استمع إلى الملخص
- تقارير من مصارف كبرى مثل جيه بي مورغان وغولدمان ساكس أظهرت عودة الضغوط التضخمية بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وتعطل سلسلة التوريد، مع توصية المستثمرين بالاستعداد لتقلبات الأسواق.
- تفاعل الأسواق المالية بسرعة مع خفض الفائدة، حيث تراجعت أسواق السندات والأسهم وارتفع الدولار، مع تحفظات داخل البنك على ضرورة تحسين التضخم قبل تخفيضات إضافية.
اختتم مسؤولو بنك الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" عام 2024 بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي ووسط إشارة قوية إلى أن مخاوف التضخم عادت إلى الواجهة. ووفق تقرير بوكالة بلومبيرغ أمس الخميس، عبّر رئيس البنك جيروم باول عن الأمر بوضوح، حيث قال إن توقعات التضخم للبنك المركزي في نهاية العام "انهارت نوعًا ما". وفي ذات الصدد، قالت مصارف أميركية كبرى إن مخاوف التضخم عادت إلى الظهور في الولايات المتحدة.
ويرى المسؤولون أن الأمر سيستغرق وقتًا أطول بكثير حتى يصل التضخم إلى هدفه البالغ 2%، وهو الهدف الذي عجزوا عنه منذ ما يقرب من أربع سنوات. ونتيجة لذلك، فقد خفّضوا توقعاتهم لخفض أسعار الفائدة في العام المقبل، وأوضح باول أن أي تعديلات ستتوقف على مزيد من التقدم في زيادات أسعار التضخم.
ويمثل التركيز القوي على التضخم تحولاً كبيراً في استراتيجية بنك الاحتياط الفيدرالي مقارنة بشهر سبتمبر/أيلول، عندما رأى المسؤولون أن ضعف سوق العمل هو الخطر الأكبر. لكن البيانات الأخيرة أثارت المخاوف من جديد بشأن توقف التضخم فوق هدف البنك المركزي البالغ 2%.
ووفق تقرير بلومبيرغ، قال باول يوم الأربعاء خلال مؤتمر صحافي: "بينما نفكر في المزيد من التخفيضات، فإننا سنبحث عن تقدم بشأن التضخم". وتابع "كنا نتحرك بشكل جانبي بسبب التضخم لمدة 12 شهرًا". ولا يرى صانع السياسات الآن سوى نصف نقطة مئوية من التخفيضات في العام المقبل، أي نصف ما كان متوقعاً في سبتمبر/أيلول الماضي.
وفي ذات الصدد، أشار كبير الاقتصاديين في بنك جيه بي مورغان في تحليل في 3 ديسمبر الجاري، إلى أن البيانات الأخيرة تشير إلى عودة الضغوط التضخمية، مدفوعة بشكل خاص بارتفاع أسعار الطاقة وتعطل سلسلة التوريد. وشدد البنك على أن قراءات مؤشر أسعار المستهلكين "كانت أعلى من المتوقع"، مما يشير إلى أن التضخم قد يظل مرتفعًا حتى عام 2025. وشدد البنك على الحاجة إلى مراقبة دقيقة لنمو الأجور كمحرك محتمل للتضخم المستدام.
من جانبه، نشر بنك غولدمان ساكس تحليلاً أمس الخميس، يشير إلى أن مخاطر التضخم أصبحت أكثر وضوحاً مع بقاء الطلب الاستهلاكي قوياً، على الرغم من الرياح الاقتصادية المعاكسة. وتوقع اقتصاديو البنك تحديات محتملة للسياسة النقدية إذا لم يتراجع التضخم كما هو متوقع في أوائل عام 2025. وأوصوا المستثمرين بالاستعداد للتقلبات في الأسواق المالية بينما تتنقل البنوك المركزية في هذه الديناميكيات المعقدة.
وكان رد فعل الأسواق سريعاً وعنيفاً على المسار الجديد المتوقع لبنك الاحتياط الفيدرالي، حيث تراجعت أسواق سندات الخزانة الأميركية والأسهم، بينما ارتفع الدولار إلى أقوى مستوى في أكثر من عامين. وكان باول قد نجح في إقناع اللجنة النقدية بالبنك الفيدرالي بخفض سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة كخطوة أولى. ومع التخفيضات بمقدار ربع نقطة مئوية، يوم الأربعاء، يكون الاحتياطي الفيدرالي قد خفض تكاليف الاقتراض بمقدار نقطة مئوية كاملة على مدى ثلاثة اجتماعات.
وهي أكبر سلسلة من التخفيضات خارج الأزمة المالية منذ عام 2001. وقال باول إن الخطوة الأخيرة، التي خفضت سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى نطاق 4.25% -4.5%، كانت بمثابة دعوة أقرب إلى وقف أسعار الفائدة. وصوتت رئيسة بنك الاحتياط الفيدرالي في كليفلاند، بيث هاماك، ضد هذا الإجراء، مفضلة إبقاء أسعار الفائدة ثابتة.
وعلى صعيد أخطار التضخم، قال كونراد ديكدروس، كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة برين كابيتال إل إل سي، لوكالة بلومبيرغ: "من الآن فصاعداً، سيكون من الأصعب بكثير الحصول على تخفيضات في أسعار الفائدة دون مزيد من التحسن في التضخم".
وكان بنك أوف أميركا قد ذكر في تقرير في 10 ديسمبر الجاري، أن توقعات التضخم بين المستهلكين قد زادت بشكل ملحوظ. وأشار المسح الذي أجراه محللو البنك إلى أن الأسر تتوقع ارتفاع الأسعار خلال العام المقبل، الأمر الذي قد يؤدي إلى تغييرات في سلوك الإنفاق. وحذر البنك من أنه إذا تعززت هذه التوقعات، فقد يؤدي ذلك إلى تعقيد السياسة النقدية، وربما يؤدي إلى زيادات أكثر قوة في أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي.