يُجري وفد عراقي رسمي زيارة إلى العاصمة التركية أنقرة، اليوم الاثنين، لعقد مباحثات بشأن تنظيم العلاقات التجارية بين البلدين، إضافة إلى فتح حسابات مراسلة للمصارف العراقية، بجولة تفاوض تعتبر هي الثانية بين الطرفين بهذا الخصوص.
وأجرى محافظ البنك المركزي العراقي علي محسن العلاق، في منتصف الشهر الجاري، مفاوضات مع السفير التركي ورئيس مجلس الأعمال التركي ومديري فروع المصارف التركية في العراق في العاصمة بغداد، وتم الاتفاق خلالها على فتح حسابات مصرفية بهدف تعزيز التحويل الخارجي بعملة اليورو.
ورغم مرور عدة أشهر على إقرار الحكومة حزمة من القرارات المالية لمواجهة تراجع الدينار، أبرزها تحديد قيمة العملة الوطنية عند 1310 دنانير للدولار الواحد، إلا أن الفارق ما زال واسعاً بين السعر الرسمي والسوق الحرة.
وبحسب مصدر حكومي عراقي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "مفاوضات الوفد العراقي في تركيا ستتركز حول التباحث مع المصارف التركية لغرض فتح حسابات مراسلة للمصارف العراقية وبالعملات الأجنبية المختلفة، ليتم استخدامها في التسويات الحسابية ما بين البلدين وحل المعوقات كافة التي تواجه الطرفين في تنفيذ هذه العملية" .
وأكد أن الوفد "سيناقش أيضاً تسهيل استخدام البطاقات الائتمانية للمقيمين والسياح العراقيين في السوق المصرفية التركية". وأضاف المصدر أن "الوفد العراقي سيناقش تنظيم التبادل التجاري بين البلدين من خلال قيام السلطات الجمركية التركية والعراقية بمطابقة السلع الموردة للعراق مع وثائق التحويل المالي من خلال نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية وبما يحمي مصالح واستقرار التجارة بين البلدين".
وأشار إلى أن "هناك إمكانية توقيع عدد من الاتفاقيات الخاصة بالترتيبات المصرفية بين البلدين خلال زيارة الوفد العراقي إلى أنقرة".
من جهته، قال المختص في الشأن الاقتصادي أحمد التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق يعمل على تقليل الطلب على الدولار في السوق الموازي، الذي تجري من خلاله الحوالات السوداء إلى تركيا لتسديد أموال بعض الاستيرادات لصغار التجار، الذين ما زالوا يرفضون الدخول لمنصة في البنك المركزي العراقي".
وبيّن التميمي أن "العراق يريد تنويع سلة العملات الأجنبية في التعاملات التجارية الخارجية، ولهذا هو يريد حصر التجارة مع تركيا عبر اليورو، وهذا الأمر سوف يقلل بنسبة كبيرة من الطلب على الدولار في السوق الموازي".
وأضاف أن ذلك "سيدفع أيضاً نحو خفض سعر الدولار في هذا السوق ويكون قريباً جداً من السعر الرسمي للبنك المركزي، وبقاء الحوالات السوداء إلى تركيا وإيران والإمارات وغيرها سوف يبقى الدولار مرتفعا بفارق كبير في السوق الموازي".
وأضاف المختص في الشأن الاقتصادي أن "البنك المركزي العراقي بدأ بالتحرك الصحيح لحل أزمة الدولار المتفاقمة منذ أشهر طويلة، وخلال الأشهر الماضية، اتخذ الكثير من القرارات والإجراءات، لكن بعضها كان عامل تعميق للأزمة وليس حلها"
وأكد أن "البنك المركزي يعمل الآن بالشكل الصحيح من خلال تنويع سلة العملات الأجنبية وهذا أمر مهم، فلا يجب الاعتماد فقط على الدولار في التعاملات التجارية الخارجية".
ودخل البنك المركزي العراقي أخيراً، في مفاوضات واسعة مع ممثلين عن مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) عقدت في أبوظبي واستمرت عدة أيام.
وركزت المباحثات على إجراءات منع انتقال الدولار إلى الدول المفروضة عليها عقوبات من قبل الولايات المتحدة، وأبرزها إيران وسورية وحزب الله اللبناني، حيث تؤكد واشنطن أن تلك الأطراف تحصل على مبالغ ضخمة من الدولار من خلال تهريبها من العراق بطرق وأساليب مختلفة.
وخلال الأشهر الماضية، سحب عدد كبير من المدخرين أموالهم، وفق محللين ماليين، بسبب التغيير الحاصل في سعر الصرف، الذي أثر كثيراً في أنماط الادخار والاستثمار في البلد، وهو ما يعمّق أزمة عدم ثقة المواطنين بالنظام المصرفي بسبب ضعف الرقابة وانتشار الفساد المالي والإداري وتفشي الرشوة في أغلب المؤسسات المالية، فضلاً عن عدم القدرة على سحب الأموال بيسر، في ظل تراجع البنية التحتية للأنظمة المصرفية.