زادت كلمة نائب الرئيس التركي جودت يلماظ، اليوم الخميس، حول الخطة الاقتصادية وتوقعات الحكومة بشأن النمو والتضخم، من حيرة الشارع المترقب تحسين سعر صرف الليرة التي تستمر بتراجعها إلى نحو 26.844 ليرة مقابل الدولار، رغم رفع سعر الفائدة 3 مرات منذ تعيين الحكومة ومحافظة المصرف المركزي، في مايو/أيار الماضي، من 8.5% إلى 25%، واستمرار ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم.
ويقول نائب الرئيس التركي إن الحكومة تتوقع نسبة تضخم 65% نهاية العام الجاري، ونموا اقتصاديا بنسبة 4% عام 2024 و4.5% عام 2025 و5% عام 2026.
مع وعود بزيادة الدخل السنوي للفرد إلى 14855 دولاراً بعد خفض معدل البطالة إلى أقل من 10%، خلال المدى المتوسط للخطة الاقتصادية ومدته 3 سنوات.
وأضاف يلماظ اليوم، خلال حفل التعريف عن البرنامج الاقتصادي الجديد متوسط المدى في العاصمة أنقرة، أن الحكومة خفضت توقعاتها للنمو مقارنة بفترة الخطة متوسطة الأجل السابقة وزادت توقعاتها للتضخم.
وبحسب التوقعات في البرنامج، ففي حين أن المتوقع أن يكون الدولار 23.9 ليرة تركية لنهاية عام 2023، فإنه سيكون 36.8 ليرة تركية لعام 2024. وفقاً لتوقعات البرنامج متوسط المدى، سيكون متوسط سعر الدولار 43.9 ليرة في العام 2025 و47.8 ليرة في العام 2026، بحسب ما نقلت وكالة "نيو ترك" الخميس.
وكان الرئيس رجب طيب أدروغان قد أعلن، أمس الأربعاء، عن البرنامج الاقتصادي متوسط المدى لحكومته، وأشار إلى أنها أول خريطة طريق في الاقتصاد من خلال البرنامج متوسط المدى بما يتماشى مع هدف جعل تركيا أكثر قوة وأمانا وازدهاراً، مؤكداً عدم تجاهل أي مشاكل أثناء مشاركة المبادئ الأساسية والسياسات والأهداف.
وبيّن الرئيس التركي أن الهدف خلال 3 سنوات هو تحقيق توزان في النمو الاقتصادي، تقوده استثمارات القطاع الخاص ذات القيمة المضافة العالية، ومن خلال تلك الأهداف، ستدخل تركيا قائمة الدول ذات الدخل المرتفع، بزيادة الناتج القومي للفرد إلى 14 ألفاً و885 دولاراً".
ويرى مراقبون أن الإجراءات الاقتصادية الجديدة في تركيا هي على عكس ما كان ينادي به الرئيس التركي، والذي عزل من أجله 3 محافظين للمصرف المركزي حاولوا رفع سعر الفائدة ولم يستجيبوا لتنفيذ رؤى الرئيس بتخفيض سعر الفائدة إلى ما دون 10%.
ويقول مدير أكاديمية الفكر في إسطنبول باكير أتاجان إن الرئيس أردوغان نجح في الانتخابات سياسياً، وتجدد حكمه رئيساً لدورة 5 سنوات، لكنه تراجع عن رؤيته بالمحافظة على نسبة النمو وسعر الليرة عبر تخفيض سعر الفائدة، وما كان يقوله حول الاقتصاد الحقيقي وزيادة الإنتاج والصادرات، وامتثل لرؤى المعارضة التي ينفذها وزير المال محمد شيمشك حالياً.
ويضيف أتاجان لـ"العربي الجديد" أن الاقتصاد التركي عاد اليوم إلى الطرائق التقليدية في مكافحة التضخم وجذب الاستثمارات، غير مستبعد السير إلى الأقصى بهذا النهج، سواء لجهة الاستدانة من البنك الدولي أو إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية.
في المقابل، يرى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في إسطنبول محمد كامل ديميريل أن الظروف السياسية والاقتصادية فرضت معطياتها على الأرض، سواء الداخلية أو الأزمات الدولية، معتبراً أن خطة الرئيس وما طرحته الحكومة لا يتنافيان لجهة استمرار نسبة النمو المرتفع ورفاهية المواطن وزيادة دخله السنوي.
ويضيف ديميريل لـ"العربي الجديد" أن أهداف الخطة المتوسطة هي المحافظة على نسبة نمو أكثر من 3.5% هذا العام من ثم 4% العام المقبل و5% عام 2025، من دون التخلي عن الوسيلة الأهم، وهي دعم الإنتاج الحقيقي وزيادة الصادرات.
ويلفت مدير المركز إلى أن الهدف المتوسط أو اللاحق هو زيادة عائدات الخزينة وإلغاء العجز بالميزان التجاري، بعد تخفيض الديون الخارجية من 45% من الناتج اليوم إلى نحو 20%، من دون إهمال تخفيض نسبة التضخم، وإن بالسنوات التالية من 58% اليوم إلى 47% العام المقبل وصولاً إلى 19% عام 2025، وبعدها إلى خانة الآحاد كما التطلعات والخطط الاستراتيجية.
لكن يتساءل مراقبون عن الآلية الممكنة لتخفيض نسبة التضخم التي لم تتأثر رغم رفع نسبة الفائدة أو زيادة الصادرات إلى أكثر من 300 مليار دولار، رغم تراجعها عن التوقعات العام الماضي إلى نحو 254 ملياراً، مركزين على ما يرونه الأهم، وهو معيشة المواطن التركي بعد أن أكل التضخم زيادة الأجور التي أوصلت الحد الأدنى إلى 11402 ليرة تركية.
وكان شيمشك قد أكد سابقاً أن الشفافية والاستقرار والقدرة على التنبؤ والامتثال للمعايير الدولية ستكون المبادئ الرئيسية التي يعتمد عليها في تحقيق هدف رفع مستوى الرفاهية الاجتماعية، مبيناً أن أولوية الحكومة التركية ستكون ضمان الاستقرار المالي، من خلال تعزيز الجودة والقدرة المؤسسية لمواجهة التحديات العالمية والجيوسياسية.
ويضيف شيمشك أن الحكومة ستبدأ العمل على برنامج متوسط المدى لتحقيق الأهداف الاقتصادية بالرفاه الاجتماعي ومكافحة التضخم، وتعزيز أسواق رأس المال ومناخ الاستثمار، وتقليص عجز الحساب الجاري.