رصدت وكالة "سي أن أن" الأميركية تقريرًا لوكالة الطاقة الدولية تقول فيه إن منتجي النفط والغاز أمامهم خياران لا ثالث لهما، إما أن يستمروا في تسريع أزمة المناخ أو أن يصبحوا جزءاً من حلها.
وبحسب التقرير الصادر اليوم الخميس، توفر الصناعة حالياً 1% فقط من الاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة، وتستمر في ضخ كميات كارثية من الغازات المسببة لزيادة درجة حرارة الكوكب، بما في ذلك غاز الميثان، الذي تبلغ قوته نحو ثمانين ضعف غاز ثاني أكسيد الكربون في الأمد القريب. وقالت وكالة الطاقة الدولية إنه إذا كان للعالم أن يحظى بأي فرصة لإيقاف الاحتباس الحراري عند 1.5% فوق مستويات ما قبل الصناعة، فهناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات جذرية على كلا الجبهتين وبسرعة.
ويأتي هذا التحذير قبل انعقاد قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP28)، والتي تبدأ الأسبوع المقبل في دبي. وأظهر تحليل حديث للأمم المتحدة أن الكوكب من المتوقع أن ترتفع حرارته بنحو 3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن. ويرى العلماء أن ارتفاع درجات الحرارة بهذا القدر يمكن أن يدفع العالم نحو عدد من نقاط التحول الكارثية التي لا رجعة فيها، مثل الانهيارات الجليدية القطبية.
وقال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية إن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) القادم يمثل لحظة محورية بالنسبة لصناعة النفط والغاز. وأضاف "نظرًا لأزمة المناخ المتصاعدة، وعواقبها العالمية العميقة، أصبح الوضع الراهن غير مقبول اجتماعيًا وغير سليم بيئيًا"، وفقاً لما نقلته "سي أن أن".
وفي معرض تقديمه للتقرير، الذي يحمل عنوان "صناعة النفط والغاز والتحول إلى صفر انبعاثات"، قال بيرول للصحافيين اليوم الخميس إن هناك إجراءين يجب على الصناعة اتخاذهما للقيام بدورها في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عند المستوى المتفق عليه دوليًا وهو 1.5 درجة.
ويتمثل الإجراء الأول، بحسب بيرول، في الحد من التلوث الناتج عن تسخين الكوكب من العمليات الخاصة، مثل استخراج النفط والغاز من الأرض، ومعالجة الوقود، وتسليمه للمستهلكين. وتولد تلك الأنشطة الثلاثة ما يقرب من 15% من انبعاثات الغاز الدفيئة المرتبطة بالطاقة على مستوى العالم.
وشدد بيرول على أن هذه الانبعاثات، بما في ذلك انبعاثات الميثان، يمكن إصلاحها بسهولة وسرعة، وفي كثير من الحالات بطريقة فعالة من حيث التكلفة.
وينادي تقرير وكالة الطاقة الدولية بخفض هذا التلوث بنسبة تزيد على 60% بحلول عام 2030، مقارنة بالمستوى الحالي.
استثمارات نظيفة
وقال التقرير إن الإجراء الثاني الذي توصي به الوكالة هو تحقيق زيادة كبيرة في الاستثمارات في الطاقة المتجددة من قبل شركات النفط والغاز، والتي كانت "قوة هامشية" في التحول إلى الطاقة النظيفة.
ووجدت وكالة الطاقة الدولية أن الصناعة استثمرت حوالي 20 مليار دولار في مشاريع الطاقة النظيفة العام الماضي، أي حوالي 2.5% فقط من إجمالي إنفاقها الرأسمالي. وأشارت إلى ضرورة ارتفاع هذه النسبة إلى 50% بحلول عام 2030، للمساعدة في إبقاء ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي عند مستوى أقل خطورة وهو 1.5 درجة.
ومثل هذه الزيادة ستعني تغييراً جذرياً في كيفية إنفاق شركات النفط والغاز أموالها، وخلال الفترة بين عامي 2018 و2022، حققت الصناعة إيرادات تبلغ حوالي 17 تريليون دولار، تم إنفاق 40% منها على تطوير وتشغيل أصول النفط والغاز، وذهب 10% إلى المستثمرين، وتم استثمار مبلغ محدود في الطاقة النظيفة، وفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية.
وتستثمر شركات النفط والغاز في تقنيات احتجاز الكربون لإزالة التلوث الكربوني من الهواء والتقاط ما تنتجه محطات الطاقة والمرافق الصناعية. ويمكن بعد ذلك تخزين الكربون المحتجز أو إعادة استخدامه، وقال بيرول للصحفيين إن احتجاز الكربون ليس هو الحل.
وقال إن التقنيات يمكن أن تلعب دوراً مهماً في قطاعات معينة مثل إنتاج الأسمنت، والحديد والصلب وغيرها، لكن القول بأن تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه ستسمح لصناعة النفط والغاز بمواصلة اتجاهات إنتاج النفط والغاز الحالية، وفي الوقت نفسه تخفض الانبعاثات، هو في رأينا محض خيال.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة سيتطلب احتجاز 32 مليار طن متري (35 مليار طن قصير) من الكربون، وهو مالا يمكن تصوره على الإطلاق بحلول عام 2050. وأشار إلى أن كمية الكهرباء اللازمة لتشغيل هذه العملية تتجاوز الطلب العالمي السنوي الحالي على الكهرباء.
وتعليقًا على تقرير وكالة الطاقة الدولية، قالت كايسا كوسنين، منسقة السياسات في منظمة السلام الأخضر الدولية المعنية بالبيئة، إن "التنظيم الذاتي للصناعة يؤدي إلى كارثة جماعية، لذا فإن لحظة الحقيقة ستأتي في قمة المناخ هذا العام، عندما تتاح للحكومات فرصة الاتفاق على إيقاف إنتاج الوقود الأحفوري، على نحو عادل وسريع".