- "فاني ماي" رفعت توقعاتها لمتوسط أسعار الفائدة على قروض الرهن العقاري لمدة 30 عامًا إلى 6.4% بحلول الربع الرابع من 2024، مما يعكس توقعات بضغوط مستمرة على سوق الرهن العقاري.
- على الرغم من التوقعات بخفض الفائدة، تواجه سوق الرهن العقاري والسندات المرتبطة به تحديات كبيرة، بما في ذلك تردد البنوك في شراء السندات بعد خسائر 2022 والنظر في فرض قيود إضافية لتخفيف آثار الأزمات المحتملة.
على الرغم من التصريحات الإيجابية لرئيس بنك الاحتياط الفيدرالي جيروم باول، يوم الأربعاء، والتي أكد فيها تمسك البنك بخفض الفائدة ثلاث مرات قبل نهاية العام الحالي، لم ينتقل التفاؤل إلى سوق قروض الرهن العقاري، التي أصبحت تتعامل مع معدلات الفائدة الحالية على أنها "المستوى المعتاد الجديد".
ورفع الاقتصاديون في "فاني ماي" هذا الأسبوع توقعاتهم لمتوسط أسعار الفائدة على قروض الرهن العقاري الثابت لمدة 30 عاماً إلى 6.4% في المتوسط في الربع الرابع من عام 2024، بعد أن كان 5.9%. وتوقّعوا أيضاً معدلاً متوسطاً قدره 6.2% في عام 2025، مقارنة بمتوسط 6.87% كان متوقعاً الأسبوع الماضي.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، اليوم الجمعة، إن الطلب على السندات المرتبطة بقروض الرهن العقاري لم يعد حتى الآن إلى مستوياته التي سبقت توجّه البنك الفيدرالي نحو تشديد السياسات النقدية في 2022، والذي توّج برفع معدلات الفائدة إلى أعلى مستوياتها في أكثر من ربع قرن.
وأظهرت بيانات "بلومبيرغ" أن علاوة العائد التي يطلبها مستثمرو الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، والصادرة عن الشركات التي ترعاها الحكومة، مثل "فاني ماي" أو "فريدي ماك"، فوق عوائد سندات الخزانة الأميركية، تراجع قليلاً عن المستويات المرتفعة التي وصل إليها العام الماضي، إلا أنه ما زال بعيداً عن أدنى مستوياته التاريخية، في أوقات تألق تلك السوق.
ويشير ذلك إلى استمرار ارتفاع الفائدة في سوق قروض الرهن العقاري، الأمر الذي يمثل خبراً سيئاً لملايين الأميركيين المنتظرين لخفض أسعار الفائدة حتى يتحركوا لتحقيق حلمهم بشراء منزل.
ولا تزال فجوة العائد بين سندات الرهن العقاري وسندات الخزانة تبلغ حوالي 1.5%، وفقاً للأرقام التي جمعها "بنك أوف أميركا". وكان الفارق النموذجي قبل بضع سنوات في حدود 1%.
ويقول ديفيد فينكلستين، الرئيس التنفيذي وكبير مسؤولي الاستثمار في شركة آنالي كابيتال مانجمنت، وهي صندوق استثمار عقاري يستثمر في سندات الرهن العقاري وغيرها من الاستراتيجيات: "هناك مجال إضافي لتضييق الفارق، لكننا لا نعتقد أننا سنعود إلى مستويات ما قبل 2022".
ويرى محللو الأسواق أن أحد مسببات تخلف فائدة قروض الرهن العقاري، والسندات المرتبطة بها، عن التراجع سيكون تراجع البنك الفيدرالي عن شراء تلك السندات، مع سماحه باستحقاق ما بحوزته حالياً منها دون تجديد، فيما يستمر في تجديد جزئي أو كلي لسندات الخزانة.
وقال أحد محافظي بنك الاحتياط الفيدرالي، كريستوفر والر، في خطاب ألقاه في بداية الشهر الجاري، إنّه "يود أن يرى حيازات بنك الاحتياط الفيدرالي من السندات المدعومة بالرهن العقاري تنخفض إلى الصفر".
وتقول جينا كورو، رئيسة استراتيجية الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري في "بنك أوف أميركا": "مستوى الفارق التاريخي بين عوائد نوعي السندات جاء في وقت كان البنك الفيدرالي يشتري فيه القروض العقارية. يجب علينا إعادة تقييم الأمور وفقاً لتوجهات البنك الحالية".
ولا تزال البنوك الأميركية متردّدة في التوسع في شراء سندات الرهن العقاري، خاصة بعد الخسائر التي تعرضت إليها في فترة قصيرة، ضمن تداعيات "شبه الأزمة" التي مرّ بها القطاع المصرفي في ربيع 2023. وكانت أكبر الخسائر في البنوك المستثمرة بقوة في تلك النوعية من السندات، حيث تسببت عوامل عدة وقتها، من بينها انصراف الشركات عن شراء أو تأجير المكاتب مع التوسع في "العمل من المنزل"، في تراجع أسعار تلك السندات.
ولا يقتصر الأمر على تخفيض البنوك الإرادي لاستثماراتها في سندات الرهن العقاري، حيث تعكف الجهات التنظيمية حالياً على دراسة فرض قيود إضافية، مثل زيادة متطلبات رأس المال والسيولة، سعياً لتخفيف الآثار السلبية لأي أزمات محتملة.
وأشارت وسائل إعلام أميركية أيضاً إلى أن الصناديق النقدية ما زالت مستمرة في سحب البساط من تحت أقدام مختلف أنواع الصناديق الأخرى، من خلال تسجيل أعلى معدلات التدفق الداخل إليها. وتشمل صناديق الاستثمار المختلفة الوعاء الذي يضم النسبة الكبرى من المستثمرين الأفراد، الراغبين في دخول سوق الأذون والسندات الأميركية.
وساهم الانخفاض الكبير في عمليات الشراء وإعادة التمويل في تقليص أحجام قروض الرهن العقاري في الفترة الأخيرة، حيث أشارت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إلى انخفاض بنسبة 35% عن مستويات الذروة التي جرى تسجيلها في عام 2021 في استثمار الأموال في صناعة الرهن العقاري غير المصرفية. وكتبت فيتش مؤخراً أن الظروف الصعبة دفعت "العديد من شركات البناء إلى الخروج من السوق، وهناك توقعات بحدوث عمليات اندماج إضافية مع استمرار تقليص معدلات الربحية".
وتشير كل تلك النقاط إلى أن هامش الربح المدمج في معدلات الرهن العقاري، كما العائد على سندات الرهن العقاري، ربما لا ينخفضان كثيراً، عن المستويات الحالية، في غياب أحجام القروض الضخمة، التي يمكن لها أن تشجع شركات البناء على التوسع من جديد. ومع بقاء معدلات الفائدة المطبقة بالفعل على قروض الكثير من المنازل الأميركية أقل من مستوى 4%، فإن احتمالات تحرك هؤلاء للبيع تعد منخفضة للغاية في الوقت الحالي، وهو ما يعني استمرار انخفاض حجم القروض المطلوبة في السوق العقارية الأميركية.