استمع إلى الملخص
- تحديات شركات الطيران الإسرائيلية: تواجه شركات الطيران مثل "العال" ضغوطاً هائلة مع تزايد الطلب ونقص الطائرات والأطقم بسبب التجنيد، مما يمنع تنظيم رحلات إنقاذ واستئجار طائرات إضافية.
- تأثيرات اقتصادية وانتقادات حكومية: الانتقادات تتصاعد ضد وزيرة المواصلات ميري ريغيف، وحركة نقل الركاب والبضائع تأثرت بشكل كبير. الخبراء يتوقعون عودة النشاط الطبيعي للطيران في ربيع 2025.
تبتعد شركات الطيران العالمية عن إسرائيل بشكل أكبر مما مضى، على الرغم من الضربات القاسية التي وجهها الاحتلال الإسرائيلي لحزب الله اللبناني على مدار الأيام الماضية، والتي شملت اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله، يوم الجمعة الماضي، حيث زادت مخاوف الخطوط الجوية الأجنبية من تصاعد الحرب، واندفعت إلى هجرة أكبر بكثير من تلك التي حدثت في الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأصبح حصول الإسرائيليين على تذكرة سفر لمغادرة تل أبيب مهمة مستحيلة في وقت يرتفع فيه الطلب بالأساس على السفر في مثل هذه الأيام من كل عام لتزامنها مع موسم العطلات والأعياد في إسرائيل. وجاءت التوصية غير المسبوقة التي أصدرتها الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران والمفوضية الأوروبية للشركات الأجنبية، مطلع الأسبوع الجاري، بتجنب الرحلات الجوية إلى إسرائيل حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، لتهز بالفعل صناعة الطيران المحلية التي تعاني من ضغوط كبيرة منذ استمرار الحرب ويتوقع استمرارها لفترات أطول.
عشية اغتيال الأمين العام لحزب الله كان الطيران المدني في إسرائيل في حالة يرثى لها بالفعل، فقد أوقفت المزيد من الشركات الأجنبية رحلاتها من إسرائيل وإليها، وأضحى عدد الشركات التي تسير رحلات لا يتجاوز 20 شركة من مختلف أنحاء العالم، وهذا هو أقل عدد من الشركات الأجنبية التي تسافر إلى إسرائيل منذ اندلاع الحرب قبل عام، عندما كان عددها عشية عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 واندلاع الحرب على غزة حوالي 150 شركة، وفق تقرير لصحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية، أمس الاثنين.
وأشار التقرير إلى أن التوصية الأوروبية بتجنب السفر إلى إسرائيل أدخلت صناعة الطيران المحلية في دوامة أخرى وزادت الضغط على الشركات الإسرائيلية الثلاث (العال، يسرائير، أركيا)، بعدما أبلغت الشركات الأجنبية التي حجز الإسرائيليون الرحلات الجوية عن إلغاء رحلاتها، لتضطر شركة "العال" الإسرائيلية إلى التعامل مع سيل من المتقدمين الذين يحاولون العثور على مقاعد على رحلاتها في الأيام المقبلة. وفي الوضع الحالي، تعد شركة "العال" الشركة الأكثر نشاطاً في إسرائيل، واضطرت إلى الإعلان بشكل غير عادي عن أن جميع رحلاتها في الأيام المقبلة ممتلئة؛ علاوة على ذلك، لن تتمكن من القيام برحلات إنقاذ للإسرائيليين العالقين في المطارات الرئيسية في جميع أنحاء العالم، على غرار ما حدث في بداية الحرب.
وفقاً لمصادر شركة العال، فإن جميع المقاعد في رحلاتها المجدولة إلى جميع الوجهات مشغولة بالفعل، إلى جانب قائمة انتظار طويلة من الركاب الذين يتنافسون على التذاكر. ويعود هذا الوضع إلى عدد طائراتها وتجنيد الكثير من أطقمها في الجيش بعد الحرب. وأصدرت الشركة توصية للمسافرين العائدين إلى إسرائيل بالوصول إلى مطاري لارنكا في قبرص وأثينا في اليونان، فضلا عن توجيه توصية لمن يقضون إجازات في الخارج بتمديد الإجازات والتحلي بالكثير من الصبر حتى تتمكن من تنظيم المزيد من الرحلات، بينما أعربت شركات سفريات وسياحة عن شكوكها في قدرة "العال" على زيادة معدل رحلاتها إلى لارنكا وأثينا.
