خلطت موجة الحرّ التي تعصف بالجزائر منذ أسابيع، وما صاحبها من شح في مياه الشرب وإقبال على شراء المكيّفات، حسابات الأسر، التي وجدت نفسها أمام حتمية زيادة الإنفاق، لمواجهة الظروف المناخية القاسية، خصوصاً في مناطق الشمال، غير المعتادة على هكذا ظروف طبيعية استثنائية.
وانتقلت موجة الغلاء التي تشهدها البلاد، إلى سوق مكيفات الهواء والمراوح، التي قفزت أسعارها هذا العام بمعدلات تفوق 75% مقارنة بالعام الماضي.
وقال المواطن إبراهيم روتابي، في شارع الحميز، المشهور بمحال بيع الأجهزة الكهربائية المنزلية، في الضاحية الشرقية من العاصمة الجزائرية، إنّ "أجهزة التكييف والمراوح تشهد إقبالاً غير مسبوق من قبل المواطنين في هذه الفترة، رغم ارتفاع أسعارها، فسعر مكيف الهواء بقوة 9 آلاف، ارتفع قرابة 10 آلاف دينار (90 دولاراً) مقارنة بالعام الماضي، أما المكيف بطاقة 12 ألفاً، فقد قفز سعره قرابة 20 ألف دينار (180 دولاراً) نظراً لارتفاع الطلب عليها".
أما أسعار مراوح السقف، بحسب المواطن روتابي لـ "العربي الجديد"، فقد تراوحت بين 12 ألف دينار (100 دولار) و15 ألف دينار (130 دولاراً) بحسب الحجم، بعدما كانت تباع بنحو 10 آلاف دينار العام الماضي.
وفي هذا السياق، قال محمد بري، وهو صاحب محلٍ لبيع الأدوات الكهربائية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أسعار المراوح ومكيفات الهواء باتت مرتفعة للغاية، بسبب ارتفاع الطلب وتراجع العرض جراء توقيف الاستيراد وعدم قدرة مصانع الجزائر على تغطية الطلب".
وإذا كانت المكيفات الهوائية قد فرضت نفسها في بيوت الجزائريين هذه السنة، بالنظر لموجات الحرّ المستمرة في البلاد منذ الربيع الماضي، فإنّ موجة الجفاف التي تعصف بالبلاد، وما صاحبها من شحٍّ في الأمطار، أدت إلى اضطرابات في عملية توزيع مياه الصنابير في المحافظات والمدن الكبرى، ما رفع الإقبال على خزانات المياه.
وتشهد محال بيع المضخات وخزانات المياه في شارع الحميز، إقبالاً غير مسبوق، وهو الشارع المعروف ببيع هذه السلع، وسط قفزات في الأسعار ومخاوف من المضاربة والاحتكار، التي يخيّم شبحها مع كلّ أزمة في الجزائر.
وسجلت خزانات المياه البلاستيكية ارتفاعاً يتراوح بين ألف و3 آلاف دينار للخزان، بحسب السعة والنوعية، وهو ما أكده المواطن كمال عواشي، الذي قال من داخل أحد المتاجر، إنّ "الخزان الذي اقتناه، وهو ذو سعة ألف لتر بسعر 20 ألف دينار، لم يكن يتعد سعره 16 ألف دينار قبل أيام فقط".
ووفق عواشي لـ"العربي الجديد": "كثيرون يقبلون على الشراء، خوفاً من ارتفاع الأسعار بشكل أكبر، في ظلّ تواصل أزمة مياه الشرب، وعدم مواكبة المصانع والمتاجر الكبيرة حجم الطلب على الخزانات والمضخات، وللأسف نحن أمام نفقات كثيرة، زاد ثقلها عيد الأضحى".
وتعاني الجزائر من أزمة جفاف حادة، هي الأولى من نوعها منذ ثلاثة عقود، أدت إلى انخفاض حاد في منسوب السدود، خصوصاً في المناطق الشمالية، إلى مستويات دنيا.
وفي السياق، قال رئيس الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك، مصطفى زبدي، إنّ "الظروف المناخية التي تعيشها البلاد زادت الضغط على جيوب الجزائريين، وأربكت ميزانية الأسر، خصوصاً أنّها تزامنت مع عيد الأضحى وعطلة الصيف، ما يعني مصاريف إضافية".
أضاف، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الأسر وجدت نفسها أمام ثلاثية صعبة خلال يوليو/تموز الماضي: شراء خزان مياه، أو مكيف هوائي، أو أضحية العيد... وجلها انتهى بها المطاف إلى الاقتراض أو اختيار عنصر واحد فقط، بالنظر لضعف المداخيل. وللأسف فإنّ كلّ الأسعار ارتفعت، والمواطن وجد نفسه أمام جشع تجار الأزمات".