"يو إس ستيل" ليست الأولى... أهم عروض الشراء التي رفضتها الولايات المتحدة

05 يناير 2025
المقر الرئيسي لشركة يو إس ستيل/ ولاية بنسلفانيا/ 20مارس2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أوقف الرئيس بايدن صفقة استحواذ نيبون ستيل على يو إس ستيل بقيمة 15 مليار دولار، مبرراً القرار بمخاوف الأمن القومي وحماية الملكية الفكرية.
- يعكس القرار توجهاً نحو التدقيق الصارم في الاستثمارات الأجنبية بالصناعات الحساسة، مستنداً إلى سوابق تاريخية مثل منع ترامب استحواذ برودكوم على كوالكوم.
- تتنوع دوافع هذه القرارات بين مخاوف الأمن القومي والحفاظ على السيادة الاقتصادية، مما يشير إلى تفضيل السياسات الأميركية حماية المصالح الوطنية على حساب العولمة.

أوقف الرئيس الأميركي جو بايدن الصفقة المقترحة، التي اقتربت قيمتها من 15 مليار دولار، والتي كانت ستشهد استحواذ شركة نيبون ستيل اليابانية على شركة يو إس ستيل الأميركية، التي تتخذ من بيتسبرغ مقراً لها، مؤكداً بذلك وعده السابق خلال حملته الانتخابية الرئاسية بمنع الاستحواذ على "أيقونة صناعة الصلب في أميركا".

وأثارت الصفقة المقترحة عاصفة سياسية في سنة انتخابية عبر المناطق الصناعية الرئيسية في الولايات المتحدة، وكان منعها سبباً في تهديد شركة نيبون ستيل باللجوء إلى القضاء. وقال بايدن في بيان صدر يوم الجمعة: "نحتاج إلى شركات أميركية كبرى تمثل الحصة الرئيسية من القدرة الإنتاجية لصناعة الصلب في الولايات المتحدة، لتستمر في قيادة المعركة لصالح المصالح الوطنية الأميركية".

من جانبها، انتقدت كل من يو إس ستيل ونيبون ستيل القرار، وقالتا في بيان مشترك إن "منع بايدن لصفقة الاستحواذ على يو إس ستيل يعكس انتهاكاً واضحاً للإجراءات القانونية والحقوق القانونية"، ووصفوا العملية بأنها "تم التلاعب بها لدفع أجندة بايدن السياسية". ورغم أن الشركتين أشارتا إلى أن الهدف من الصفقة هو تعزيز الابتكار والاستدامة في صناعة الصلب، جاء إيقافها، وفقاً لما أكدته إدارة بايدن، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، وهو ما تكرر في العديد من الصفقات المشابهة، مع مستثمرين سعوا لشراء شركات أميركية، خلال السنوات الأخيرة.

واستندت إدارة بايدن في قرارها إلى مخاوف تتعلق بحماية الملكية الفكرية، وضعف سلاسل التوريد، والاعتماد الاقتصادي على جهات خارجية. وجاءت الخطوة أيضاً في إطار جهود أوسع لدعم القطاعات الحيوية مثل صناعة الصلب، التي تلعب دوراً محورياً في الدفاع والبنية التحتية وإنتاج الطاقة، الأمر الذي عكس اتجاهاً متزايداً نحو التدقيق الصارم في الاستثمارات الأجنبية في الصناعات الحساسة، وهو موقف له جذور تاريخية.

يو إس ستيل ليست الأولى ولن تكون الأخيرة

تمتلك الولايات المتحدة تاريخاً طويلاً من التدخلات الرئاسية لمنع أو تعديل الاستثمارات الأجنبية في الشركات الأميركية، على غرار ما حدث في صفقة يو إس ستيل. و"العربي الجديد" تستعرض هنا بعض أبرز الحالات التي تسلط الضوء على تطور الدوافع وراء هذه القرارات:

1. رفض استحواذ شركة السكك الحديدية الكندية على شركة كانساس سيتي الأميركية (2021)

حاولت شركة السكك الحديدية الكندية Canadian National Railway (CN Rail) الاستحواذ على شركة كانساس سيتي ساذرن Kansas City Southern الأميركية، إلا أن لجنة تنظيم النقل السطحي الأميركية (STB) عارضت الصفقة بسبب مخاوف تتعلق بالاحتكار والتأثير على البنية التحتية للنقل داخل الولايات المتحدة.

فشلت الشركة الكندية في الحصول على الموافقة، إلا أن الصفقة تمت لاحقاً مع شركة كندية منافسة، Canadian Pacific Railway (CP Rail).

