وول ستريت تتمنى استمرار قوة الدولار في عهد ترامب

17 ديسمبر 2024
طباعة الدولار في واشنطن، 24 مارس 2015 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- ارتفع الدولار الأمريكي بنسبة 6.2% منذ أكتوبر، مدفوعًا بتوقعات فوز ترامب وتنفيذ سياساته الاقتصادية، مما يعكس أفضل أداء ربع سنوي منذ 2022، مع توقعات بوصوله إلى التكافؤ مع اليورو بحلول 2025.

- رغم رغبة ترامب في إضعاف الدولار لدعم الصناعة، يرى المحللون أن سياساته ستؤدي لارتفاع التضخم، مما يدفع البنك الفيدرالي للحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة، ويجذب رؤوس الأموال الأجنبية.

- يواجه ترامب تحديات في تخفيض قيمة الدولار بسبب الظروف الاقتصادية الحالية، مما يعقد تنفيذ حلول مثل تقليص العجز أو الضغط على الشركاء التجاريين.

تراهن وول ستريت على أن الدولار سيواصل البناء على مكاسبه الأخيرة، وربما يصل إلى التكافؤ مع اليورو، في تحدٍ لرغبة الرئيس المنتخب دونالد ترامب المعلنة في إضعاف عملة بلاده.

وارتفع الدولار بنسبة 6.2% منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول، محققًا أفضل ربع سنة له منذ المراحل الأولى لحملة رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي في عام 2022، حيث بدأت الأسواق تتوقع فوز المرشح الجمهوري في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني وتنفيذه لخططه الخاصة بفرض الرسوم الجمركية وخفض الضرائب.

وتوقع أكثر من نصف البنوك الكبرى التي شملها استطلاع "فاينانشال تايمز"، بما في ذلك بنوك غولدمان ساكس ومورغان ستانلي ويو بي إس، ارتفاع الدولار أكثر في العام المقبل. وتوقع دويتشه بنك وصول الدولار إلى التكافؤ مع اليورو بحلول عام 2025، بعدما ارتفع بالفعل من 1.11 دولار لكل يورو في بداية أكتوبر/ إلى حوالي 1.05 دولار حاليًا.

ونتيجة لذلك، يستبعد العديد من مديري الصناديق نجاح ترامب في إضعاف العملة الأميركية لمساعدة الصناعة المحلية، بغض النظر عن تصريحاته المعلنة. وقالت سونال ديساي، كبيرة مسؤولي الاستثمار في شركة فرانكلين تمبلتون للدخل الثابت، في مذكرة: "فكرة العملة الأضعف تحت إدارة ترامب تبدو مجرد خيال بعيد المنال". وأضافت: "تشعر وكأن هناك مجموعة من العوامل المتناقضة، فمعظم السياسات التي يتحدث عنها ترامب حاليًا، والتي تبدو جوهرية، ستكون إيجابية للدولار – وليس العكس".

ولطالما اعتبر ترامب أن قوة الدولار تمثل عبئًا غير مبرر على الاقتصاد الأميركي، مما أثار تكهنات حول ما إذا كانت إدارته المقبلة ستتخذ خطوات لدفعه نحو الانخفاض. وقال ترامب في مقابلة مع بلومبيرغ بيزنس ويك في يوليو/تموز الماضي: "لدينا مشكلة كبيرة مع العملة"، مشيرًا إلى قوة الدولار مقابل الين الياباني واليوان الصيني. وأضاف: "هذا يشكل عبئًا هائلًا على شركاتنا التي تحاول بيع الجرارات وغيرها من المنتجات لدول خارج الولايات المتحدة".

وكانت رغبة ترامب في عملة أضعف واضحة خلال فترته الأولى رئيساً، عندما انتقد ما اعتبره ممارسات غير عادلة من دول أخرى في ما يتعلق بالعملات. بل إن إدارته صنفت الصين رسميًا "متلاعبة بالعملة" وسط الحرب التجارية بين البلدين.

