استمع إلى الملخص
- يواجه الأهالي صعوبات في تأمين لقمة العيش مع ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض فرص العمل، مما يؤثر سلبًا على صحة الأطفال ونموهم.
- تفاقم الوضع الاقتصادي في إدلب مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، حيث لا يغطي التمويل الحالي سوى 8% من الاحتياجات، مما يستدعي استجابة فورية من الجهات الإنسانية.
تحت وطأة الأزمات الاقتصادية والاضطرابات المستمرة، يعاني الأهالي في إدلب من تداعيات الفقر المتزايد، ما أجبر العديد منهم على تقليص عدد الوجبات الغذائية إلى وجبة واحدة في اليوم، في ظاهرة صعبة تعكس واقعًا مريرًا يعاني منه السكان، حيث أصبحت قدرتهم على تأمين احتياجاتهم الغذائية الأساسية تحديًا يوميًا.
يتحدث العديد من الأهالي في إدلب عن الصعوبات التي يواجهونها في تأمين لقمة العيش، إذ يضطر البعض إلى الاختيار بين الطعام أو دفع فواتير الكهرباء أو تأمين احتياجات الأطفال، لتجد بعض الأسر نفسها مضطرة إلى الاعتماد على مساعدات الإغاثة، أو الطهي باستخدام مكونات بسيطة وبأسعار معقولة. وبالإضافة إلى ذلك، ساهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية في تفاقم المشكلة، ما جعل من الصعب على الأسر تحمّل تكاليف الحياة اليومية.
محمد الحلاق، وهو عامل مياومة، عبّر عن استيائه، قائلاً: "لم نعد نستطيع شراء ما يكفي من الطعام لأبنائنا، نعيش على وجبة واحدة في اليوم، نتقاسمها جميعًا، واقع قاسٍ نواجهه، خصوصاً أن فرص العمل قليلة ولا تكفي لسد احتياجات أسرنا". وأضاف: "كلما ذهبت إلى السوق، أشعر أنني في كابوس، كنت أستطيع شراء كميات من الطعام تكفي أسرتي، لكن اليوم أحتاج إلى تقليل النفقات مع زيادة ارتفاع الأسعار بشكل شبه يومي، بحجة ارتفاع سعر تصريف الدولار أمام الليرة التركية.
حاول الحلاق العمل في عدة أعمال، لكن الأجور لا تكفي لتغطية المصاريف الأساسية، وهي لا تتجاوز الـ100 ليرة تركية في اليوم. وحين يتمكن من شراء الخبز، يشعر بأنه محظوظ، فأقل وجبة طعام في اليوم تكلفه أكثر من 200 ليرة تركية. وسجل تصريف الدولار اليوم الأربعاء 34.7 ليرة تركية، بحسب اتحاد الصرافين في إدلب.
ومع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل يومي، يجد الأهالي أنفسهم في وضع اقتصادي يزداد سوءًا. وقالت سلوى الهاشم، وهي أم لثلاثة أطفال: "أحاول دائمًا شراء أرخص المواد، لكن الأسعار ترتفع باستمرار. أحيانًا أضطر إلى إرسال الأطفال إلى المدرسة دون إفطار بسبب عدم قدرتي على شراء الخبز، حيث أخذ يؤثر سوء التغذية سلبًا بصحتهم ونموّهم".
وأشارت إلى أنها لم تعد تستطيع شراء ما يكفي من الطعام لأطفالها، وأنها أحيانًا ما تشتري كميات صغيرة وتحاول طهيها بطرق مختلفة، لكن الأمر أصبح شبه مستحيل، فهم بحاجة إلى دعم حقيقي من أجل تلبية احتياجات أطفالها. وطالبت الهاشم منظمات المجتمع المدني باستجابة عاجلة لمساعدة العائلات في ظل تزايد الاحتياجات الإنسانية، خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء، وزيادة حاجتهم إلى دعم الغذاء والمأوى.
أما النازحة المسنة فاطمة العيد، فحالها حال معظم المسنين في المنطقة، لكونها وحيدة ومريضة وتشعر بالعجز، وتعيش على مساعدات الجيران لها، وينتابها القلق من زيادة الأسعار، لأنها لا تملك ما يكفي لتعيش به، إذ إن الزيادة المستمرة في الأسعار تجعل من الصعب على الأسر ذات الدخل المحدود تأمين احتياجاتها اليومية.
وتقول: "حتى الخضار التي كانت وجبة أساسية للفقراء ارتفعت أسعارها، حيث وصل سعر كيلو البندورة الواحد إلى 37 ليرة تركية، والخيار إلى 40 ليرة تركية، والخس إلى عشر ليرات تركية، والبطاطا إلى 20 ليرة تركية.
ويشكل الوضع في إدلب نموذجًا صارخًا للأثر المدمر للأزمات الاقتصادية على حياة الأسر، فمع ارتفاع الأسعار والزيادة المستمرة في تكاليف المعيشة، يجد الأهالي أنفسهم في مواجهة خيار مؤلم بين تأمين الغذاء أو تلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى، وهو ما يستدعي استجابة فورية من الجهات الإنسانية والدولية لضمان حقوق هؤلاء الأفراد في حياة كريمة.
وقال فريق "منسقو استجابة سورية"، أمس الثلاثاء، إن حد الفقر المعترف به في شمال غرب سورية ارتفع إلى 12,346 ليرة تركية، مع وصول نسبة العائلات الواقعة تحت حد الفقر إلى 91.22%، وبلغ حد الفقر المدقع 11,128 ليرة تركية، فيما وصلت نسبة العائلات التي تعاني من الجوع 41.49%، ووصلت نسبة البطالة العامة إلى 88.84% بشكل وسطي، بما يشمل عمال المياومة، ومتوسط دخل الأسرة يغطي فقط 24% من نفقاتها، ما يخلق فجوة بنسبة 76% بين الدخل وتكاليف المعيشة.
وأشار الفريق إلى ارتفاع سعر السلة الغذائية الشهرية إلى أكثر من 107 دولارات (3,675 ليرة تركية)، وهو الرقم الأعلى منذ سنوات، نتيجة لتغيّر سعر الصرف وارتفاع أسعار المواد الغذائية. ووفق الفريق، وصل عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في المنطقة إلى أكثر من 4.2 ملايين مدني، أي ما يعادل 68% من السكان القاطنين بالمنطقة، ووصل عدد الأفراد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في المنطقة إلى 1.7 مليون نسمة، أي ما يعادل 26.9% من السكان.
وأشار إلى تخصيص مبلغ 25 مليون دولار أميركي، استجابةً للعمليات الإنسانية خلال فصل الشتاء القادم 2024 - 2025، إلا أن كمية الاحتياجات الإنسانية مقارنة بحجم التمويل المعلَن تظهر أنه لن يستطيع تغطية أكثر من 8% من الاحتياجات الحالية، فيما تحتاج المنطقة لأكثر من خمسة أضعاف المبلغ المعلَن لترميم الفجوة الكبيرة التي خلفتها الاحتياجات الأساسية.