نقابة الصحافيين المصريين تدعو إلى حل أزمة الأجور وإنقاذ المؤسسات من الإفلاس

16 ديسمبر 2024
المؤتمر السادس لنقابة الصحافيين المصريين، القاهرة، 16 ديسمبر 2014 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- دعا المؤتمر العام لنقابة الصحافيين المصريين لاجتماع عاجل مع الحكومة لمناقشة الأزمة الاقتصادية للمؤسسات الصحافية، مشددًا على ضرورة وضع أجور عادلة للصحافيين وإصدار قوانين مكملة لدستور 2014، خاصة قانون حرية تداول المعلومات.
- أظهر استطلاع رأي أن 72% من الصحافيين يعيشون تحت خط الفقر، مع عدم التزام المؤسسات بالحد الأدنى للأجور، مما يدفعهم للبحث عن عمل إضافي ويؤثر على استقرارهم الوظيفي.
- أكد المؤتمر على أهمية تحديث مواثيق العمل الصحفي وإعادة هيكلة الأجور وزيادة بدل التكنولوجيا، محذرًا من تأثير تراجع الجنيه وارتفاع الأسعار على أداء الصحافيين.

دعا المؤتمر العام السادس لنقابة الصحافيين المصريين الحكومة إلى اجتماع عاجل لمناقشة جادة للأزمة الاقتصادية التي تمر بها المؤسسات الصحافية الرسمية والخاصة والحزبية، ووضع الأجور العادلة الكفيلة بأن تنقذ آلاف الصحافيين من الوقع في براثن الفقر المدقع وحالة اليأس التي تنتاب أهل المهنة، جراء تراجع الحريات وعدم التزام الدولة بدستور 2014، وإلزام البرلمان بإصدار القوانين المكملة له، وعلى رأسها قانون حرية تداول المعلومات. 

وجاءت دعوة المؤتمر في نهاية أعماله أمس التي استمرت ثلاثة أيام، كشف خلالها عن المعاناة الشديدة التي تواجه صناعة الصحافة، بسبب القيود النظامية التي تديرها السلطة، واحتكار شركة سيادية لصناعة الإعلان، والحصول على الإعلانات وتوزيعها على الصحف بنظام الأمر المباشر، مع فرض سلسلة من الضرائب والرسوم على الصحف والمواقع الإلكترونية والصحافيين تمثل نحو 50% من قيمة دخولهم المتردية.

ورغم الأزمة المالية الطاحنة التي أظهرتها نتائج استطلاع رأي أجرته نقابة الصحافيين على مدار شهر قبل بداية المؤتمر، أظهرت المناقشات التي أجريت عبر 17 جلسة عامة، حضرها نخبة من الأكاديميين وخبراء الإعلام وأعضاء العمومية، أن نقص "الحرية" يعمق بشدة أزمة الأجور وتراجع الجمهور عن شراء الصحف ورفضه المشاركة في دفع أية رسوم على الخدمات والأخبار التي تقدم له عبر وسائل الإعلام بمختلف صور ملكيتها.

وقال نقيب الصحافيين خالد البلشي، في ختام المؤتمر، إنه سيسعى إلى نقل الحقائق المرة التي بينتها المناقشات إلى الحكومة وكل المسؤولين في الدولة، لـ"حثهم على إنقاذ المهنة التي ظلت لعقود تمثل القوة الناعمة للدولة، من الانهيار"، مؤكداً "امتلاك الجماعة الصحفية حلولاً عملية، لا تحتاج إلا إلى إرادة سياسية لتفعليها، والخروج بصناعة الصحافة من النفق المظلم الذي تعيشه منذ سنوات".

وبيّن الاستطلاع الذي أجرته النقابة عدم وجود لوائح مالية للأجور بأغلبية الصحف. وأكد 60.5% من المشاركين في الاستطلاع عدم التزام المؤسسات التي يعملون بها بالحد الأدنى من الأجور مقابل التزام 27.9%، والالتزام الجزئي بنحو 11.5%، بما يعكس تفاوتاً كبيراً عند تطبيق قوانين العمل في المجتمع الصحافي.

وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 72% من الصحافيين يعيشون على أقل من الحد الأدنى للأجور المحددة من قبل الدولة بــ6 آلاف جنيه شهرياً مقابل 28.2% يلامسون الحد الأدنى للأجور، ليظل الأغلبية الساحقة تحت خط الفقر المدقع، غير القادرة على تدبير احتياجاته اليومية من الغذاء والسلع الأساسية، مبينة عمل 13.1% من الصحافيين بلا أجر، و7.1% يحصلون على أجر أقل من 1000 جنيه، و18.9% يحصلون على أجر أقل من ثلاثة آلاف جنيه، و32.7% يحصلون على أجر أقل من ستة آلاف جنيه. ويدفع تدني الأجور إلى حالة عدم الرضا عند 79% من الصحافيين عما يحصلون عليه من أجر، مقابل 16.1% راض إلى حد ما و4.7% راض، بما يدفع 40.1% من الصحافيين إلى البحث عن عمل إضافي بشكل كامل، و24.4% للعمل الإضافي أحياناً، بما يمثل 65.5% من الصحافيين الذين يضطرون إلى العمل في أعمال صحافية بنسبة 70.4%، وأخرى غير صحافية بنحو 29.6%.

وتلقي الأزمة المالية ظلاها على الرعاية الصحية، التي يحظى به نحو 54% فقط من الصحافيين ليظل 46% محرمين من أي تغطية صحية، مع معاناتهم الشديدة من عدم الاستقرار الوظيفي وقدرتهم على تلبية الحد الأدنى من متطلبات الأسرة.