2. ترامب يوقف استحواذ شركة برودكوم Broadcom على شركة كوالكوم Qualcomm عام (2018)

في عام 2018، أصدر الرئيس دونالد ترامب أمراً تنفيذياً لمنع شركة برودكوم، وهي شركة مقرها سنغافورة، من الاستحواذ على شركة كوالكوم، وهي إحدى الشركات الأميركية الرائدة في صناعة الرقائق الإلكترونية. منعت هذه الصفقة البالغة قيمتها 117 مليار دولار بسبب مخاوف من أن تؤدي إلى تقويض ريادة كوالكوم في تطوير تقنية الجيل الخامس (5G)، مما يجعل الولايات المتحدة عرضة لمنافسين صينيين مثل هواوي.

وأكد القرار  حرص الإدارة الأميركية وقتها على الحفاظ على الهيمنة الأميركية في التقنيات الناشئة، كما أبرز دور لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS) في مراجعة الصفقات الأجنبية.

3. أوباما يوقف مشروع Ralls Corporation لطاقة الرياح (2012)

أمر الرئيس باراك أوباما شركة Ralls Corporation، وهي شركة مملوكة للصين، ببيع مشاريعها لطاقة الرياح الواقعة بالقرب من قاعدة بحرية أميركية في ولاية أوريغون. واتُخذ هذا القرار بناءً على مخاوف من أن موقع المشاريع قد يمكن الشركة من مراقبة العمليات العسكرية الأميركية.

كانت هذه المرة الأولى منذ 22 عاماً التي يستخدم فيها رئيس أميركي توصيات لجنة الاستثمار الأجنبي لمنع صفقة. وقد شكل هذا القرار سابقة لمعالجة المخاطر المحتملة المتعلقة بملكية الأصول الاستراتيجية.

4. صفقة Nexen-CNOOC عام (2012)

رغم أن القضية تتعلق بشكل رئيسي بشركة صينية، إلا أن أحد الجوانب المهمة لهذه الصفقة كان شراء شركة نكسن Nexen الكندية من قبل شركة CNOOC الصينية. وتضمنت الصفقة أصولاً مملوكة لشركة نكسن في خليج المكسيك، وهو ما أثار مخاوف الولايات المتحدة بشأن الملكية الأجنبية للبنية التحتية الحيوية للطاقة. 

طلبت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS) من CNOOC التخلي عن هذه الأصول لضمان الموافقة على الصفقة. وكشفت هذه الصفقة عن حساسية الولايات المتحدة تجاه الأصول الحيوية للطاقة، حتى لو كانت تمتلكها شركة كندية.

5. بوش يمنع استحواذ شركة Dubai Ports World على موانئ أمريكية (2006)

واجهت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش ضغوطاً كبيرة من الحزبين لوقف استحواذ شركة موانئ دبي العالمية Dubai Ports World، المملوكة لحكومة الإمارات، على ستة موانئ رئيسية في الولايات المتحدة. وأعرب المشرعون عن مخاوفهم من أن الصفقة تشكل تهديداً للأمن القومي، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر.

وعلى الرغم من أن الشركة الإماراتية تخلّت في النهاية عن استثماراتها في عمليات الموانئ الأميركية، إلا أن الحادثة أبرزت المقاومة السياسية والشعبية للسيطرة الأجنبية على البنية التحتية الحيوية.

6. ريغان يوقف استحواذ فوجيتسو Fujitsu على Fairchild Semiconductor عام (1987)

تدخلت إدارة الرئيس رونالد ريغان لمنع شركة فوجيتسو اليابانية من الاستحواذ على شركة Fairchild Semiconductor الأميركية، مشيرة إلى مخاوف بشأن الاعتماد التكنولوجي على اليابان، في وقت كانت فيه المنافسة الاقتصادية بين البلدين محتدمة.

عزز هذا القرار استراتيچية وطنية لحماية الابتكار والتنافسية الأميركية في صناعة أشباه الموصلات، كما عكس التوترات التجارية الأوسع نطاقاً مع اليابان في تلك الفترة.

وعلى الرغم من تباين الدوافع وراء كل حالة، كانت هناك أنماطٌ متكررة، شملت مخاوف الأمن القومي، والقيادة التكنولوجية، والسيادة الاقتصادية، وأيضاً الضغط السياسي والشعبي. وتُشير هذه الحالات إلى أن السياسات الاستثمارية الأميركية تُعطي الأولوية للمصالح الوطنية على حساب العولمة في قطاعات معينة. وعلى الجانب الآخر، من الممكن أن تؤدي الرقابة المتزايدة والعقبات التنظيمية إلى تثبيط الاستثمارات الأجنبية، أو إلى اعتماد الشركات الأجنبية على الشراكات التي تتماشى مع المصالح الأميركية.

 

المساهمون