حثت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD البنوك المركزية على "الاستمرار في المسار" ومواصلة رفع أسعار الفائدة، على الرغم من الاضطرابات الحالية في أسواق المال، محذرة من أن التضخم لا يزال يمثل التهديد الرئيسي للاقتصاد العالمي.
وفي تحديث لتوقعاتها الاقتصادية التي صدرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي أعلنت مع تصاعد التوترات هذا الأسبوع في القطاع المصرفي، رفعت المنظمة الدولية، ومقرها باريس، توقعاتها للنمو هذا العام من 2.2% إلى 2.6%.
وقالت المنظمة إن هذا "الانتعاش الضعيف" في التوقعات نتج عن انخفاض أسعار الطاقة والغذاء، وتخفيف الصين للقيود المفروضة على المواطنين في ما يتعلق بكوفيد-19، وزيادة الثقة في الأعمال التجارية.
وقال ألفارو بيريرا، القائم بأعمال كبير الاقتصاديين في المنظمة الدولية، إن التوقعات الأكثر تفاؤلاً تعني أن السياسة النقدية "بحاجة إلى أن تظل مقيدة، إلى أن تكون هناك إشارات واضحة على أن الضغوط التضخمية الأساسية قد تم تخفيضها بشكل دائم".
وجاءت دعوة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لرفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو بعدما رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع القياسي بمقدار 0.5 نقطة مئوية إلى 3% يوم الخميس.
وأدى إغلاق بنكي سيليكون فالي وسيغنيتشر الأميركيين، كما تعثُّر بنك كريدي سويس السويسري في الأسبوع الماضي، إلى اضطرابات كبيرة في القطاع المصرفي في أوروبا وأميركا، ما دعا صانعي السياسات في فرانكفورت إلى الإشارة إلى أن المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة لن تأتي إلا إذا هدأت الأسواق.
ويستعد صناع السياسة النقدية في مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي وفي بنك إنكلترا (المركزي) لاتخاذ قرار، الأسبوع المقبل، في ما يخص أسعار الفائدة، حيث يراهن المستثمرون على رفع جديد، بهدف احتواء التضخم، بينما ظهرت أخيراً بعض الأصوات المطالبة بوقف السياسات التشديدية، رحمة بقطاع البنوك الذي اقترب من أزمة سيولة.
لكن بيريرا قال إن البنوك المركزية يجب ألا تستجيب للفوضى التي حدثت في الأيام الأخيرة من خلال إظهار قدر أقل من التصميم على مواجهة ضغوط الأسعار.
وقال لصحيفة فاينانشال تايمز: "ما زلنا نواجه وضعا يكون فيه التضخم هو مصدر القلق الرئيسي، فإذا نظرت إلى مناطق كثيرة من العالم، فقد أصبح التضخم أكثر انتشاراً".
وأشار إلى أنه بينما انخفضت المعدلات الرئيسية لارتفاع الأسعار، ظل التضخم الأساسي مرتفعًا بشكل غير مريح.
وأقر البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس، بأن التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار الغذاء والوقود شديدة التقلب، ويُنظر إليه على أنه مقياس أفضل لاستمرار ضغوط الأسعار، سيبقى "مرتفعاً جداً لفترة طويلة جداً".
وقبل اضطرابات البنوك خلال الأسبوع الأخير، أدى تضخم الخدمات المرتفع في الولايات المتحدة إلى توقعات برفع البنك الفيدرالي الفائدة بنصف نقطة يوم الأربعاء المقبل، إلا أن هذه التوقعات تلاشت الآن، حيث تنقسم حالياً بين رفع ربع نقطة وتثبيت.
وعلى نحو متصل، أكد محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيلوروا دي غالو، اليوم الجمعة، أن "المصارف الفرنسية والأوروبية قوية للغاية"، وذلك غداة رفع البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة، في ظل الاضطرابات التي يشهدها النظام المصرفي.
وقال عبر إذاعة "بي اف ام بيزنس" إن "المصارف الأوروبية ليست في وضع بعض المصارف الأميركية لسبب بسيط للغاية، وهو أنها لا تخضع للقواعد ذاتها"، في إشارة إلى انهيار بعض المصارف الإقليمية أخيرا في الولايات المتحدة، ما أحدث اضطرابات في الأسواق.
وتزامنت كلمات المسؤول الفرنسي مع تراجع سعر سهم بنك كريدي سويس مجددًا ظهر الجمعة، بنسبة تقترب من 10%، رغم الدعم المالي الهائل الذي أعلنه البنك الوطني (المركزي) السويسري، الأربعاء، بمبلغ يتجاوز 54 مليار دولار أميركي، لإنعاش ثاني أكبر مصرف في البلاد وطمأنة الأسواق.