقف مصر مع الصندوق تعني إعادة فتح برامج الإصلاحات الاقتصادية وتأجيل بعضها لفترات لاحقة، لتخفيف صدمة تبعاتها على المستهلك المحلي. وبحسب ما علمت وكالة الأناضول من مصدر في صندوق النقد الدولي، الاثنين، فإن الصندوق مصمم على المضي قدما في خطة الإصلاحات دون تغيير وفق الجداول الزمنية المحددة مسبقا مع الحكومة المصرية.

وقال المصدر، مفضلا عدم ذكر اسمه لكونه غير مخول بالتصريح للإعلام: "تبقى من الإصلاحات التي لم يتم إكمالها بعد رفع الدعم كاملا عن الوقود، إلى جانب رفع الدعم عن الكهرباء لبعض الشرائح الاستهلاكية، وتخارج الدولة من عشرات الشركات العاملة في البلاد".

وفي حال فرضية ظهور خلافات بين الجانبين بشأن مواعيد تنفيذ الإصلاحات، فإن الصندوق قد يتجه إلى تأجيل مراجعات البرنامج مع مصر، وهو ما سيؤجل تسليم شرائح جديدة من القرض البالغ ثمانية مليارات دولار.

وأرجأ الصندوق وصول بعثة خاصة لإتمام المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي من 15 سبتمبر/أيلول إلى منتصف أكتوبر/تشرين الأول ثم إلى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بعد انتهاء اجتماعاته السنوية التي انطلقت أمس في واشنطن. واعتمد الصندوق نتائج المراجعة الثالثة في 29 يوليو/تموز الماضي، وأسفرت حينها عن الإفراج عن 820 مليون دولار من قرض متفق عليه بقيمة ثمانية مليارات دولار، فضلاً عن مطالبة الحكومة بقرض تكميلي آخر من صندوق الصلابة والاستدامة التابع للمؤسسة المالية الدولية يبلغ 1.2 مليار دولار.

ويشارك وفد مصر بمسؤولين من البنك المركزي والوزارات الاقتصادية ذات الصلة وممثلين للقطاع الخاص في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي انطلقت في واشنطن، أمس الاثنين، بحضور كبار المسؤولين الماليين من دول العالم. ولم تصدر أي تصريحات عن الوفد وهل سيبحث مع إدارة الصندوق خلال الاجتماعات قضية تأجيل بعض الإصلاحات المتفق عليها في قرض الصندوق أم لا أو موعد وصول بعثة الصندوق لإتمام المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري المقررة في نوفمبر المقبل.

المساهمون