استمع إلى الملخص
- رغم التحديات، بدأت بعض المنشآت السياحية في الترميم بعد استعادة السيطرة على مدن مثل حلب، لكن العديد منها لا يزال خارج الخدمة، مع تقديرات تكلفة إعادة الإعمار بنحو 400 مليار دولار.
- يشكك بعض الخبراء في دقة أرقام السياح، مشيرين إلى أن العديد من القادمين لأغراض دينية أو غير تقليدية، بينما لا يزال القطاع بعيدًا عن استعادة مساهمته الاقتصادية السابقة.
بدأت السياحة السورية بالانتعاش تدريجياً، بعد زيادة عدد السياح من العراق وإيران ودول أخرى، لتعود مساهمة القطاع في الاقتصاد، وإن بنسب قليلة، مقارنة مع عائداته عام 2010 البالغة نحو سبعة مليارات دولار، إثر استقبال نحو 8.5 ملايين سائح، وفق تصريحات سابقة لوزير السياحة.
ويستمر تعافي السياحة وزيادة القادمين، بعد التطبيع العربي مع نظام بشار الأسد وتعاظم السياحة الدينية من دول الجوار، حيث كشف وزير السياحة بحكومة بشار الأسد، محمد رامي مرتيني، أن عدد القادمين إلى سورية بلغ مليوناً و680 ألفاً من العرب والأجانب منذ بداية العام وحتى 25 سبتمبر/ أيلول الماضي باستثناء الوافدين اللبنانيين، بسبب الحرب على بلادهم، بزيادة قدرها 5% عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
وأضاف الوزير، خلال تصريحات نقلتها مصادر سورية اليوم، أن عدد السوريين القادمين إلى البلاد، حتى منتصف سبتمبر، بلغ مليونين ومئة ألف قادم بزيادة 25% عن العام الماضي للفترة نفسها، باستثناء السوريين العائدين إلى بلادهم من لبنان خلال الأيام الأخيرة من شهر سبتمبر الماضي.
وأكد الوزير أن عدد الزوار لأغراض السياحة الثقافية والدينية بلغ 150 ألف زائر لنهاية أغسطس/آب قضوا خلالها 1.3 مليون ليلة فندقية من (العراق وباكستان والهند والبحرين والكويت وأذربيجان وهولندا وأستراليا).
في حين بلغ عدد النزلاء العرب والأجانب 227 ألف نزيل لنهاية شهر أغسطس/ آب من عام 2024 بزيادة 2% عن الفترة نفسها من عام 2023 بعدد ليال 1.218 مليون ليلة فندقية بزيادة 3% عن الفترة نفسها من عام 2023 منهم عرب 193 ألف نزيل بعدد ليال 108 آلاف ليلة، وأجانب 34 ألف نزيل بعدد ليال 140 ألف ليلة.
وذكر الوزير أن عدد النزلاء السوريين لنهاية شهر أغسطس/آب هذا العام نحو 676 ألف نزيل سوري، بزيادة 9%عن الفترة ذاتها من العام الماضي قضوا خلالها 1.355 مليون ليلة.
وقال الوزير: تجاوزت نتائج أعمال الفنادق المملوكة للوزارة 166 ملياراً خلال 9 أشهر من هذا العام مقارنة مع حوالي 90 ملياراً في الفترة ذاتها من العام الماضي، في حين بلغ إجمالي الربح المحقق للفنادق نحو 37 مليار ليرة منذ بداية العام وحتى نهاية سبتمبر من هذا العام مقارنة مع نحو 21.5 مليار ليرة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
ويقول الدليل السياحي مصطفى الراغب إن معظم الوافدين لسورية، يدخلون بصفة سياحة دينية، من العراق وإيران ولبنان والبحرين، إضافة لبعض الجنسيات العربية والأوروبية، التي تأتي لترى نتائج الحرب أو لرخص تكاليف البرامج السياحية بسورية، لكن أعدادهم قليلة جداً، لافتاً خلال اتصال مع "العربي الجديد" أن لزوار المعارض والمؤتمرات هذا العام، الدور الأساس بزيادة عدد القادمين لسورية.
