استمع إلى الملخص
- **تأثير الجمود السياسي على الأسواق المالية**: الفجوة بين عائدات السندات الفرنسية والألمانية اتسعت، مما يعكس التوتر في أسواق السندات الأوروبية والمخاوف من تأثير الأغلبية اليمينية المتطرفة أو اليسار المتطرف على ضبط الإنفاق الحكومي.
- **التحديات المالية للحكومة الفرنسية المقبلة**: الحكومة الفرنسية المقبلة ستحتاج إلى إيجاد أكثر من 15 مليار يورو سنوياً لتلبية مطالب الاتحاد الأوروبي بخفض العجز في الميزانية، مما يزيد من خطر حدوث جمود سياسي طويل الأمد.
تدخل نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية منطقة اليورو في أزمة بسبب هروب المستثمرين من سوق أدوات الدين الحكومية وارتفاع عائد السندات مقارنة بعائد السندات الألمانية التي تعد المقياس لصحة ديون الدول الأعضاء بمنطقة اليورو. وقالت تقارير أوروبية، أمس الخميس، إن الساسة الفرنسيين يحتاجون إلى الاستماع إلى أسواق السندات وإبقائها إلى جانبها أو مواجهة "سيناريو ليز تراس" الكارثي المحتمل، حسب ما حذر الرئيس التنفيذي لشركة استشارات مالية مستقلة متخصصة والتكنولوجيا والأدوات المالية.
وجاء التحذير، حسب موقع فاينانشال ميرور، من نايجل غرين من مجموعة ديفير، في الوقت الذي تؤدي فيه الفوضى السياسية في فرنسا إلى اتساع الفجوة بين عائدات السندات الفرنسية والألمانية إلى أقصى حد منذ أزمة الديون السيادية بمنطقة اليورو في بداية العقد الماضي. وتأتي هذه المخاوف بعد نتائج الانتخابات التشريعية التي أكدت عدم حصول أي تيار سياسي على مقاعد كافية للحصول على أغلبية في البرلمان، ما أدى إلى إغراق السياسة الفرنسية في اضطراب قد يستمر أشهراً. وقال غرين: "بالنظر إلى نتيجة الانتخابات الأخيرة التي أسفرت عن برلمان معلق، فإن أي حكومة فرنسية تتشكل ستواجه صعوبات في تمرير الإصلاحات الاقتصادية، أو التوصل إلى اتفاق بشأن السياسات المالية، حيث يبدو أن هناك خلافات لا يمكن التغلب عليها في ما يتعلق بالضرائب والنفقات الحكومية".
وتشعر أسواق السندات في جميع أنحاء أوروبا بالتوتر الناجم عن الجمود السياسي المتوقع في فرنسا بعد نتائج الانتخابات التشريعية، التي لم تتمكن فيها أي من الأحزاب الفرنسية من الحصول على أغلبية تمكنها من تشكيل حكومة بمفردها. وكانت الفروق قد اتسعت في عوائد الفائدة الفرنسية على السندات الفرنسية مع الألمانية إلى 85 نقطة أساس، وهو أعلى مستوى منذ عام 2012، بسبب المخاوف من احتمال تأثير الأغلبية اليمينية المتطرفة أو اليسار المتطرف على ضبط الإنفاق الحكومي. كما أدت مخاوف المستثمرين الأجانب أيضاً من سندات منطقة اليورو الأخرى، حيث ارتفعت عائدات السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات بمقدار 2.2 نقطة أساس إلى 3.96%، في حين ضاقت الفجوة بين عائدات السندات الإيطالية والألمانية قليلاً بمقدار 0.8 نقطة أساس إلى 140 نقطة أساس.
وتؤكد هذه التقلبات مخاوف المستثمرين بشأن الاستقرار السياسي في اقتصادات منطقة اليورو الكبرى مثل فرنسا وإيطاليا، وتأثيرها على السياسات الاقتصادية بالكتلة.
ويرى محللون أن البرلمان المعلق في فرنسا هو بمثابة تذكير لكيفية تأثير الأحداث السياسية على الأسواق المالية. وتشير ردود فعل السوق إلى مخاوف من أن يؤدي الجمود السياسي إلى تأخير السياسات الاقتصادية الأساسية في فرنسا، ما قد يؤثر على منطقة اليورو الأوسع. ويقول خبراء: "عندما تهتز ثقة المستثمرين بديون اليورو، فإن ذلك يؤدي في كثير من الأحيان إلى ارتفاع عوائد السندات وهوامش أوسع كما رأينا مع التحركات الأخيرة في الديون الفرنسية والإيطالية". ويظل الاهتمام الوثيق بالتطورات السياسية وآثارها الاقتصادية أمرًا بالغ الأهمية لأي شخص يستثمر في هذه الأسواق.
