وقف تدفق الغاز الروسي لأوروبا: توقعات بقفزة في أسعار الوقود الأزرق مع زيادة الطلب

02 يناير 2025
حاوية قطرية تحمل شحنة غاز مسال تعبر قناة السويس (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- من المتوقع أن ترتفع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا عام 2025 بسبب توقف تدفق الغاز الروسي عبر أوكرانيا وزيادة الطلب في الطقس البارد، مع تحديات في تأمين الإمدادات مقارنة بآسيا.
- في آسيا، ستستمر إمدادات الغاز المحدودة في التأثير على السوق حتى 2025، مع زيادة واردات الصين واليابان، وتوقعات أسعار تتراوح بين 8 و13 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
- في الولايات المتحدة، يُتوقع زيادة طفيفة في إنتاج الغاز الطبيعي عام 2025، مع انخفاض استهلاك الغاز، وتقديرات بأن يكون متوسط السعر أقل من 3.00 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

ترجح توقعات تجار طاقة وسماسرة زيادة أسعار الغاز الطبيعي في العام الجديد 2025، وذلك على خلفية عدة تطورات من أبرزها توقف تدفق الغاز الروسي لأوروبا عبر أوكرانيا بدءاً من أمس، والطقس القارس، وزيادة الطلب على الوقود الأزرق. وقبل يوم واحد من نهاية عام 2024، ارتفع سعر الغاز في أوروبا إلى الحد الأقصى خلال العام ليبلغ 530 دولاراً لكل ألف متر مكعب. وخلال الأسابيع القليلة الماضية، ارتفعت الأسعار بنسبة 19% أو 83 دولاراً. وفي الأسواق الألمانية والنمساوية، جرى تداول الغاز بأسعار أعلى عند 537 دولاراً.

وتوقفت صادرات الغاز الطبيعي الروسية عبر خطوط أنابيب تمر من أوكرانيا إلى أوروبا في الساعات الأولى من صباح الأربعاء بعد انقضاء أجل اتفاقية العبور وفشل موسكو وكييف في التوصل إلى اتفاق لمواصلة التدفقات. ويُنهي إغلاق أقدم طريق لعبور الغاز الروسي إلى أوروبا عقداً شهد توتراً للعلاقات بسبب حرب أوكرانيا، وقبلها استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم في عام 2014.

وقال وزير الطاقة الأوكراني جيرمان جالوشينكو في بيان: "أوقفنا عبور الغاز الروسي. هذا حدث تاريخي. روسيا تخسر أسواقها، وستتكبد خسائر مالية. اتخذت أوروبا بالفعل قرار التخلي عن الغاز الروسي". وذكرت الوزارة أن مرور الغاز الروسي عبر أوكرانيا "توقف لمصلحة الأمن القومي".

ووفق مصادر، ستخسر أوكرانيا نحو 800 مليون دولار سنوياً قيمة رسوم تدفعها روسيا، وسخسر "غازبروم"، عملاق الطاقة الروسي، نحو خمسة مليارات دولار قيمة مبيعات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا. وكان من المتوقع وقف تدفقات الغاز في ظل الحرب الأوكرانية التي بدأت في فبراير/ شباط 2022. وأصرت أوكرانيا على أنها لن تمدد الاتفاقية وسط الصراع العسكري. وأُغلقت معظم طرق نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، ومن بينها خط يامال-يوروب عبر روسيا البيضاء وخط نورد ستريم عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا، الذي تعرّض للتفجير عام 2022.

ويتوقع خبراء أن تقود أوروبا ارتفاعات أسعار الغاز في العام الجاري 2025 بسبب عوامل عديدة، أهمها قيود العرض والتطورات الجيوسياسية وتقلبات الطلب، خصوصاً بعد توقف عبور غاز الأنابيب الروسي إلى أوروبا. وتوقع مصرف غولدمان ساكس الاستثماري، في تحليل حديث، أن يبلغ متوسط أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي حوالى 33 يورو/ ميغاوات في الساعة في عام 2025.

وتستند التوقعات إلى حصول سوق أكثر تشددًا بسبب انخفاض الإمدادات الروسية وزيادة المنافسة على الغاز الطبيعي المسال من قبل المشترين في آسيا. ويرى محللون أن أسعار الوقود الأزرق قد ترتفع بمستويات أكبر في حال استمرار موجة الطقس البارد. في هذا الشأن يتوقع مصرف "جي بي مورغان" الأميركي، أن أسعار الغاز الأوروبية قد ترتفع كثيراً في أوائل عام 2025 بسبب الطقس البارد المتوقع ومستويات التخزين الأقل من المتوقع. ويرى أن الأسعار يمكن أن تصل إلى 40 يورو/ ميغاوات في الساعة خلال فترات ذروة الطلب.

وعادة ما تضغط مشتريات الغاز بالسوق الفوري في آسيا على السوق الأوروبي. وتمتاز دول آسيا على السوق الأخير بأنها وقعت صفقات غاز مسال طويلة الأجل مع مشترين كبار مثل قطر وشركات الطاقة الأميركية. وهذا العامل يؤمن لها حصة كبيرة ثابتة من إمدادات الغاز الطبيعي في فترة الشتاء مقارنة بأوروبا التي لا تتوافر لها مثل هذه المشتريات، وتعتمد على السوق الفوري.

