ارتفعت أسعار أكثر من 150 صنفاً دوائياً في مصر منذ بداية العام الجاري بنسب وصلت إلى 60% في بعض الأصناف، في الوقت الذي كشفت فيه مؤشرات كل شركات الأدوية المدرجة في البورصة المصرية عن تحقيق أرباح خلال العام المالي الجاري 2021/ 2022، بنسب وصلت إلى 56%، باستثناء شركة وحيدة "ممفيس" والتي قلّصت خسائرها بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي.
وعزا محللون ماليون السبب الرئيسي لتعاظم أرباح عدد من الشركات الأدوية إلى ارتفاع الأسعار بنسب تفوق زيادة أسعار خامات الإنتاج، بالإضافة إلى زيادة حركة المبيعات، نتيجة عودة زيارة المرضى إلى المستشفيات والعيادات عقب فترة ركود بسبب كورونا، بخلاف تبني الحكومة لعدد من المبادرات الصحية الوطنية.
ويعبر نقيب الصيادلة في إحدى محافظات الصعيد عن انزعاجه من الارتفاع المتتالي لأسعار الأدوية والمستحضرات الدوائية، والذي أصبح يتم بشكل أسبوعي، بمعدل 4 أصناف ما بين أدوية ومكملات غذائية ومستحضرات، إذ إنّ بعض الشركات تورد أدويتها بالسعر الجديد (الفاتورة) في حين أنّ المدون على المنتج السعر القديم، وهو ما يمثل مشكلة للصيدلي، سواء مع التفتيش الصيدلي أو المستهلك، ولا سيما أنه ممنوع تغيير السعر عن طريق "الشطب".
وأوضح النقيب الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ "ارتفاع الأسعار يقلل من أرباح الصيدليات بشكل عام، نتيجة تراجع المبيعات، مع ثبات هامش ربح الصيدلي، وهو ما يؤدي إلى إشكالية مع الضرائب، والتي تبنى حساباتها على مبيعات العام الماضي، وغالباً يدخل الصيدلي في مفاوضات مضنية مع لجان الضرائب لإثبات تراجع مبيعاته وكذلك أرباحه".
ويشكو الدكتور محمد مندور، صاحب إحدى الصيدليات، من أنّ الارتفاع المتتالي والمفاجئ للأسعار يسبب مشاكل بين الصيدلي والمستهلك، إذ إنّ الشركات أصبحت ترسل أسعارها الجديدة، دون تغيير في الأسعار المدونة على العبوة، مما يفقد من مصداقية الصيدلي لدى المستهلك، وخاصة إذا حصل على نفس الصنف من صيدلية أخرى بالسعر القديم.
ويتابع، في حديث لـ"العربي الجديد": "طلب أحد المستهلكين نوع حقن خاصاً بالجلطات، ومدون على العلبة أنّ سعر الحقنة 110 جنيهات، في حين أنّ فاتورة الشراء الجديدة 135 جنيهاً، وأصر المستهلك على شرائها بالسعر المدون، وحدثت مشكلة بيني وبين الشركة حتى تم استرداد الفارق بعد عدة مفاوضات". (الدولار= 15.7225 جنيهاً).
وأرجع الدكتور حاتم البدوي، السكرتير العام لشعبة الصيدليات في اتحاد الغرف التجارية المصرية، الزيادات الأخيرة في أسعار الأدوية إلى ارتفاع أسعار الخامات الدوائية عالمياً، بالإضافة لزيادة تكاليف النقل والشحن، لافتاً إلى أنّه "كلما ارتفعت أسعار الأدوية، تراجعت أرباح الصيدليات".
وأضاف، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنه "بالرغم من ارتفاع الأسعار إلا أنّ الأدوية ما زالت في مصر هي الأرخص عالمياً، وما زالت مسعرة جبرياً في الوقت الذي حررت فيه بعض الدول هذه الأسعار، كما أنه لا توجد نواقص حالياً سوى في بعض أدوية الشلل الرعاش والهرمونات، في الوقت الذي وصلت فيه هذه النواقص في فترات سابقة إلى حوالي 1800 صنف دوائي".
وتشير توقعات بنك الاستثمار "فاروس" إلى نمو سوق الأدوية في مصر بمعدل نمو سنوي مركب 11.6% بين الفترة من 2020 إلى 2025، بسبب زيادة الأسعار، مع النمو السكاني السنوي بنحو 2%، إضافة إلى أنّ الانفاق الشخصي على الأدوية يمثل 61% من جملة الإنفاق بالقطاع الصحي.
وقدرت حجم المبيعات المحتملة لشركات الأدوية في مصر، بنهاية 2021، بـ8.2 مليارات دولار، مقابل 7.4 مليارات في 2020، منها مبيعات تجزئة بـ5.6 مليارات دولار بنسبة نمو 12.5%.
ويبلغ عدد شركات الأدوية في مصر نحو 152 شركة بخلاف 40 تحت الإنشاء، فيما وصل حجم سوق الدواء إلى 125 مليار جنيه مصري، موزعة 90 مليار جنيه للقطاع الخاص، و35 مليار جنيه للشركات الحكومية، ويغطي الإنتاج المحلي نسبة 88%، ويتم استيراد 12% من الأدوية شديد التعقيد كأدوية السرطان، وفقاً لبيانات الحكومة المصرية.