ومع ذلك، فإن أجندته المؤيدة للنمو وخططه لخفض الضرائب، إلى جانب خططه لفرض رسوم جمركية عالية على الواردات من دول مثل المكسيك وكندا والصين، يُتوقع على نطاق واسع أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم المحلي بعد توليه المنصب الشهر المقبل. وهذا قد يدفع البنك الفيدرالي للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، ما سيجذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية إلى الأصول المقومة بالدولار.

وقال أجاي راجادهاكشا، رئيس الأبحاث العالمية في بنك باركليز لبلومبيرغ: "سياسات ترامب إيجابية بشكل حاسم للدولار". ويتوقع بنك باركليز أن يقوى الدولار قليلًا إلى 1.04 دولار مقابل اليورو بحلول نهاية العام المقبل. ويقول المحللون والمستثمرون إن هذا الوضع يخلق معضلة للإدارة المقبلة. فآليات أي حلول محتملة، مثل تقليص العجز في ميزانية الحكومة أو وضع ما يسمى بـ"اتفاق مارالاغو" للضغط على الشركاء التجاريين لتخفيض قيمة الدولار، ستكون بالغة الصعوبة عند التنفيذ، وقد تعرض مكانة الدولار عملة احتياطية عالمية للخطر.

وقال إريك وينوغارد، كبير الاقتصاديين في "ألاينس برنشتاين" في مذكرة: "الرئيس المقبل يدرك أهمية مكانة الدولار المهيمنة، كما أنه ينزعج عندما تتحدث دول أخرى عن استخدام عملات غير الدولار في المعاملات". وأضاف: "أوضح تعبير عن سياسات الإدارة المقبلة للمستثمرين هو التمسك بالدولار وتوقع ارتفاع قيمته".

ورفض المستثمرون والاستراتيجيون بشكل عام فكرة وجود إطار مشابه لـ"اتفاق بلازا" الشهير، الذي توصلت إليه إدارة ريغان في عام 1985، حيث اتفقت الدول على تدخلات متعددة الأطراف في سوق الصرف الأجنبي لتخفيض قيمة الدولار مقارنة بالعملات الأخرى. وقال مارك سوبل، المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية، إن مؤيدي "اتفاق مارالاغو" ربما "بالغوا بشدة في تقدير النفوذ الأميركي على الصين"، حيث لم يتم ضمان موافقة بكين.

وقال براد سيتسر، زميل في مجلس العلاقات الخارجية ومسؤول سابق في وزارة الخزانة في عهد الرئيس أوباما لبلومبيرغ: "العنصر السري في نجاح اتفاق بلازا كان أن أسعار الفائدة الأميركية كانت بالفعل تتراجع". وأضاف: "الظروف الاقتصادية الحالية، مع الفروق في أسعار الفائدة التي تفضل الدولار مقابل اليورو واليوان، لا تهيئ الأجواء لضعف الدولار".

من جهتها، قالت ديساي من شركة فرانكلين تمبلتون للاستثمار إن ترامب قد يحاول الضغط على الدول التي تتحكم في سعر صرف عملتها، لكنه لن يكون قادرًا على التحكم في الدولار. ونقلت عنها بلومبيرغ قولها: "ليس من الواضح لي أنه يمكن له الصراخ بأن اليورو ضعيف جدًا مقابل الدولار". وتابعت: "الأمر ليس كذلك؛ لكن الأهم أن البنك المركزي الأوروبي لا يتحكم فعليًا به".

وأظهر ارتفاع الدولار مؤشرات على التباطؤ في الأسابيع الأخيرة، حيث يتم تداول مؤشر الدولار حاليًا عند 106.8، وهو أدنى من المستوى الذي تجاوز 108 أواخر الشهر الماضي. ولكن رغم ذلك، يشير المحللون إلى أن معظم تأثير رئاسة ترامب قد تم تسعيره بالفعل في الأسواق، ومع ذلك، فإن قلة منهم ترى أن هذا مؤشر على أن ارتفاع الدولار قد انتهى، أو أن تصريحات ترامب يمكن أن تدفع العملة نحو الانخفاض.

المساهمون