وقالت وكالة بلومبيرغ في تقرير، أمس الخميس، إن الحكومة الفرنسية المقبلة ستحتاج إلى إيجاد أكثر من 15 مليار يورو (16.2 مليار دولار) في هيئة إيرادات أو مدخرات إضافية سنوياً لتلبية مطالب الاتحاد الأوروبي الخاصة بخفض العجز في الميزانية، وفقاً لأشخاص مطلعين على التقييم. ومع تعهد وزير المالية الحالي برونو لومير بترك المالية العامة على مسار ثابت عندما يترك منصبه، فإن هذه الحصيلة تقدم لمحة عن التحدي الذي يواجه الرئيس إيمانويل ماكرون في تشكيل حكومة ائتلافية تتفق على الإنفاق بالميزانية. وقالت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها لوكالة بلومبيرغ لأن المناقشات حول هذه المسألة سرية، إن المبلغ الإجمالي ضُمِّن في الاقتراح الذي أرسلته المفوضية الأوروبية إلى باريس الشهر الماضي. ويعادل التعديل حوالي 0.55% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لفرنسا على مدى سبع سنوات. وهذا المبلغ يهدد بانكماش الاقتصاد الفرنسي خلال ما تبقى من العقد الجاري. ووفق التقرير، ستشكل المناورة الافتتاحية من بروكسل الأساس لمفاوضات صعبة مع الحكومة الفرنسية المرتقبة التي لم تُشكَّل بعد. وكانت فرنسا واحدة من عدة بلدان في الاتحاد الأوروبي جرى توبيخها في يونيو/حزيران الماضي لانتهاكها القواعد المالية للكتلة، وهي الآن تخضع لنظام مراقبة يمكن أن يؤدي إلى عقوبات محتملة.
ووفق تقارير فرنسية، في أعقاب الانتخابات الفرنسية الأخيرة، انخفضت العلاوة على السندات الفرنسية لعشر سنوات لفترة وجيزة إلى أدنى مستوياتها في شهر تقريبا مقارنة بالديون الألمانية. وارتفع العائد بمقدار ثلاث نقاط أساس إلى 3.244%، منخفضًا من 3.37% الأسبوع الماضي، في حين ظلت الديون الألمانية لأجل 10 سنوات ثابتة عند 2.536%. وبلغت الفجوة بين العائدات الفرنسية والألمانية 71.15 نقطة أساس، لكنها لامست في وقت سابق من الجلسة مستوى منخفضاً بلغ 63.7 نقطة أساس، وهي الأصغر منذ 13 يونيو/حزيران. ويثير البرلمان المعلق في فرنسا خطر حدوث جمود سياسي طويل الأمد، وهو ما قد يؤثر على معنويات السوق وأسعار السندات. وأشار أحد الخبراء الاستراتيجيين في مصرف كوميرتس بنك الألماني إلى أن علاوة المخاطر على السندات الفرنسية من المرجح أن تستمر، ما يحافظ على استمرار فروق الأسعار بين السندات الألمانية والفرنسية.
ويذكر أن الأحزاب القادرة على تشكيل الحكومة المقبلة تعهدت بزيادات ضخمة في الإنفاق، وربما لن توافق على إلغاء أي منها، وفق بلومبيرغ. وحتى البيان الذي جرت صياغته على عجل لمجموعة ماكرون سيضيف حوالي 21 مليار يورو سنوياً إلى العجز، وفقا لتحليل أجراه معهد مونتين للأبحاث. وفي حديثه أمس الخميس، قال لومير إن الحكومة المقبلة يجب أن تلتزم بالقواعد المالية الجديدة للاتحاد الأوروبي لضمان مصداقيتها الدولية. وهذا يعني الالتزام "بكل صرامة" بالخطة القائمة طويلة الأجل التي تتوقع تعديلات بنسبة 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، و1.2% في عام 2025، و0.5% و0.7% في العامين التاليين. ووفق لومير: "إما أن نواصل المدخرات وإصلاح المالية العامة، أو نزيد الضرائب بشكل كبير على الشعب الفرنسي". "إنه البديل الوحيد، وإلا فإننا سنعرض أنفسنا لرد فعل قوي للغاية في السوق".