يدفع الجنيه المصري المتدهورة قيمته صغار المدخرين إلى التخلص منه، عبر شراء الفضة، بعد أن ندر وجود الدولار في الأسواق الرسمية والسوداء، وتذبذب أسعار الذهب، متأثرة بضغوط دولية وحالة نفسية في السوق المحلية أدت إلى تراجعها بصورة قياسية بلغت 3000 جنيه للغرام عيار 21 الأكثر مبيعا، إلى مستوى 2300 جنيه منذ منتصف الشهر الماضي.
يتنافس التجار على بيع سبائك الفضة، بأوزان مختلفة، وتفننوا في إدخال نوعية جديدة من منتجات الفضة، تشمل "جنيه الفضة" والمشغولات التركية والإيطالية والإماراتية والسويسرية، مع مشغولات وسبائك مصرية، تستهدف جذب مدخرات الطبقات البسيطة غير القادرة على شراء الدولار أو المضاربة في سوق الذهب.
دشنت شعبة الذهب والمشغولات قناة تلفزيونية على موقع تليغرام لبيع وتداول الفضة، بين التجار ومع الأفراد، وعمل مزادات يومية، ساهمت في تنشيط المبيعات، والسيطرة على حركة الأسواق، وجودة المنتجات المعروضة في الأسواق.
بدأت قناة سوق الفضة أعمالها مطلع ديسمبر/كانون الأول 2022، أثناء ذروة الإقبال على الذهب والدولار، بعرض أسعار المعدن الفضي المعتمدة من الدولة والمسؤولين، لتكون متداولة بين التجار، وخدمة محلات الفضاء، خوفا على مصالحهم، كما يقول مؤسسوها، لتضم 22 ألف تاجر فضة في أقل من 6 أشهر.
تذيع القناة نشرة يومية مصورة بأسعار البيع والشراء، مع "فيديو" لمختلف السبائك المتاحة في الأسواق، منها سبيكة sam، سام وزن كيلوغرام الممهورة بأختام جهة الإصدار ومصلحة الدمغة والموازين.
ساهمت القناة في تنظيم مزايدات على بيع الفضة، وزن كيلوغرام التي اقتصرت على أصحاب محلات الفضة والمشغولات الفضية في البداية، واكبها ارتفاع تدريجي في سعر الغرام، حيث قفز خلال شهر واحد بمعدل جنيهين. توقفت المزايدات، كلما شهدت الأسواق قفزات كبيرة أو وجود مضاربين من المكلفين بتجميع كميات كبيرة لصالح كبار التجار أو جهات مجهولة الهوية، عرفت طريقها إلى سوق الفضة نهاية ديسمبر 2022، والتي قفزت بسعر الغرام إلى 30 جنيها بزيادة 4 جنيهات في شهر واحد.
شملت عروض الأسعار لغرامات الفضة عيار 1000، بسعر شراء 24 جنيها والبيع 24.90 جنيها.
نظمت القناة عروضا للمزادات في الثالثة من عصر كل يوم، تركزت على بيع المشغولات الفضية وخاصة القادمة من تركيا، واكبتها قفزات جديدة في سعر الفضة، حيث ارتفع سعر الغرام لأول مرة عن 31 جنيها.
تنوعت المعروضات بين الخواتم الحريمي الإيطالي والتركي والمصري، وخامة "التنجستين" متعددة الأشكال والمقاسات والأوزان، خاصة الخفيفة قليلة التكلفة وسريعة الطلب، مع تنظيم عروض على بيع سبائك الفضة الإماراتية.
دفع الزخم على المزادات إلى بيع المنتجات عبر موزعين "ديليفري" مع تحصيل قيمة المبيعات في نفس اليوم، عبر نظام الدفع الإلكتروني، لصالح البائعين، مع ضمانات مالية من الراغبين في المشاركة بالمزاد.
تسبب تأخير ختم سبائك الفضة في مصلحة الدمغة والموازين، في إحداث قفزات بأسعار الفضة منذ يناير/كانون الثاني 2023، أدت إلى ترويج التجار لبيع السبائك السويسرية عيار 999.9 أوزان 10 و20 و31.1 غراما، أسوة بالسبائك الذهبية السويسرية المعتمدة دوليا، التي شهدت إقبالا هائلا من المشترين التجار مع تراجع الأسعار إلى أقل من 30 جنيها للغرام، شاملا المصنعية ودمغة الشراء.
واعتبرت نرمين مجدي الطبيبة التي شاركت في المزاد مرارا، الفضة وسيلة لحفظ القيمة على المبالغ المالية البسيطة، التي تمكن الطبقات الشعبية من ادخار أموالهم في سلعة سهلة البيع والعرض منخفضة القيمة.
وتؤكد لـ "العربي الجديد" أن عروض الفضة جذابة لذوي الدخل المحدود، وخاصة أنها لم تعد تتركز على المشغولات، التي تحمل مشتريها مبالغ كبيرة على المصنعية، وتتوافر في سبائك مختلفة الأحجام، تساهم في تلبية احتياجات الأفراد.
يؤكد تجار الفضة أن إقبال المشترين على الفضة يرتفع كلما زاد سعر الدولار، الذي تواكبه تلقائيا زيادة في سعر الذهب. يشير عضو بغرفة الذهب والمشغولات الذهبية وهي الجهة الحاضنة لتجار وصناع المشغولات الفضية إلى أن ارتفاع سعر الدولار خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2023، من 29 إلى 40 جنيها في السوق الموازية، واكبه ارتفاع في سعر غرام الفضة من 30 إلى 36 جنيها.
يؤكد عضو الشعبة أن الفضة تحولت من مجرد مشغولات يقبل عليها الناس لارتدائها إلى مخزن للقيمة، بما ساهم في إقبال كبار تجار الذهب على تصنيع سبائك خاصة تحمل أسماء شركاتهم، عيار 999.9 من الفضة السويسرية، تروج لأنشطتهم وتساعدهم في مواجهة الكساد الذي واكب التعاملات على المشغولات الذهبية، خلال الآونة الأخيرة.
وقد تمكنت شركة سبائك فضية شهيرة، من بيع جميع منتجاتها خلال الأسبوع الماضي، بما يعكس زيادة الطلب على شراء الفضة، بينما يسود الركود حركة البيع للذهب، في ظل تذبذب الأسعار عالميا، وحالة استقرار نسبي شهدتها الأسعار محليا، عند مستوى مرتفع عن السوق العالمية، حيث يوازي الدولار في سوق الذهب 43 جنيها، يرتفع إلى 46 جنيها في العقود الآجلة، في ظل تنافس التجار على جلب جنيهات من الفضة تعرض لأول مرة بالسوق المحلية، المعروفة باسم "الملك جور جونيور".
وتظل سبائك الفضة أوزان 1.5 كيلوغرام و250 غراماً الأكثر طلبا من الراغبين في اكتناز المعادن النفيسة، بينما يقل الإقبال على المشغولات بكافة أنواعها.
وتستعد الأسواق لقفزات جديدة في سعر الفضة، مع حالة الترقب التي تسود أسواق الفائدة على الدولار. وتدفع الأزمة المالية وارتفاع قيمة الدولار إلى موجات حادة من التضخم، حيث سجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين، وفقا لجهاز التعبئة والإحصاء، 33.7%، في مايو/أيار الماضي، بينما ارتفع التضخم الأساسي مجددا ليصل إلى 40.3%، في نفس الفترة، على أساس سنوي.