ووفق الصحيفة الإسرائيلية، فإن استئجار شركة "العال" طائرات إضافية لتعزيز خطوطها ليس أمراً واقعياً، بسبب النقص العالمي في الطائرات ورفض أفراد الطواقم الأجنبية البقاء في إسرائيل على خلفية الحرب والاحتمال الكبير لتزايد معدل إطلاق الصواريخ من جانب حزب الله على الرغم من الضربات المكثفة التي وجهها جيش الاحتلال إلى مناطق واسعة من جنوب لبنان.
واستقبلت شركات الخطوط الجوية الإسرائيلية وسلطات الطيران في دولة الاحتلال توصية هيئة الطيران الأوروبية بمفاجأة، خاصة بسبب المدة الطويلة التي توصي فيها الشركات الأجنبية بتعليق رحلاتها إلى إسرائيل، وهي فترة تزيد عن شهر. وهذه توصية ليس لها سابقة في ما يتعلق بإسرائيل من الهيئة الأوروبية، حيث تسببت في تجنب الشركات على نطاق واسع السفر إلى تل أبيب. ورغم أن هناك توصية مماثلة أصدرتها هيئة الطيران الأميركية خلال الحرب الإسرائيلية على غزة في صيف 2014 والتي أطلق عليها الاحتلال حينها اسم عملية "الجرف الصامد"، فإنه في ذلك الوقت كانت أكثر من 30 شركة أجنبية لا تزال تعمل في إسرائيل، ما يعني أن هيئة الطيران الأوروبية ترى أن إسرائيل ولبنان منطقة حرب خطيرة، وفق "كالكاليست".
وفي حين أعلنت شركة "العال" أنها غير مستعدة لتنظيم رحلات واسعة النطاق لإعادة العالقين في مطارات بالخارج، أفادت شركتا "يسرائير" و"أركيا" بتنظيم رحلات إلى لارنكا وأثينا لإعادة الإسرائيليين الراغبين في القدوم إلى إسرائيل، بينما قفز سعر التذكرة إلى نحو 850 دولاراً في حين أنها لم تكن تتخطى 200 دولار قبل نشوب العدوان الواسع على لبنان في أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي.
في الأثناء، تتصاعد حدة الانتقادات لوزيرة المواصلات ميري ريغيف. وقال نحاما رونان، رئيس شركة "مامان" العاملة في مجال الشحن، إن "الحكومة الإسرائيلية تغل يديها ولا تستجيب للوضع". لكن مكتب وزيرة المواصلات أبلغ الصحيفة الإسرائيلية بأن ريغيف تحدثت مع مكتب رئيس الوزراء المجري، وطالبته بالتحرك لتغيير التوصية الأوروبية بعدم السفر إلى إسرائيل، باعتبار المجر هي الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي.
في حين قال رونان: "كنت أتوقع أن يقوم المسؤولون عن سلامة الحركة الجوية بالاتصال، مساء السبت، بجميع الشركات الأوروبية التي تطير إلى إسرائيل ويعطونها نظرة شاملة بشأن الإجراءات التي تعتمدها إسرائيل لتأمين الحركة الجوية من إسرائيل وإليها.. يجب أن تعمل الدعاية الإسرائيلية على تغيير التصور الشائع في أوروبا بأن إسرائيل هي منطقة حرب".
وليست حركة نقل الركاب وحدها المتضررة من اتساع نطاق الصراع مع حزب الله وإنما أيضا حركة نقل البضاع جواً. تأتي الاضطرابات الحالية بعدما شهد أغسطس/ آب الماضي فوضى رحلات في أعقاب اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في طهران، بنهاية يوليو/ تموز، واغتيال فؤاد شكر المسؤول الكبير في حزب الله في بيروت خلال الشهر نفسه. وأدت موجة إلغاء الرحلات الجوية خلال أغسطس إلى انخفاض بنسبة 57% تقريباً في البضائع الواردة إسرائيل عبر الطائرات وانخفاض بنسبة 31% في حركة البضائع المصدرة.
وقال يوسي فيشر، خبير الطيران والسياحة: "في أفضل السيناريوهات، سيعود نشاط الطيران في إسرائيل إلى طبيعته فقط في ربيع عام 2025.. تشير خطط شركات الطيران بشأن العمل على المسارات إلى أننا لن نراها في الأشهر المقبلة".
وأضاف فيشر أن توصية الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران للشركات الأجنبية بتجنب السفر إلى إسرائيل حتى نهاية الشهر الجاري يمكن أن تكون حافزا للشركات لتعليق رحلاتها إلى إسرائيل لفترات طويلة، بعدما علقتها العديد منها بشكل متقطع في الأشهر الأخيرة، وأشار إلى أن شركات التأمين وكذلك النقابات العمالية في تلك الشركات قد تمارس ضغوطاً عليها لتجنب الرحلات الجوية إلى إسرائيل.