استمع إلى الملخص
- **تحديات بيئية وصحية**: تصميمات البناء الحالية في مصر تزيد من درجات الحرارة بسبب الأسطح الإسمنتية، مما يرفع الحاجة لأجهزة التكييف في المباني السكنية والتجارية، ويزيد من الوفيات بسبب الحر الشديد.
- **ارتفاع أسعار أجهزة التكييف**: تشهد أسعار أجهزة التكييف ارتفاعاً مستمراً بسبب تدهور قيمة الجنيه وصعوبات الحصول على الدولار، مما يؤدي إلى تراجع الإقبال على الشراء وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.
توقع اقتصاديون ارتفاع مبيعات أجهزة التكييف سنوياً، بالرغم من أزمة الكهرباء الراهنة في مصر، بما تصل قيمته إلى 389 مليون دولار بحلول عام 2029، وفقاً لدراسة فنية أجراها خبراء مركز دراسات بديلة للسياسات بالجامعة الأميركية بالقاهرة، وعملت على تتبع مشروعات البناء التي تنفذها الجهات الحكومية في العاصمة الإدارية والمباني الجديدة بالمحافظات، المعتمدة على صغر المساحات، والإكثار من الكتل الإسمنتية، من دون مراعاة نظم التقييم البيئي والتصميمات المعمارية التي تعزز التهوية الطبيعية، والعزل الحراري، وفقا لنظام الهرم الأخضر المصري والتشجير.
وأشار خبراء المركز إلى تفضيل الحكومة المباني الشاهقة ذات الوجهات الزجاجية، التي تزيد من الاحتباس الحراري داخل المباني وتحتاج إلى مزيد من الطاقة من أجل التبريد، مع تجاهل أغلب المطورين العقاريين المصممين للمباني في العاصمة الإدارية قواعد العزل الحراري من أجل تخفيض نفقات البناء وتعظيم الربحية، ما يتطلب زيادة الحاجة إلى أجهزة التبريد داخل المبانى.
وبين الخبراء أن الحكومة بدأت إطلاق نظام التبريد الداخلي في البرج الأيقوني بالعاصمة الإدارية، الأعلى ارتفاعا في قارة أفريقيا، عقب فاجعة وفاة أكثر من 40 شخصاً بمحافظة أسوان الشهر الماضي بسبب الحر الشديد وانقطاع التيار الكهربائي، ما يكشف عن حاجة أغلب مشروعات المدن الجديدة، ومنها العاصمة الإدارية الجديدة، لتشغيل أنظمة تكييف بصفة مستمرة لحماية السكان من الموت تحت ضغط الاجهاد الحراري. وأشار الخبراء إلى أن 90% من المباني السكنية في العاصمة الإدارية تحتاج إلى أجهزة تكييف، وأن 80% من الوحدات التجارية تعتمد على أجهزة تبريد، بينما تتطلب 90% من المنشآت الفندقية والمراكز الطبية والمكاتب في العاصمة الإدارية نظام تبريد مركزياً، جراء خطة الحكومة المعمارية لتوسيع مدنها الجديدة التي تزعم أنها صديقة للبيئة.
وأظهرت الدراسة البحثية أن مصر تأتي ضمن أكثر 10 دول منتجة للإسمنت على مستوى العالم، والذي يعد المكون الأساسي في عمليات البناء في أنحاء البلاد، رغم أن الإسمنت من أكثر مواد البناء تلويثا للبيئة، ما يزيد من الاسطح الإسمنتية في المباني التي تمتص 95% من أشعة الشمس وإعادة بثها في الجو مرة أخرى، الأمر الذي يزيد عدد الوفيات بسبب الحر الشديد. واستشهدت الدراسة بسجلات وزارة الصحة، التي رصدت وفاة 95 شخصاً وإصابة 1900 آخرين خلال موجة الحر التي ضربت البلاد في أغسطس/آب 2015، متوقعة أن يزيد عدد الوفيات المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة إلى نحو 800 شخص سنوياً بحلول عام 2030.
