اختتمت في المدينة الصناعية ببلدة الراعي شمالي محافظة حلب شمالي سورية، اليوم السبت، أعمال مؤتمر "الارتقاء ببيئة الاستثمار في الشمال السوري"، والذي استهدف تنمية المناطق المحررة اقتصادياً، والإسهام في تحسين مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل.
ووفقاً للهيئات المنظمة للمؤتمر الذي انطلق الأربعاء الماضي، فإنه استهدف أيضاً "إيجاد بيئة استثمارية جاذبة، وتقييم واقع الاستثمار في الشمال السوري وتحديد متطلباته، وإنشاء حاضنات الأعمال لتنمية المشاريع الصغيرة وتحفيز الطاقات الشابة للمبادرة في ريادة الأعمال".
كما استهدف أيضاً "الوصول إلى شراكات استراتيجية على المستويين الداخلي والخارجي في قطاع الاستثمار، بالإضافة إلى وضع خريطة للاستثمار من منظور التنمية المستدامة".
بيد أنّ البعض يرى أنّ الهدف من هكذا مؤتمرات هو تحسين صورة الحكومة المؤقتة في ظل الفلتان الأمني الذي تشهده مناطق "درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام" شمالي وشمال شرقي سورية.
وشاركت الحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني المعارض، وجامعة حلب في الشمال السوري، ونقابة الاقتصاديين السوريين، ومنظمة "IDEAK"، بحضور المؤسسات المحلية ورجال أعمال واقتصاديين في تنظيم المؤتمر في البلدة الواقعة على الحدود السورية التركية.
وطُرحت خلال المؤتمر 7 محاور وهي: دعم الاستثمار في البعد السياسي والأمني والقانوني؛ واقع الاستثمار في قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة والبناء والتشييد وغيرها؛ متطلبات تأهيل البنية التحتية كمحفز للاستثمار، توفير مصادر التمويل والمؤسسات المالية، المدن الصناعية والمناطق الحرة، دور السلطة السياسية في الاستثمار (تعدد السلطات)، سيناريوهات بناء صناع الاستثمار.
من جانبه، قال الناشط المدني عبد الحميد بعاج، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "مؤتمر الاستثمار الذي عُقد في بلدة الراعي هو محاولة من الحكومة المؤقتة لتحسين صورتها القاتمة"، مضيفاً أنّ "هذه الصورة التي تبدو واضحة وجلية لكل من ينظر إلى البقعة الجغرافية التي تقع تحت سيطرة فصائل الجيش الوطني في شمال حلب".
واعتبر بعاج أنه "تم تضخيم حجم فعالية كهذه، خاصة أنها تأتي في بيئة منفرة للاستثمار والمستثمرين، فالمستثمر حين يعاين الواقع الذي تعيشه المنطقة سيرى أنها تحولت إلى إقطاعات تتقاسمها فصائل عسكرية".
ورأى أنّ "الحكومة التركية بصفتها مشرفاً على إدارة المنطقة ساهمت بشكل كبير في الاستثمار بحالة الانقسام الذي تعيشه المنطقة فقامت بتقسيم المحرر وجعلت كل منطقة فيه تابعة لولاية تركية ونزعت منها صلاحية إصدار القرار بشكل كامل"، وفقاً لقوله.
وشدد على أنّ "البيئة الحالية ليست بيئة جالبة للاستثمار ومن غير المتوقع أن نرى أي تأثير إيجابي للمؤتمر على المنطقة".
وتعاني مناطق سيطرة "الجيش الوطني السوري" في كل من "درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام" من فوضى أمنية وانتشار للسلاح، يتسببان بخلافات فصائلية أو عائلية أو عشائرية بين وقت وآخر في ظل ضعف المؤسسات التابعة للحكومة السورية المؤقتة.
في المقابل، قال صحبي كعكة المدير التنفيذي لشركة هومكس للصناعة والتجارة المشاركة في المؤتمر، إنّ "شركتنا انطلقت في عام 1987 في ريف دمشق، ثم بدأت عملها في الشمال السوري منذ عام 2020 بخطوات متواضعة، وحالياً تم إنتاج الغاز المنزلي وبعدها سننتج الفرن الكامل من 4 رؤوس و5 رؤوس لنقدّم منتجاً عالي الجودة".
وعن الفرق بين المنتجات المحلية والمستوردة، أضاف كعكة، لـ"العربي الجديد"، أنّ "أسعار المنتج المحلي في المتناول، بالإضافة إلى توافر قطع الغيار والإكسسوارات للمنتجات المحلية".
كذلك رحّب الباحث الاقتصادي في مركز جسور للدراسات خالد تركاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، بـ"الفكرة"، مشيراً إلى أنّ "الشمال السوري دخل في مرحلة أكثر استقراراً ويحتاج لجذب رؤوس أموال أو بحث عن الفرص والانتقال لمستوى إنتاج جديد".
ورأى أنّ "البنى التحتية الضعيفة في مدن وبلدات الشمال السوري تشكّل فرصة استثمارية يمكن الدخول فيها"، مضيفاً "نتكلم عن منطقة خام للاستثمار في مجالات متنوعة". وقال تركاوي إن "القوانين لا تحكم حالياً كل شيء، أي المشكلة لدينا في التطبيق القانوني والحوكمة، وهذه لا شك مخاطرة للمستثمر".