استمع إلى الملخص
- العاملون مثل مها داوود ونور الدين الجاسم يجدون في الموسم فرصة لتحسين الأوضاع المعيشية والنفسية، معززًا روح التعاون والألفة، ويعد مصدر دخل للنازحين والمهجرين.
- المزارعون يواجهون تحديات مثل التقلبات الجوية لكن الموسم يبقى مصدر دخل مهم، مع إمكانية التصدير للدول الأوروبية، في ظل وضع اقتصادي معقد ومعدلات بطالة مرتفعة في شمال غربي سورية.
يشكّل موسم ورق العنب (ورق العريش) فرصة للكثير من العاطلين عن العمل من ذكور وإناث في إدلب، فهو من أنشط المواسم الزراعية التي توفر لهم مصدر دخل، لما يحتاجه الموسم من يد عاملة، تساهم في عمليات القطاف والتوضيب والتسويق. وتتركز زراعة كروم العنب شمال غربي سورية، تحديداً في حارم وعفرين وريفيهما، وتعتمد على موسمين رئيسيين في السنة وهما ورق العنب وثمار العنب.
وقالت مها داوود (38 عاماً)، وهي نازحة مقيمة في مخيم بسنيا قرب حارم، إنها تنتظر موسم ورق العنب بفارغ الصبر، كونه يحقق لها فرصة عمل سهلة ومربحة، وفيها الكثير من المتعة، وتتراوح ساعات العمل به من أربع إلى خمس ساعات يومياً، بأجر ثلاثة دولارات يومياً.
أضافت لـ"العربي الجديد" أنها بحاجة إلى هذه الفرصة لما تحقق لها من دخل جيد خلال الموسم الذي يمتد إلى شهرين، إذ تستخدم ما تحصل عليه من أجر في تأمين بعض متطلبات أبنائها ومساعدة زوجها بالمصروف الذي أثقل كاهله، نتيجة الغلاء وقلة فرص العمل.
لفتت أيضاً إلى أهمية الموسم بالنسبة لها من ناحية أخرى هي النفسية، كونه يملأ وقتها ويعرفها على الكثير من العاملات من مختلف المناطق، فضلاً عن متعة الأجواء أثناء قطاف ورق العنب وترتيبه، وما يرافقه من حكايا وأمثال شعبية ومزاح، وجو من التعاون والألفة، والمناظر الطبيعية الخلابة.
أما العامل نور الدين الجاسم (29 عاماً) فيقول إنه يستغل موسم ورق العنب للحصول على فرصة عمل، ويتركز عمله في قطاف الورق وتحميله بصناديق ونقله إلى السيارات لإرساله إلى الأسواق.
يحصل الجاسم على ثلاثة دولارات يومياً، وهو يعد مبلغاً منخفضاً أمام قائمة الاحتياجات المتزايدة، لكنه يبقى بالنسبة له أفضل بكثير من البقاء بلا عمل، خاصة أن عمله الأساسي بالمياومة لا يحقق له أجراً جيداً ولا استمرارية أو دخلاً ثابتاً، ولذا يجد بالعمل في المواسم فرصة لا تفوّت.
الجاسم مهجّر من حمص ومقيم في مخيمات سلقين، وهو المعيل الوحيد لعائلة مؤلفة من ستة أشخاص بمن فيهم والداه وزوجته وثلاثة أبناء، ويعاني الفقر الشديد والبطالة وقلة الدعم، وجد بموسم ورق العنب ضالته بسبب قرب البساتين، وسهولة وصوله من مكان إقامته إلى مكان العمل والعكس.
موسم قطاف ورق العنب
بدوره، قال المزارع رضوان غضب، وهو صاحب إحدى مزارع الكروم، في مدينة حارم، إن موسم قطاف ورق العنب يبدأ من بداية شهر مايو/ أيار، ويُقطف الورق من مرتين إلى ثلاثة، بحسب طبيعة الأرض والشجرة ذاتها، وبعدها يتوقف قطاف الورق، وتبدأ المرحلة الثانية وهي قطاف العنب نفسه.
وأضاف غضب أن سعر كيلوغرام ورق العنب يتراوح بين دولارين وثلاثة دولارات أميركية، ويوفر فرصة عمل في تلك المناطق للكثيرين ضمن طبيعة عمل غير قاسية، ويعد موسم العنب من المواسم الوفيرة ذات الربح الجيد للمزارع.
وأشار غضب إلى أن الموسم هذا العام أضعف نسبياً من السنة الماضية، بسبب التقلبات الجوية التي كانت سبباً رئيسياً في ضرب مواسم سابقة، بخاصة الأمطار الأخيرة التي تسببت بضرر كبير في موسم العنب.
وأوضح أن هناك عمليات تعليب وتغليف وتصدير لورق العنب للدول الأوروبية، عبر التواصل من خلال الإنترنت، والتواصي من أهل البلد الموجودين في تلك الدول.
قال المزارع رضوان غضب، وهو صاحب إحدى مزارع الكروم، في مدينة حارم، إن موسم قطاف ورق العنب يبدأ من بداية شهر مايو/ أيار
ويسكن شمال غربي سورية 4.5 ملايين شخص، منهم 4.1 ملايين بحاجة إلى مساعدة، و3.3 ملايين منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، و2.9 مليون منهم نازحون داخلياً، ومليونان يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة. وأعلن فريق "منسقو استجابة سورية" في وقت سابق عن وصول معدلات البطالة بين السكان المدنيين في منطقة شمال غربي سورية إلى 88.74 بالمئة.
وقال الفريق إنّ قضية البطالة في المجتمع المحلي بشمال غربي سورية، تعدّ إحدى أبرز القضايا الملحة التي تحتاج إلى حلول جذرية، خاصة مع الآثار السلبية لها، أبرزها هجرة الشباب، وارتفاع معدلات الجريمة، وزيادة مستويات الفقر بين المدنيين في المنطقة.