وُصفت ياسمين فهيمي، عندما انتخبت، كأول امرأة لتولي أمر اتحاد النقابات العمالية في ألمانيا، قبل أكثر من عام، بأنها صريحة. صراحة، تجلت عبر مواقف في ظل صعوبات اقتصادية تواجهها ألمانيا وضغط التضخم.
تُعرف هذه القيادية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، التي تولت في السابق منصب سكرتيرته العامة، جيدا المستشار الألماني أولاف شولتز (الآتي من حزبها)، غير أنها لم تستبعد منذ البداية أن تثار خلافات معه.
استحضرت عند تسلمها قيادة الاتحاد في مايو/أيار من العام الماضي، الصعوبات الاقتصادية التي تعيشها ألمانيا والتضخم. وأكدت أنها ستضع في صلب انشغالاتها على رأس ذلك الاتحاد مسألة الأجور وهشاشتها ومستوى معاشات التقاعد.
انتخبت ياسمين فهيمي (والدها إيراني)، على رأس الاتحاد الألماني للنقابات العمالية في ألمانيا، إذ نالت أكثر من 93 في المائة من أصوات مندوبي الاتحاد، بعدما كانت تولت لسنوات منصب أمينة سر اتحاد نقابات الصناعات التعدينية والكيميائية والطاقة.
هي أول امرأة تنتخب على رأس اتحاد النقابات العمالية في ألمانيا بعد أكثر من ثلاثة عقود على تأسيسه، وهو اتحاد لا يضم سوى ثلث الأعضاء من النساء، حيث سيكون عليها رفع تحدي الدفاع عن مستقبل حوالي ستة ملايين من المنتسبين.
انتخبت فهيمي الحاصلة على دبلوم في الكيمياء، في 2017 نائبة في البرلمان الاتحادي الألماني، وقبل ذلك شغلت النقابية البالغة من العمر 55 عاما لأم ألمانية وأب إيراني، منصب وكيلة وزارة العمل الشؤون الاجتماعية. ويدافع اتحاد النقابات العمالية في ألمانيا عن فرض ضرائب على الأرباح المرتفعة للشركات وخفض أسعار الطاقة. تلك دعوة تتحمل عبء الدفاع عنها في المقام الأول رئيسة الاتحاد الحالية.
في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية قالت فهيمي يوم الجمعة قبل الماضي: "لدينا أيضا تضخم مدفوع بالأرباح.. يجب أن تبدأ السياسة هنا بفرض رسوم على الأرباح الزائدة وفي نفس الوقت تحديد سقف لأسعار الطاقة التي تجعل المنتجات باهظة الثمن بلا داعٍ"، موضحة أن معدل التضخم المرتفع يرجع أيضا إلى أسعار الطاقة المرتفعة للغاية. وتؤكد أن ثمة شركات كثيفة الاستهلاك للطاقة وشركات متوسطة الحجم تواجه ارتفاع أسعار الطاقة، بينما تحقق شركات أخرى في بعض القطاعات أرباحا كبيرة، تساهم في تأجيج التضخم.
تعتقد فهيمي أنه لن يكون هناك مجال لإنتاج بطاريات ورقائق وخلايا كهروضوئية وتوربينات رياح في أيام على المدى الطويل دون توفر المواد الأولية الضرورية، معتبرة أن صناعات تستهلك أكثر الطاقة تعاني الأسواق من أسعارها غير التنافسية. وفي الثالث من يوليو/ تموز الماضي، دعت ياسمين فهيمي التي تعتبر من السياسيين البارزين في الحزب الاشتراكي الذي يقود الائتلاف الحاكم بألمانيا، إلى وضع حد أقصى لأسعار الطاقة للأسر بالمنازل.
والأحد قبل الماضي، عبرت عن انتقادها لخطط وزيرة شؤون الأسرة الألمانية ليزا باوس، الرامية إلى إلغاء إعانة الوالدين للأسر ذات الدخول المرتفعة، واصفة ذلك بالهراء الذي يفضي إليه التقشف الذي انخرطت فيه الحكومة الاتحادية.
انتخبت فهيمي الحاصلة على دبلوم في الكيمياء، في 2017 نائبة في البرلمان الاتحادي الألماني
فقد كشفت الحكومة قبل ثلاثة أسابيع عن مشروع موازنة تقشفية للعام المقبل، بل إن وزير المالية، كريستيان ليندنر، صرح بعد الإعلان عن ذلك التوجه قائلا: "لا تستطيع الدولة أن تحلّ كل شيء بالمال".
تعبّر فهيمي عن تخوفها من تؤدي سياسة الحكومة الاتحادية في ظل حالة عدم اليقين التي تمس التكاتف الاجتماعي إلى إتاحة المجال للشعبوية. وكان الاتحاد حصل على أغلب مطالبه في عهد سلفها راينر هوفمان، التي تركزت، بشكل خاص، على استقرار مستويات التقاعد ورفع الحد الأدنى للأجور وإصلاح التدبير المشترك وتعزيز الاستثمارات.
غير أن الجائحة الصحية ثم الحرب الروسية في أوكرانيا وتداعياتها على أوروبا أفضت إلى بروز تحديات جديدة في سياق متسم بتآكل القدرة الشرائية بفعل التضخم، ورقمنة الاقتصاد والانتقال الطاقي والتحديات المناخية، وهو ما رأى فيه خبراء اقتصاد سببا لطرح مسألة تقاسم القيمة.
سيكون على فهيمي الدفاع عن العمال الذين تمثلهم في سياق توافقي، غير أن العديدين ينتظرون أن تساهم ولايتها في توسيع حضور النساء في اتحاد النقابات العمالية الألمانية.