ويضيف الراغب أن سوريين كثراً يضطرون لزيارة سورية، لرؤية أهليهم أو لاستصدار جوازات سفر وأوراق رسمية، أو لتصفية ممتلكاتهم "يمنع البيع بالوكالة أو عن بعد" لذا رأينا أن أعداد القادمين هذا العام بزيادة، وهنا لا نقصد أكثر من 500 ألف سوري ولبناني عادوا هرباً من الحرب خلال الشهر الأخير.
لكن، يلفت المتخصص السوري إلى أن المدن والمواقع، لم تزل مصنفة ضمن المناطق الخطرة ولا يستهوي سورية السياح حول العالم، ولكن يبقى القدوم لأسباب عدة، خاصة من الدول العربية وبعض الخليجية التي بدأت، فعلاً، بالعودة للسياحة في سورية "يوجد مخدرات وما يبحث عنه بعض السياح، من رخص أسعار وعدم ازدحام وطبيعية جميلة".
وعانى قطاع السياحة السورية، من تدمير كبير جراء القصف وحرب نظام الأسد على الثورة وحلم السوريين، وتشير بيانات سابقة لوزارة السياحة بدمشق إلى خروج 1468 منشأة سياحية عن الخدمة، منها 365 فندقاً، و1103 مطاعم، و403 منشآت سياحية دُمرت كلياً أو جزئياً، إلى جانب خسارة أكثر من 260 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
لكن بعض تلك المنشآت أعيد ترميمها بعد عودة سيطرة نظام الأسد على مدن "حلب، حمص، درعا، حماة، ريف دمشق" بعد أضرار كبيرة لحقت بالمدن والمنشآت، وصلت عام 2015 في مدينة حلب نحو 36 ألف مبنى، تلتها الغوطة الشرقية بـ35 ألف مبنى مدمر، وجاءت حمص في المرتبة الثالثة بـ13778 بناء، ثم الرقة بـ12781 بناء، ثم حماة بـ6405 أبنية، ودير الزور بـ6405 أبنية، إضافة إلى مخيم اليرموك بـ5489 بناء. وقدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا كلفة إعادة الإعمار في سورية، وقتذاك، بنحو 400 مليار دولار، علماً أن قطاع الإسكان يستحوذ على 65% منها بحسب البيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي.
ويشكك الاقتصادي السوري عبد الناصر الجاسم بأرقام وزارة السياحة حول القادمين، مشيراً لـ"العربي الجديد" أن هناك خلطاً بين العابر والقادم لليلة وبين السائح الذي يقيم أكثر من ثلاث ليال وينفق على الطعام والإقامة، كما أن غياب الخدمات واستمرار المخاطر، عامل مهم لطرد السياح وعدم وضع سورية ضمن برامجهم السياحية.
ويضيف الجاسم أن معظم الأرقام والزيادة تتعلق بالمقاتلين من إيران والعراق، أو من يأتي للسياحة الدينية من تلك الدول، وهم لا يصنفون سياحاً، ولكن، يستدرك، لا يمكننا التنكر لبعض السياح من دول الجوار، خاصة بعد عودة العلاقات وفتح سفارات "البحرين والسعودية والإمارات" بدمشق، ولكن ليس للدرجة التي يمكن وصفها بعودة قطاع السياحة وعودة مساهمته بالناتج الإجمالي، كما كان قبل الثورة بنحو 13%، فالخسائر بلغت 300 مليار ليرة سورية لقطاع السياحة، ولم تزل أكثر من 500 منشأة خارج الخدمة حتى اليوم، فضلاً عن تدمير مواقع لا يمكن تعويضها، كما حدث للآثار بإدلب أو تدمر.
يذكر أن سورية استقطبت قبل الثورة، نحو 8.5 ملايين سائح عام 2010 بحسب تصريح سابق لوزير السياحة وقتذاك، سعد الله آغا القلعة، بلغ العرب منهم 4.6 ملايين مقابل 2.3 مليون سائح أجنبي ونحو 1.5 مليون سوري مغترب. ولعل اللافت بسياح ما قبل الثورة إلى سورية، نسبة الأتراك الكبيرة، إذ وبحسب تصريح الوزير نفسه، فقد تضاعف عدد السياح الأتراك في عام 2010 ليصل إلى 865 ألف زائر مقابل 381 ألف زائر في عام 2009.