ووفق بيانات بورصة الغاز الهولندية، في 30 ديسمبر 2024، بلغت العقود الآجلة للغاز الطبيعي الأوروبي 47.87 يورو لكل ميغاوات في الساعة للعقود التي تُسلَّم في فبراير 2025. وتعتبر أسعار الغاز في البورصة الهولندية معياراً لأسعار الغاز الطبيعي في جميع أنحاء أوروبا. وهذا السعر المرتفع يدل على القلق الأوروبي من مستقبل إمدادات الغاز الطبيعي في فترة الشتاء.

على الصعيد الآسيوي، من المتوقع أن يتأثر سعر الغاز الطبيعي في آسيا بعدة عوامل، أهمها العرض والطلب، حيث يتوقع محللون أن تستمر إمدادات الغاز الطبيعي المحدودة الحالية لتؤثر في الإمدادات حتى عام 2025، وذلك على الرغم توقعات أن تنمو إمدادات الغاز الطبيعي العالمية بأكثر من 2.3% في عام 2025. ومن المتوقع أن يستمر نمو واردات الغاز الطبيعي المسال في شمال شرق آسيا خلال العام الجاري 2025، حيث من المتوقع أن تزيد الصين وارداتها من الغاز الطبيعي المسال، بينما من المتوقع أيضاً أن تزيد واردات اليابان.

وتعمل الصين على التخلص تدريجياً من الفحم الحجري وإحلال الغاز الطبيعي مكانه في التدفئة والصناعة لتقليل التلوث. وتشير مصارف خاصة بأسعار الغاز الطبيعي في آسيا إلى أن تراوح أسعار الغاز في العام الجاري بين 8 إلى 11 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مع تسليط العديد من الخبراء الضوء على عوامل مؤثرة مختلفة مثل زيادة العرض من مصدري الغاز الطبيعي المسال وانتعاش الطلب من الأسواق الرئيسية مثل الصين والهند.

في هذا الصدد، يتوقع مصرف غولدمان ساكس في تقرير صدر في أكتوبر الماضي أن تستقر أسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا عند سعر يراوح بين 10 إلى 12 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (MMBtu) في العام الجاري. وأشار المصرف إلى أن زيادة الإنتاج من الولايات المتحدة وقطر ستساعد في تلبية الطلب المتزايد من الصين والهند، التي من المتوقع أن تقود الإستهلاك في آسيا.

ويذكر أن كلاً من الصين واليابان وقعتا اتفاقات شراء طويلة الأجل من الغاز القطري. من جانبه، قدم مصرف "يو بي أس" السويسري توقعات حذرة، حيث قدر لمتوسط أسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا أن يراوح بين 9 دولارات إلى 10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2025. وأكد المصرف أهمية الطقس والانتعاش الاقتصادي كعوامل حاسمة تؤثر بمستويات الطلب على الغاز الطبيعي في آسيا.

وأشار تحليل لمصرف "جي بي مورغان" إلى أن الأسعار قد تراوح بين 10 دولارات و13 دولاراً طوال عام 2025 بسبب قيود العرض المتوقعة من روسيا والتوترات الجيوسياسية المستمرة التي تؤثر في التدفقات التجارية. ويتوقع خبراء أن تقود آسيا الطلب على الغاز الطبيعي المسال خلال العام الجاري، خصوصاً إذا كانت درجات برودة الشتاء أكبر من العام الماضي.

على الصعيد الأميركي، من المتوقع أن يبلغ متوسط إنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة حوالى 104 مليارات قدم مكعب يومياً في عام 2025، ما يمثل زيادة متواضعة تبلغ حوالى 1% مقارنة بالعام السابق. ويعزى هذا النمو في المقام الأول إلى زيادة الإنتاج من مناطق مثل حوض بيرميان وإيغل فورد، حيث يرتبط إنتاج الغاز الطبيعي غالباً بأنشطة إنتاج النفط في هذه الحقول. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يساهم ارتفاع الأسعار وارتفاع الطلب من مشاريع تصدير الغاز الطبيعي المسال الجديدة في هذه الزيادة.

ومن المتوقع أن يصل استهلاك الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة إلى حوالى 90 مليار قدم مكعب يوميًا في عام 2025، وهو ما يعكس انخفاضاً طفيفاً عن مستويات الاستهلاك في العام السابق البالغة حوالى 91 مليار قدم مكعب يومياً. ويمكن أن يُعزى هذا الانخفاض إلى عوامل مختلفة، بما في ذلك التحولات في مصادر توليد الطاقة، والظروف الاقتصادية التي تؤثر بالطلب على الطاقة.

وتشير توقعات شركة كيبلر الأميركية إلى أن يكون متوسط السعر للغاز الطبيعي الأميركي لعام 2025 أقل بقليل من 3.00 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (MMBtu). ويستند هذا التوقع إلى أن تكون الأحوال الجوية أكثر اعتدالاً من المعتاد بأميركا في الربع الأول من عام 2025، ما سيؤدي إلى سحب أقل من مخزونات الغاز الطبيعي مقارنة بالمستويات المعتادة في مثل هذا الوقت من العام. وعلى الصعيد العام، يتوقع محللون أن تشهد أسعار الغاز الطبيعي في عام 2025 ارتفاعاً تدريجياً مقارنة بالسنوات السابقة.

المساهمون