وحظيت قضايا الأجور المرتبات والمعاشات على المرتبة الأولى في اهتمام المشاركين في الاستطلاع الذي يجري للمرة الأولى منذ 20 عاماً، والثانية في عمر نقابة الصحافيين التي حملها الأعضاء المسؤولية في مطالبة الدولة بحل أزمة الأجور ودعم الحريات وإعداد الصحافي مهنياً في المرتبة الثانية وإصلاح التشريعات المتعلقة بوسائل الإعلام والصحف في المرتبة الثالثة.

وبيّن الاستطلاع أن تراجع الدخل أكبر عائق أمام الصحافيين يحول دون قدرتهم على التميز الصحافي بنسبة 27.2%. وتأتي التشريعات الصحافية معوقاً ثانياً بنسبة 26.4%، يليها عدم تعاون المصادر بـ23.7%، ثم الوضع الإداري للمؤسسات الصحافية بـ22.5%، مشيراً إلى أن الحالة الاقتصادية ومستوى دخل الصحافي يبقى في مقدمة ما يشعل تفكير الصحافي ويؤثر على أدائهم. 

ويظهر الصحافيون عدم رضا بنسبة 88.4% عن آلية اختيار القيادات الصحافية مقابل 11.6%، مؤكدين بنسبة 77.9% في الاستطلاع أن الاختيارات تفتقد قواعد ومعايير واضحة على أساس الكفاءة والخبرة، بينما يرى 64.4% أنها تجري عبر مجاملات شخصية وتشوبها المحسوبية، بما يحد من فرص صعود المؤهلين و52.5% يرون عدم تطبيق طريقة تنافسية تتسم بالشفافية بين العاملين بالمؤسسات، ويؤكد 47.8% أن طريقة الاختيارات تقضي على الطموح الشخصي للعاملين، مما يؤثر على أداء المؤسسة وإقرار آخرين إلى وجود "الشللية" والأهواء الشخصية وتجاهل الكفاءات.

وكشفت نتائج الاستطلاع عن اهتمام الجماعة الصحافية بتطوير مهنتهم وامتلاكهم رؤية للخروج من أزمتها المالية الخانقة، ووضعهم حلولاً لعلاج أزمات الصناعة الصحافية، تبدأ بأولويات، منها إقرار قانون حرية تداول المعلومات، بما يضمن حق الوصول إلى المعلومات، والشفافية والوصول إلى المعلومات التي تعد أساس الصحافة الاستقصائية، يلي ذلك إلغاء الحبس في قضايا النشر وتقديم الدعم المادي للمؤسسات والصحف ووسائل الإنتاج.

ودعا مجلس نقابة الصحافيين الحكومة إلى اجتماع عاجل لوضع لائحة جديدة لأجور الصحافيين إعادة هيكلة شاملة للأجور ومضاعفة بدل التكنولوجيا الذي يحصل عليه الصحافيون حالياً بنحو 3900 جنيه شهرياً. وأسفرت مناقشات المؤتمر عن طرح حلول عديدة لمواجهة التدهور الحاد لمستويات الأجور والأزمات المالية الخطيرة التي تواجه المؤسسات الصحافية التي تدفع الحكومية منها إلى بيع أصولها أو وقف ودمج بعض الإصدارات بطرق عشوائية، تزيد من خسائر الإصدارات، وتدفع إلى مزيد من البطالة بين الصحافيين، وتحول دون تعيين آلاف الخريجين الجدد، الراغبين في امتهان العمل الصحافي.

وقال نقيب الصحافيين الأسبق يحيى قلاش: "من لا يملك قوته لا يملك قلمه وحريته"، محذراً من تراكم أزمة الأجور التي استفحلت، وزادت مشكلتها في الآونة الأخيرة، بسبب القيود التي تضعها السلطة على نشر المعلومات وحرية الصحف في تناول القضايا الجماهيرية بجرأة، بما يمكنها من القدرة على بيع الصحف والمواد الصحفية عبر المواقع الإلكترونية والخدمات الخاصة. كما أكد خبراء وقدامى المهنة أن حصول الصحف على الهامش الضيق من الحريات التي كانت موجود في مجتمع شبه ديمقراطي، من جديد، يمكن أن يساهم في إنقاذ ما تبقى من مؤسسات صحافية أصبحت تستدين وتبيع أصولها من أجل دفع رواتب العاملين بها.

وأشار رئيس اللجنة الاقتصادية في نقابة الصحافيين محمد خراجه إلى أن تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار والعملات الصعبة، على مدار العشرين عاماً الماضية، أطاح دخولَ الصحافيين وجعل السواد الأعظم من الصحافيين غير قادرين على ملاحقة الزيادة الكبيرة في أسعار السلع والخدمات يوجهون بدل التكنولوجيا الذي يحصلون عليه من النقابة لتطوير أدائهم المهني، لتدبير حاجات الأسر الأساسية. ويذكر خراجه أن أجر الصحافي تراجع إلى مستويات شديدة التدني بين أقرانه على مستوى الدول العربية والعالم، حيث يصل إلى أقل من 150 دولاراً شهرياً، بينما يراوح بين 6 آلاف و8 آلاف دولار بالولايات المتحدة وأوروبا. وبينما يبلغ نحو ثلاثة آلاف دولار للصحافي المصري بدول الخليج، يرتفع بين نظرائه المواطنين إلى نحو سبعة آلاف دولار، وفي دول المغرب يصل إلى 1500 دولار، وفلسطين 500 دولار والعراق 850 دولاراً ولبنان 800 دولار. 

المساهمون