مصر: غلاء الأجهزة الكهربائية رغم توفر الدولار

25 يونيو 2024
تواصل موجات الغلاء رغم استقرار سعر الدولار (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الأسواق المصرية زيادة في نشاط قطاع الأجهزة الكهربائية رغم التحديات الاقتصادية وتراجع قيمة الجنيه، لكن المستهلكين واجهوا خيبة أمل بسبب عدم التزام المعارض بتخفيضات الأسعار الموعودة.
- استقرار نسبي في أسعار الأجهزة الكهربائية مع زيادة في العرض، لكن لم تنخفض الأسعار كما كان متوقعًا بسبب عوامل مثل المضاربة على الأسعار وارتفاع تكلفة الإنتاج.
- يأمل التجار والمستهلكون في تخفيضات أكثر جذرية خلال "الأوكازيون" الصيفي، ولكن هناك مخاوف من تأثير ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود على التضخم وأسعار الأجهزة الكهربائية في المستقبل.

 

أقبل الناس على الأجهزة الكهربائية، التي اختفت من الأسواق المصرية نحو عام وسط موجات غلاء متواصلة، أملاً في شراء ما يريدونه من أجهزة بأسعار تتناسب مع التراجع بقيمة الدولار في السوق الموازية التي ظلت تتحكم في تسعير المنتجات مدة عامين.
وأسفر تدفق الدولار عن زيادة في العرض، بينما تذبذب الطلب مع عدم التزام المعارض بخفض الأسعار بمعدلات بشّرت بها الحكومة والغرف التجارية، عند حدود 30% من قيمة السلع. تعلن المعارض عن تخفيضات تصل إلى 20%، يفاجأ الناس باقتصار تنفيذها على معدات معيبة، أو عند الشراء بكميات ومبالغ تفوق 20 ألف جنيه (الدولار = نحو 48.2 جنيهاً).



عودة النشاط في الأسواق مع غلاء الأجهزة


في جولة لـ"العربي الجديد" بالأسواق، رصدت عودة النشاط في أسواق الأجهزة الكهربائية، وسط القاهرة ومراكز تجارية كبرى، عقب خفض قيمة الجنيه في مارس/ آذار الماضي، بنحو 40% مقابل الدولار والعملات الرئيسية، في البنوك.

ورغم عودة الدولار إلى البنوك، تظل أسعار التداول للسلع المعمرة، بين كبار التجار والموردين عند سعر العملة الأميركية في السوق الموازية الذي تخطى 70 جنيهاً، شهري مارس/ آذار وإبريل/ نيسان، رغم تراجع الدولار في السوق الموازية، ليتقابل مع السعر السائد في البنوك في مايو/ أيار الماضي عند مستويات 48 جنيهاً للدولار. ودفع التراجع إلى وقف ارتفاع أسعار السلع الكهربائية، دون نزول بالقيمة مقابل تراجع الجنيه.
وأرجع أعضاء باتحاد الغرف التجارية عدم تأثير تراجع الدولار في سوق المنتجات الكهربائية، إلى تباطؤ البنوك في صرف الدولار للموردين، وعدم تدبيره على وجه السرعة للشركات المنتجة للسلع الكهربائية التي كانت في حاجة ماسة إلى شراء بعض مكونات ومستلزمات الإنتاج من الخارج، والتي تعطلت خلال العامين الماضيين متأثرة بشح الدولار، وقيود الاستيراد التي فرضها البنك المركزي منذ مارس 2022.
ويشير الأعضاء إلى أنه مع تمكّن أصحاب المصانع من تدبير العملة من البنوك، فوجئ المصنعون والموردون بارتفاع في قيمة الجمارك على مستلزمات الإنتاج، بنسبة 32% تعادل الانخفاض بسعر الجنيه مقابل الدولار بالبنوك، إضافة إلى رسوم تدبير العملة.



تأثيرات المضاربة


يقول رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة القاهرة التجارية، أشرف هلال، لـ"العربي الجديد" إن أسعار المنتجات الكهربائية تراجعت بمعدلات تتراوح ما بين 15% إلى 25%، خلال الشهرين الماضيين، مع استقرار سعر الصرف وتوافره أمام أصحاب المصانع والموردين من البنوك. ويوضح هلال أن ارتفاع سعر الدولار خلال الربع الأول من العام الجاري، من مستوى 60 جنيهاً إلى 67 جنيهاً في السوق السوداء، مع شح وجوده بالبنوك، أدى إلى انتشار المضاربة على سعر السلع بين الموزعين، وعدم قدرة المصانع المحلية على الإنتاج، بما دعم ندرة العرض بالأسواق.

ويشير هلال إلى عدم قدرة المصانع والموزعين على خفض الأسعار عن هذه المعدلات، بسبب ارتفاع تكلفة شراء مستلزمات الإنتاج، وتراجع قيمة الجنيه، ما أضاف نحو 32% إلى تكلفة الإنتاج، بعد انخفاض الجنيه من 31 إلى 47 جنيهاً مقابل الدولار رسمياً، وتطبيق تلك الزيادة في معاملات الجمارك، التي تحصل على نسب تبلغ ما بين 2% و7%، على مستلزمات المصانع، بخلاف قيمة الضريبة المضافة 15%.

