منشآت النفط الإيرانية خارج ضربة إسرائيل "المضبوطة"... وتوقعات باستقرار الأسعار

27 أكتوبر 2024
منشأة طاقة في جنوب إيران (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شنت إسرائيل غارات جوية على إيران استهدفت منشآت عسكرية فقط، متجنبة المنشآت النووية والنفطية، في إطار عملية "مضبوطة" لتجنب تصعيد أوسع، مما يعكس التزامها بالخطوط الحمراء الأمريكية.
- استمر إنتاج وتصدير النفط الإيراني بشكل طبيعي، مما ساهم في استقرار أسعار النفط فوق 70 دولاراً للبرميل، حيث لم تُستهدف البنية التحتية النفطية، مما قلل من المخاطر الجيوسياسية على الأسواق.
- تجنبت الضربة الإسرائيلية استهداف منشآت النفط لتفادي رد إيراني محتمل، مما يعكس تباين الرؤى بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث تسعى الولايات المتحدة للحفاظ على استقرار المنطقة.

بعدما شنت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية على إيران، فجر أمس السبت، بدا واضحا عدم استهداف منشآت الطاقة في تلك الغارات، ما سلط الضوء على التأثير الاقتصادي المتوقع للضربة الإسرائيلية "المضبوطة" ضد منشآت عسكرية فقط.

وجاء إعلان إيران أنها أعاقت الهجوم الإسرائيلي وأن "أضراراً محدودة" لحقت بأهداف عسكرية في مناطق عدة في البلاد، دون أي استهداف لمصافي النفط ومنشآت الطاقة، وفقا لما أوردته وكالة "تسنيم" الإيرانية ليؤشر إلى سيناريو "معد مسبقاً" للرد الإسرائيلي ليكون "محكوماً" بمعايير حددتها الولايات المتحدة الأميركية كخطوط حمراء لتجنب تصعيد أوسع، ومنها استهداف منشآت الطاقة، وفق محللين.

وأكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية نقلا عن مصدر مطلع في حكومة الاحتلال أن الهجوم على إيران "لم يشمل منشآت نووية أو نفطية"، وهو نفس ما نقلته شبكة "أن بي سي نيوز" عن مسؤول أميركي رفيع، مشيرا إلى أن "ضربات إسرائيل اقتصرت على أهداف عسكرية ولا تشمل مراكز نووية أو منشآت طاقة".

وبعد 4 ساعات من بداية الغارات الإسرائيلية أعلن جيش الاحتلال، في بيان، أنه أكمل الهجوم على أهداف عسكرية في إيران، وأن جميع طائراته التي نفذت الهجوم عادت إلى قواعدها بسلام، وأن العملية حققت جميع أهدافها، بينما أعلنت إيران فشل الهجوم الإسرائيلي، وفقا لما أوردته وكالة تسنيم.

وإزاء ذلك، بدا أن الضربات الإسرائيلية وضعت منشآت الطاقة والمفاعلات النووية خارج دائرة الاستهداف، في محاولة لتجنب أزمة طاقة عالمية قد تؤدي إلى صدمة في الأسواق النفطية، بحسب إفادة خبيرين لـ "العربي الجديد".

لكن مخاطر التصعيد لا تزال محتملة في ظل إعلان الوكالة الإيرانية أن طهران تحتفظ بحقها في الرد على أي اعتداء، ما دعا مسؤول أميركي رفيع إلى تأكيد أن "الرد الإسرائيلي على إيران انتهى"، ومطالبة طهران بعدم الرد أو التصعيد، مؤكدا: "لو قررت إيران الرد فسنكون مستعدين تماماً للدفاع عن إسرائيل مرة أخرى وستكون هناك عواقب وخيمة"، وفقا لما أورده موقع أكسيوس الأميركي.

ويشير الخبير الاقتصادي، نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن إنتاج وتصدير النفط الإيراني يحافظ على وتيرته المعتادة بعدما لم تستهدف إسرائيل البنية التحتية النفطية الإيرانية تحت ضغوط أميركية مكثفة، مشيرا إلى تلاشي عنصر الخطر الجيوسياسي المؤثر على أسواق النفط.

