صادر النظام السوري أخيراً آلاف الشقق السكنية العائدة لمهجرين ونازحين ولاجئين، بدعوى عدم استكمال الأقساط المستحقة عليهم لصالح الدائنين.
مصادر محلية أفادت بأنّ النظام بدأ ببيع تلك الشقق بعد نزع ملكيتها عن أصحابها، الذين لم يستكملوا أقساطها بعد أن اضطروا إلى مغادرتها جراء الحرب.
واضطر ملايين السوريين إلى ترك بيوتهم خلال السنوات العشر الماضية، نتيجة العمليات العسكرية التي شنها النظام في مختلف أنحاء البلاد.
وتحول هؤلاء إلى نازحين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أو لاجئين في الدول الأخرى، ولم يتمكّنوا من العودة حتى الآن بسبب استمرار الظروف التي دفعتهم للمغادرة.
المصادر أوضحت أنّ الشقق التي صادرها النظام تقع ضمن مجمعات سكنية كبيرة، في عدد من المدن السورية وأبرزها حلب ودمشق.
قسم من تلك الشقق مسكون فعلاً، وقسم آخر كان من المقرر أن يكون جاهزاً في وقت قريب حينذاك.
وفي كلا الحالتين، كان أصحاب تلك الشقق قد سددوا الدفعة المقدمة، وبدأوا بالفعل بدفع الأقساط قبل أن يضطروا لمغادرة البلاد، جراء العمليات العسكرية للنظام ضد معارضيه.
النظام السوري الذي صادر هذه الوحدات السكنية يقوم ببيعها بأسعار مخفضة، حيث يتقاضى من المشترين دفعات مقدمة، ويقسّط المبلغ المتبقي على سنوات طويلة.
يأتي إجراء النظام هذا، في ظل أزمة اقتصادية حادة تعيشها المناطق التي يسيطر عليها، وحاجة النظام للأموال بعد عجزه عن تمويل تأمين الحاجيات الأساسية للمواطنين وعلى رأسها مشتقات النفط.
المحامي عبد الناصر حوشان عضو "مجلس نقابة محامي حماة الأحرار" (تجمع معارض للنظام) قال إنّ النظام السوري اتبع سياسة ممنهجة في تجريد السوريين من أملاكهم وخاصة بعد اندلاع الثورة لمعاقبة الثائرين وأهاليهم.
وأشار حوشان إلى أنّ "من أدوات هذه السياسة إصدار تشريعات جديدة أو تعديل قوانين سابقة، الهدف منها استغلال التهجير القسري والنزوح وحالة التشتت التي يعيشها السوريون، والتي تسببت بفقدان وظائفهم وموارد رزقهم".
ولفت إلى "اضطرار المواطنين إلى مغادرة مناطقهم جراء الحرب وحرمانهم من الاستفادة من أملاكهم وأعمالهم التي تركوها خلفهم، ووصول قسم كبير منهم إلى حالة باتوا عاجزين فيها عن تأمين لقمة العيش"، موضحاً أنّ "كل ذلك، يندرج ضمن أسباب القوة القاهرة والظروف الطارئة، التي تعفي المدين من تنفيذ الالتزامات التي تزيد في إرهاقه، وهو ما ينص عليه القانون السوري القائم".
وزاد: "ما يقوم به النظام السوري من الاستيلاء على هذه الشقق، بحجة عدم تسديد الأقساط، مخالف للقانون ويعتبر جريمة سلب أملاك الغير، وهو عمل غير مشروع".
وتابع: "ومرد ذلك إلى أنّ النظام هو سبب التهجير القسري ومنع الناس من العودة إلى ديارهم والانتفاع من أموالهم وأملاكهم وتسديد ما عليهم من التزامات مستحقة، أي أن النظام هو من تسبب لهم بالعجز عن قصد مسبق واستغله لعقابهم وحرمانهم من حقوقهم".
ومنذ 2018، بدأ نظام الأسد تحركات لمصادرة الأراضي والمنازل، حيث صدر القانون رقم 10 الذي يطالب اللاجئين بإثبات ملكيتهم لعقارات يمتلكونها، والحضور شخصياً، أو سيتم سحب الملكية منهم.
وأصدرت حينها منظمة "هيومن رايتس ووتش" بياناً أوضحت فيه أنّ هذا القانون سيحرم الكثير من اللاجئين من أملاكهم.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أفادت في تقاريرها خلال الأشهر الماضية، بأنّ النظام السوري أعلن في ريفي إدلب وحماة عن مزادات جديدة لأراضي النازحين واللاجئين بهدف السيطرة عليها.
وأشارت إلى أنّ ما لا يقل عن 440 ألف دونم هي مساحة الأراضي الزراعية التي استولى عليها النظام السوري في ريفي حماة وإدلب.
(الأناضول)