قالت مصادر لوكالة "بلومبيرغ" اليوم الأربعاء، إن مصر تقترب من توسيع قرض صندوق النقد الدولي إلى 6 مليارات دولار بدلاً من 3 مليارات، في الوقت الذي قال فيه وزير المالية إن بلاده تتجه إلى الاقتراض عبر إصدار سندات بالعملات الخليجية.
وأضافت الوكالة عن المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، أن "القرض قد يرتفع عن 6 مليارات دولار، كذلك فإن شركاء آخرين متعددي الأطراف قد يقدمون قروضاً أيضاً".
وأشارت الوكالة إلى أن وقت إبرام الاتفاق غير معلوم حتى الآن، واصفة إياه حال حدوثه بـ"دفعة للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي تمدد إعادة انتخابه حكمه الذي دام عقدًا تقريبًا حتى عام 2030"، مؤكدة أن "المشير السابق يواجه صعوبات أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ عقود".
ويتوقع المستثمرون الدوليون -وفقاً للوكالة- "انخفاض قيمة الجنيه المصري خلال الأشهر المقبلة"، كذلك إن "الحصول على أموال من شركاء أجانب، من شأنه أن يقطع شوطاً طويلاً لضمان تجنب مصر التخلف عن السداد".
وأشارت "بلومبيرغ" إلى أن "الحرب الإسرائيلية على غزة وضعت مصر في مركز الصدارة من الناحية الجيوسياسية، باعتبارها البوابة الرئيسية للمساعدات لغزة، الأمر الذي قد يعطي المزيد من الحوافز للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما لدعم حكومة السيسي".
وقال سيمون ويليامز، كبير الاقتصاديين في "HSBC Holdings Plc" إن "صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي وآخرين واضحون تمامًا في أن احتمال حصول مصر على الدعم المالي قد ارتفع نتيجة للصراع".
وصرف الصندوق دفعة أولى من القرض العام الماضي، بقيمة 347 مليون دولار لمصر، إلا أن الدفعتين الثانية والثالثة من القرض لم تحصل عليهما مصر حتى الآن، بسبب ما وصفه مسؤولو الصندوق بأنه "تأخر في تنفيذ بعض النقاط التي اتُّفِق عليها".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت كريستالينا غورغييفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، إن البنك الذي يقع مقره في واشنطن "من المرجح جدًا" أن يزيد القرض الحالي لمصر بسبب الأعباء الجديدة التي تواجهها.
واقترحت غورغييفا أيضًا أن "تكون أولوية الحكومة خفض التضخم -الذي يبلغ الآن 35٪- بدلاً من خفض الجنيه".
وتعاني مصر من أزمة شحّ دولار متفاقمة دفعتها إلى تخفيض عملتها ثلاث مرات في الفترة من مارس 2022 إلى يناير/ كانون الثاني 2023، ما أدى إلى تراجع قيمة الجنيه الفعلية من 15.70 إلى 50.50 جنيهاً للدولار في السوق الموازية، مقابل نحو 30.95 جنيهاً في السوق الرسمية.
ويشير ذلك إلى أن خفض قيمة العملة قد لا يأتي بالسرعة التي توقعها بعض الاقتصاديين، وقال جان ميشيل صليبا، الخبير الاقتصادي المختص بشؤون الشرق الأوسط في "بنك أوف أميركا"، إن برنامج صندوق النقد الدولي الجديد قد "يعكس تقييماً جديداً لموقف مصر، ويوازن بعناية بين استعادة ثقة السوق دون التقليل من حوافز السلطات للإصلاح".
لكن بنوك دولية أخرى ترى وفقاً لـ"بلومبيرغ" أن "تخفيض قيمة العملة أمر لا مفر منه. واستقر السعر الرسمي للجنيه عند 30.9 للدولار منذ أشهر. لكنه أضعف بنحو 36%، عند مستوى 50 جنيها، في السوق السوداء، وهو المستوى نفسه الذي يجري عنده التداول الآجل للعملة لمدة عام واحد".
وقال زياد داود، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في بلومبيرغ إيكونوميكس: "يمكن لمصر أن تفلت من انخفاض قيمة العملة بنسبة تقل عن 36% إذا حصلت على تمويل خارجي من صندوق النقد الدولي وربما دول الخليج".
وقالت لور دي نيرفو، المحللة الرئيسية لمصر في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إن "اتفاق صندوق النقد الدولي من المرجح أن يكون مشروطاً بتعديل العملة، كإجراء مسبق".
وأضافت أن تأثير الحرب قد لا يغير الحاجة إلى الإصلاحات الاقتصادية.
وسجل الدين الخارجي لمصر بنهاية العام المالي الماضي 2022/ 2023 نحو 164.7 مليار دولار، بانخفاض عن 165.4 مليار دولار في مارس الماضي، لكنه لا يزال أعلى بنحو 9 مليارات دولار من الرقم المسجل بنهاية العام المالي 2021/ 2022.
كذلك ارتفعت التزامات مصر لسداد أقساط الدين الخارجي والفوائد المستحقة في عام 2024 إلى 42.3 مليار دولار وفقاً لأحدث تقارير البنك المركزي المصري.
سندات خليجية
في السياق، قال وزير المالية المصري محمد معيط اليوم، إن بلاده لا تجد ما يمنع إصدار سندات أو صكوك بالعملات الخليجية، واصفاً ذلك بالأمر غير السهل الذي يحتاج لمجهودات كبيرة.
وأضاف الوزير في مؤتمر صحافي نقلته وسائل إعلامية، أن مصر تسعى لتنويع محفظة الدين الخارجي، حيث نجحت في إصدار سندات خضراء، وأخرى بعملات الين الياباني والين الصيني، إضافة إلى تأمين تمويل بحوالى 1.5 مليار دولار من البنوك متعددة الأطراف للتنمية والمؤسسات العالمية.
وقال معيط في وقت سابق من الشهر الجاري، إن بلاده تتجه إلى الاقتراض من سوق المال الهندية عبر طرح سندات بالروبية الهندية في عام 2024.
وأضاف أن السندات المقومة بالروبية الهندية ستكون بقيمة 500 مليون دولار، وستكون المرة الأولى التي تصدر فيها مصر سندات في السوق الهندية.