وفي سياق متصل، قال وافي أبو سمرة، عضو شعبة الأجهزة الكهربائية بالغرفة التجارية، إن الطلب على أجهزة التكييف يشهد حالة استقرار، رغم ارتفاع درجات الحرارة، مع زيادة العرض، التي ارتبطت بتوفر الدولار أمام المستوردين والمصانع التي تحتاج إلى شراء مستلزمات الإنتاج من الخارج، مبيناً أن أسعار التكييف البارد فقط، قوة 1.5 حصان، تبدأ من 17 ألفاً إلى 23 ألف جنيه، وسعر التكييف الموفر للطاقة "الإنفرتر" ما بين 23 ألفاً و27 ألف جنيه. وأكد أبو سمرة في بيان الأسعار الذي أرسله لـ"العربي الجديد" أن سعر التكيف قوة 2.25 حصان بارد فقط تتراوح ما بين 27 ألفاً و33 ألف جنيه، والموفر للطاقة من 33 ألفاً إلى 37 ألف جنيه، أما التكييف قوة ثلاثة أحصنة فيبلغ سعره ما بين 37 ألفاً و43 ألف جنيه، والموفر للطاقة ما بين 43 ألفاً و49 ألف جنيه.
وتبدأ أسعار المراوح من 750 جنيهاً إلى 2000 جنيه، ومرواح السقف والعمودية والحائطية تبدأ من 600 جنيه إلى 1800 جنيه، وفقاً للحجم والشركة المنتجة. وتشهد أسعار أجهزة التكييف والتهوية ارتفاعاً مستمراً في الأسعار متأثرة بتدهور قيمة الجنيه أمام الدولار، والصعوبات المستمرة أمام الموردين والمصنعين في الحصول على الدولار من البنوك لتمويل عمليات الشراء وتدبير مستلزمات الإنتاج، ولجوء كبار التجار إلى تخزين السلع المعمرة، وخفض الائتمان وهامش الربح للموزعين. وتضاعفت أسعار أجهزة التكييف عام 2024 مقارنة بالأسعار السائدة عام 2023، مدفوعة بتدهور الجنيه على مدار العامين، وفقدانه نحو 50% من قيمته أمام الدولار والعملات الصعبة.
وأرجع موزعون انخفاض الإقبال على بيع أجهزة التكييف إلى توقع الجمهور زيادة هائلة في أسعار الكهرباء خلال الأيام المقبلة، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، وتفضيل الشركات الانتظار لدراسة أثر الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات، التي ارتفعت بنحو 15% نهاية الأسبوع الماضي، وأدت إلى زيادة في قيمة خدمات النقل وأسعار السلع ما بين 15% إلى 20%، وسط مخاوف من أن تدفع إلى زيادة معدلات التضخم، الذي يمثل العدو رقم 2 أمام مديري الشركات، بعد شح الدولار، والذي يدفع الشركات الصناعية غير النفطية إلى منطقة الركود منذ أربع سنوات.
وتواجه الأسواق ركوداً تضخمياُ، ويدعو الخبراء الحكومة إلى منح أصحاب المشروعات العقارية والمطورين، الملتزمين بأكواد البناء الأخضر، حوافز وإعفاءات ضريبية وقروضاً ميسرة وتسهيلات إدارية لمطوري المباني والمدن، وإعادة النظر في انتشار الجسور الأسفلتية التي تزيد ارتفاع درجات الحرارة، والتركيز على زيادة الغطاء الشجري في المدن، وما حولها، لضمان حماية المواطنين من مخاطر الموجات الحارة، وارتفاع تكلفة التكييف والتبريد.
وتواجه البلاد تراجعاً هائلاً في إنتاج الغاز، وتراجعاً في قدرتها على توفير الكهرباء اللازمة للإنارة العامة والاستهلاك الصناعي والتجاري والمنزلي، حيث تضطر الحكومة إلى قطع التيار الكهربائي عن المواطنين وفق جداول زمنية على مدار اليوم وشراء نحو 1.5 مليون قدم مكعبة من الغاز يومياً للوفاء بحاجة محطات التوليد المتعطشة للوقود الأحفوري. ويبلغ معدل الاستهلاك اليومي بمحطات التوليد نحو 37 جيغاواط في ذروة الطلب على الكهرباء في أيام الصيف الحارة، ينخفض إلى 28 جيغاواط خلال فصل الشتاء، مع توقع زيادة في الاستهلاك بمعدل يقدر بنحو 7% سنوياً، وفق تقديرات وزارة الكهرباء والطاقة.