يأمل هلال أن تدفع كثرة العرض من الأدوات الكهربائية إلى استقرار الأسعار، وتراجعها بمعدلات أعلى خلال الأسابيع المقبلة.
ويدعو هلال المستهلكين غير القادرين على شراء المنتجات الكهربائية بالتخفيضات المعلنة من قبل الغرف التجارية والمصانع للرجوع إلى قائمة الأسعار التي تعلنها الشركات المنتجة، وإبلاغ جهاز حماية المستهلك.
ويؤكد مدير معرض للأدوات الكهربائية بمركز تجاري شهير، محمد إبراهيم، حصول الموزعين على تخفيضات تصل إلى 20% من قيمة المشتريات الجديدة، من كبار الموردين، جعلت مراكز التسويق قادرة على تقديم تخفيضات للجمهور بالاقتطاع من قيمة عمولة البيع، دون القدرة على تخفيض سعر السلع التي سادت قبل تراجع الدولار في السوق الموازية، وتوافره بالبنوك، عند سعر نحو 48 جنيهاً.

ويوضح إبراهيم لـ"العربي الجديد" أن ظاهرة "الأوفر برايس" (رفع الأسعار بشكل كبير على السلع الشحيحة) التي فرضها كبار الموردين على تجار السلع الكهربائية، لفترة استمرت أكثر من عام، زال أثرها في الشهرين الماضيين، بما أعاد القدرة على تحكم السوق بقيمة السلعة، وفقاً للعرض والطلب.

ويشير إبراهيم إلى أن ندرة الطلب المتأثرة بتراجع قيمة الدخل الحقيقي للأفراد، تسببت في ركود بالأسواق مع غلاء الأسعار، بما دفع كبار الموردين إلى التوسع في منح الموزعين السلع مقابل ائتمان يمثل نحو 50% من قيمة الشحنات، ومنح تسهيلات للمشترين عبر البيع بنظام التقسيط المدعوم من البنوك، والقدرة على منح تخفيضات على المبيعات.



تكلفة مدخلات الإنتاج


يأمل موزعون أن تشهد فترة "الأوكازيون" الصيفي (التخفيض) بداية النزول الحقيقي في سعر الأدوات الكهربائية، متأثرة باستقرار سعر الصرف، وورود منتجات جديدة للأسواق، واكتمال الدورة الزمنية للتخلص من المخزون الراكد لدى كبار الموزعين والتجار، التي تتراوح ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر، وارتباط شراء المنتجات الكهربائية بمواسم الأعياد، أو دخول المدارس والجامعات.

بينما يبدي رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية، أشرف هلال، مخاوفه من تأثير ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود المتوقعة خلال الفترة المقبلة على معدلات التضخم، وأسعار مدخلات الإنتاج والتشغيل والنقل، بما يدفع إلى غلاء الأدوات الكهربائية خلال الأشهر المقبلة.
ويشير هلال إلى التأثير السلبي لأسعار الكهرباء على الأدوات الكهربائية، مبيناً أن الباحثين عن مكيفات هواء يسعون إلى المنتجات الموفرة للطاقة، رغم ارتفاع أسعارها عن مثيلاتها غير الموفرة للكهرباء. ويذكر أن الموسم الحالي شهد إقبالاً على شراء المراوح الكهربائية، بدلاً من مبردات الهواء، لرخص أسعارها وقلة استهلاكها للكهرباء، مع انتشار مراكز الصيانة رخيصة الثمن، والتي يصعب تدبيرها لمقتني مكيفات الهواء.
ويبدي مشترون حذرهم من توجه الدولة إلى رفع أسعار الوقود والكهرباء خلال الأسابيع المقبلة، وإظهار رغبتها في التخلص التام من دعم الكهرباء والغاز بما يحمّل المستهلكين أعباء إضافية، في حالة شراء المكيفات ومبردات المياه والثلاجات، رغم الحاجة الماسة إليها بالمنازل والشركات والمراكز التجارية.

ويرى محللون أن أسعار السلع المعمرة والاستهلاكية، لن تتراجع بسهولة خلال الفترة المقبلة، مع توقع التأثير السلبي لزيادة أسعار الخبز والوقود والكهرباء والغاز والمياه، على معدلات التضخم، مع وجود حالة من الضبابية في المستقبل القريب، بسبب استمرار اضطراب حركة الشحن من الصين التي تعد أهم مورد لمهمات المصانع والمنتجات الاستهلاكية، وارتفاع تكلفة الشحن والتأمين، بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة.

ويرى القيادي بحزب الوفد الليبرالي، مدحت خفاجي، أن انخفاض أسعار السلع يأتي عبر تشجيع الصناعات المحلية على زيادة الإنتاج، ومنحها القدرة على منافسة البدائل المستوردة، برفع الجمارك على الواردات المماثلة، بنسبة 25% على الأقل، لمدة خمس سنوات.
ويؤكد خفاجي ضرورة طرح الحكومة مصانع السلع الكهربائية والمعمرة التابعة للدولة أمام القطاع الخاص، والتركيز في الصناعات الحيوية التي تتطلب استثمارات هائلة، بما يعمل على الحد من خسائر التشغيل، ويقلل من تكلفة المنتجات، وأسعار البيع للمستهلكين، ورفع مستوى الإنتاجية، مشيراً إلى تذبذب الأداء بقطاع الإنتاج بالشركات الحكومية، بسبب الفساد والترهل الإداري.

المساهمون