وإزاء ذلك، تستقر أسعار النفط فوق الـ70 دولاراً للبرميل بقليل، رغم التكهنات السابقة التي توقعت ارتفاعها بمقدار 10 إلى 15 دولاراً في حال توقف الصادرات الإيرانية البالغة نحو 1.8 مليون برميل يومياً، بحسب إسماعيل، الذي يتوقع تواصل تدفق النفط عبر مضيق هرمز الذي يعبره نحو 20 مليون برميل يومياً.

وخلال تعاملات، يوم الجمعة، ارتفعت أسعار النفط بعد انخفاض استمر ليومين، مسجلة مكاسب أسبوعية، مع تركيز المتداولين على مخاطر تصعيد الصراع في الشرق الأوسط. وصعد سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 2.3% لتتم تسويته بالقرب من مستوى 72 دولاراً للبرميل، متخطياً متوسطه المتحرك لمدة 50 يوماً، في حين تخطى سعر تسوية مزيج برنت مستوى 76 دولاراً.

ويستبعد الخبير الاقتصادي إغلاق المضيق كأهم مسار بحري حيوي لنقل النفط، مشيرا إلى تقديرات البنوك الاستثمارية، مثل "غولدمان ساكس" و"جيه بي مورغان"، التي توقعت ارتفاع الأسعار إلى 150 دولاراً للبرميل في حال حدوث تصعيد كبير يؤدي إلى إغلاق المضيق، واستهداف منشآت نفط في دول بالمنطقة. لكن محدودية العملية العسكرية الإسرائيلية جنبت الأسواق أزمة إمدادات وهزات في الأسعار، حسبما يرى إسماعيل.

كذلك فإن الضربة الإسرائيلية تجنبت مصافي التكرير الإيرانية التي توجه إنتاجها إلى الداخل لتفادي رد إيراني على ما يبدو. وأكد المتحدث باسم مصفاة طهران شاکر خفایي، أنه لم يتم شن أي هجوم على منشآت مصفاة طهران، مؤكدا وفق ما نقلت وكالة أنباء "إسنا" أن المصفاة تستمر في الإنتاج.

وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، رائد المصري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن الاستهداف الإسرائيلي لإيران يؤشر إلى احتمالات دخول العالم في أزمة طاقة عالمية فقط إذا طال أمده أو خضع لتبادل الردود بين الطرفين، لافتا إلى وجود تباين أميركي مع رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حول نطاق الضربات على إيران.

ويوضح المصري أن حساسية استهداف منشآت النفط تبدو بارزة لما تشكله من تهديد لأمن الطاقة العالمي، وهو ما لا تقبل به الولايات المتحدة ودول الخليج وغيرها من البلدان، ولذا جاء الرد الإسرائيلي "محدداً ومتفقاً عليه" لتجنب التأثير على منابع الطاقة وسلاسل التوريد.

ويرتبط التحرك الأميركي المحتمل بحماية الملاحة في مضيقي هرمز وباب المندب وغيرهما من الممرات البحرية العالمية، بحسب المصري، مرجحاً أن تؤدي أي ردود إيرانية إضافية على الرد الإسرائيلي إلى إدخال المنطقة في أزمة كبيرة.

وعن موقف دول الخليج إزاء مثل هذا التطور، يشير المصري إلى حالة من "الحياد" من هذا الصراع، خاصة أن أسواق تلك الدول قد تتأثر مباشرة بارتفاع أسعار النفط، وهو ما قد يؤثر على حظوظ الإدارة الديمقراطية في الانتخابات الأميركية المقبلة.

ويخلص المصري إلى أن أسعار النفط لن تشهد تذبذباً كبيراً على الأرجح طالما بقيت الضربات الإسرائيلية ضد إيران ضمن إطارها المتفق عليه، مؤكداً أن الموقف الأميركي يسعى للحفاظ على محدودية التصعيد في المنطقة.

المساهمون