شهد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم الأربعاء، التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة والسكان، ممثلة بأمانة المراكز الطبية المتخصصة، وشركة "إليفيت لإدارة المستشفيات" الخاصة، وذلك بمقر الحكومة المطل على البحر المتوسط بمدينة العلمين الجديدة، بدعوى التعاون في مجالات رفع جودة وكفاءة المستشفيات والمراكز الطبية والمرافق الصحية التابعة للوزارة.
ووقع مذكرة التفاهم مساعد وزير الصحة لشؤون مشروعات ومبادرات الصحة العامة محمد حساني، ورئيس مجلس إدارة شركة "إليفيت" طارق محرم، والممثل القانوني عن المركز القومي الفرنسي للأورام "غوستاف روسي" ريمي تيوليه، بحضور وزير الصحة خالد عبد الغفار.
وتأتي المذكرة في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الصحة، انطلاقاً من رؤية الحكومة نحو تحسين وتلبية احتياجات القطاع الصحي في مصر بشكل مستدام وفق رؤية 2030، بما يسهم في تعزيز أطر الشراكة مع القطاع الخاص في المجالات والأنشطة ذات الاهتمام المشترك، ومنها إدارة وتشغيل وصيانة المستشفيات والمراكز الطبية والمرافق الصحية العامة.
وحسب بيان لمجلس الوزراء، اتفق الجانبان على تطوير مركز أورام دار السلام (هرمل) الواقع على كورنيش النيل في قلب القاهرة، حتى يصبح فرعاً للمركز الفرنسي الفرنسي "غوستاف روسي" داخل مصر، وإقامة وإدارة وتشغيل مستشفيات ومراكز طبية متخصصة تضخ استثمارات جديدة في القطاع الصحي، وتعزز من حضور القطاع الخاص داخل السوق المصرية.
وتشير الخطوة إلى المزيد من خصخصة المستشفيات الحكومية، والابتعاد عن هدف توفير العلاج للفقراء ومحدودي الدخل تحت مسمى "التطوير"، وسط مخاوف من تزايد التكتلات الاحتكارية في القطاع الطبي.
واستحوذ صندوق "إيليفيت هيلث كير" التابع لشركة "إيليفيت للاستثمار المباشر" على مراكز "النيل للأشعة"، مقابل 500 مليون جنيه (الدولار = 30.95 جنيهاً) قبل نحو عام. وهو صندوق تأسس عبر شراكة بين بنك مصر والشركة في إبريل/ نيسان 2021، بقيمة 380 مليون دولار.
وأضاف مجلس الوزراء، في بيانه، أن الشراكة الاستراتيجية مع القطاع الخاص تستهدف بناء القدرات في المجال الصحي، ودعم الكوادر البشرية العاملة في هذا القطاع، جنباً إلى جنب مع المبادرات الرئاسية بقطاع الرعاية الصحية، والشراكة بين الجانبين في مجال البحوث الإكلينيكية.
وعلى هامش التوقيع، أفاد وزير الصحة بأن مجالات التعاون تتضمن أنماطاً عدة، منها التعاون من أجل إنشاء لجنة فنية مشتركة لتحديد نموذج الشراكة الأكثر فعالية لتشغيل وإدارة المرافق الصحية، وتحديد كل طرف شريك استراتيجي بين مؤسسات الوزارة لتأسيس التعاون لأغراض التدريب، وتعليم العاملين في المجال الصحي، فضلاً عن تنظيم برامج لنقل المعرفة بين الجانبين، وإعداد برامج للحصول على زمالة من المستشفيات الأوروبية أو المملكة المتحدة.
وأضاف أن التعاون يشمل أيضاً تقديم الخدمات الاستشارية الاستراتيجية، وتطوير المشروعات الخاصة، بما في ذلك مجالات الشراكة المستهدفة، مستطرداً بأن الطرفين يستهدفان من مذكرة التفاهم تعزيز جوانب الشراكة بتعيين ممثل لتبادل التقارير مع مختلف الأطراف، وتبادل المعلومات حول البيانات المتعلقة بالمستشفيات المقرر تفعيل الشراكة بشأنها، وتقديم حلول ومشروعات منفردة.
يذكر أن مجموعة "أبراج كابيتال" الإماراتية استحوذت على عدد كبير من المستشفيات الكبرى في مصر، مثل كليوباترا والقاهرة التخصصي والنيل بدراوي، إلى جانب أكبر سلسلتين من معامل التحاليل، وهما "البرج" التي تملك 926 فرعاً و55 معملاً بيولوجياً، و"المختبر" (826 فرعاً).
كما استحوذت مجموعة "علاج" الطبية السعودية على 9 مستشفيات كبرى، منها الإسكندرية الدولي وابن سينا التخصصي والأمل والعروبة، بالإضافة إلى معامل "كايرو لاب" للتحاليل الطبية واسعة الانتشار في مصر، ومراكز "تكنو سكان" للأشعة التي تمتلك بدورها 24 فرعاً في محافظات مختلفة.
وكانت وزارة الصحة المصرية قد طرحت 5 من أكبر مستشفياتها العامة للبيع أمام القطاع الخاص، وهي المستشفى القبطي في شارع رمسيس الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1926، ومستشفى العجوزة في محافظة الجيزة (1936)، ومستشفى هليوبوليس (1950)، ومستشفى شيراتون في حي مصر الجديدة، ومستشفى الجلالة في محافظة السويس.
ويشكو أغلب المصريين من انفلات أسعار خدمات الرعاية الصحية، ولا سيما في أعقاب جائحة كورونا، على خلفية التكتلات الاحتكارية الخليجية، في وقت تسعى الحكومة لإشراك القطاع الخاص في إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية بصورة تدريجية، تحت مظلة المنظومة الجديدة للتأمين الصحي الشامل، بينما يبقى متوسط الأجر في مصر بين الأدنى على مستوى العالم.
ووجه نواب في البرلمان طلبات إحاطة إلى الحكومة خلال العامين الماضيين، حذروا فيها من مخاطر احتكار القطاع الخاص على الخدمات الطبية صحياً وأمنياً، بسبب زيادة وتيرة الاندماجات والاستحواذات في القطاع الصحي، الذي أصبح جاذباً بشكل كبير للمستثمرين نتيجة الأرباح والعوائد الضخمة التي تحققها المستشفيات المصرية، مقارنة بالدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط.