قال وزير المالية التونسي، اليوم الثلاثاء، إن بلاده محبطة من فشل المجتمع الدولي في الإيفاء بتعهداته لدعم الاقتصاد المنهار في تونس، مهد انتفاضات الربيع العربي. داعيا مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى إلى تمويل برنامج إنقاذ اقتصادي تبلغ تكلفته 25 مليار دولار، على مدى خمس سنوات.
وأكملت تونس انتقالها الديمقراطي بعد أكثر من أربع سنوات من ثورة عام 2011، وهو إنجاز نالت بفضله منظمات من المجتمع المدني التونسي هذا الشهر جائزة نوبل للسلام لإدارتها حوارا بين الفرقاء السياسيين.
ورغم الانتقال السياسي، الذي حظي بالإشادة عالميا، فإن كثيرا من التونسيين لايزالون يشعرون بالضيق، مع تفشي البطالة وغلاء المعيشة، بعد أربع سنوات من ثورة فجرها بائع خضار استشهد، احتجاجا على تردي أوضاعه المعيشية.
وحذر سليم شاكر، وزير المالية التونسي، من أن "تونس ستعيش أوقاتا صعبة، والعاصفة قد تتحول إلى إعصار، إذا أحجم المجتمع الدولي عن برنامج اقتصادي كبير لمساعدة تونس".
وقال شاكر: "رسالتي للمجتمع الدولي هي رسالة إحباط، لأنه لم يتم الإيفاء بتعهدات بدعم تونس اقتصاديا لإنجاح انتقالها الديمقراطي.. كريستين لاغارد، واحدة من القلائل التي سمعتنا وفهمتنا".
وأضاف الوزير التونسي، أن بلاده تحث المجتمع الدولي ومجموعة الثماني على تمويل برنامج إنقاذ كلفته 25 مليار دولار، على مدى خمس سنوات، يخصص لتطوير البنية التحتية ودعم السلم الاجتماعي وتقوية الأمن وسد العجز في الميزانية.
وكانت قمة لقادة الدول الأعضاء في مجموعة الثماني قد تعهدت في 2011 بضخ مليارات الدولارات لدعم تونس في انتقالها الديمقراطي الهش. لكن لم تحصل تونس على تلك المساعدات حتى الآن.
وأفاد شاكر بأن تونس موضع اختبار للانتقال الديمقراطي اليوم، وهي تحتاج إلى فهم تجربتها، ومساعدة للوصول إلى بر الأمان، لتكون نموذجا حقيقيا للانتقال الديمقراطي في منطقة مهتزة.
وذكر أن احتياجات تونس من التمويل الأجنبي في 2016 ستبلغ 3.6 مليارات دينار، مضيفا أن بلاده ستعود للسوق المالية من جديد العام المقبل، وستصدر سندات بقيمة تصل إلى مليار دولار في يناير/كانون الثاني أو فبراير/شباط 2016، على أقصى تقدير.
وتهدف تونس إلى سد العجز في الميزانية، الذي يتوقع أن يتقلص العام المقبل إلى 3.9%، من 4.4% متوقعة هذا العام.
وكشف شاكر أن تونس ستبدأ، في ديسمبر/كانون الأول المقبل، أو بداية السنة القادمة، على الأرجح، مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للاتفاق على برنامج تمويل جديد قد يصل إلى ملياري دولار.
وكان صندوق النقد الدولي قد أقرض تونس في 2013 حوالى 1.6 مليار دولار، ضمن اتفاق التزمت تونس بموجبه بإجراء سلسلة إصلاحات اقتصادية.
اقرأ أيضا: تونسي يطرق أبواب بريطانيا لإلغاء حظر سائحيها
ومن المتوقع أن تصدر تونس أيضا صكوكا بقيمة مليار دينار في النصف الأول العام المقبل.
إصلاحات عاجلة
قال وزير المالية التونسي إن الإصلاحات الاقتصادية بدأت في بلاده بالفعل، مؤكدا أنها ستستمر بنسق أعلى في 2016، لدفع النمو وإنعاش الاقتصاد.
وبدأت تونس بالفعل خطوات إصلاح في القطاع البنكي، وضخت 440 مليون دولار لإعادة رسملة اثنين من البنوك العامة، وهما بنك الإسكان والشركة التونسية للبنك، وهي قرارات رحب بها صندوق النقد الدولي.
وأوضح شاكر أن خطة إنقاذ البنوك العمومية مستمرة، وسيتم استقطاب شركاء فنيين يساعدون في الإقلاع بها. وأشار إلى أن الدولة لن تضخ مزيدا من الأموال لرسملة البنوك، مضيفا أن الإصلاحات ستشمل أيضا هيكلة البنك المركزي ليكون أكثر استقلالية.
وكشف أيضا عن إقرار قانون بنكي جديد وقانون صرف جديد، دون أن يدلي بتفاصيل إضافية في هذا الصدد.
وأضاف أن الإصلاحات الجبائية ستكون كبيرة، وستشمل تنظيم إدارة الجمارك وتسهيل الإجراءات وتخفيف القيود، وهو أمر من شأنه أن يساهم في استقطاب أموال من الاقتصاد الموازي إلى الاقتصاد المنظم، والحد من ظاهرة التهريب التي تفشت بشكل حاد.
ونوه سليم شاكر إلى أن تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية سيوفر لتونس حوالى ملياري دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
وسينخفض دعم الطاقة من 850 مليون دينار هذا العام إلى 550 مليونا في العام القادم. وفي هذا السياق، قال شاكر إنه في إطار خطة لخفض دعم الوقود تدريجيا ستبدأ تونس نظاما جديدا لتعديل أسعار البنزين بشكل تلقائي.
ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد تونس بنسبة 2.5% في 2016، على أمل رفع هذه النسبة إلى 5% بحلول عام 2020، وفق شاكر، الذي رجح تحقيق نمو أفضل في حال استمرت وتيرة الإصلاحات.
ولفت الوزير التونسي إلى وجود كثير من القطاعات الواعدة التي قد تساعد الاقتصاد المحلي على التعافي، من بينها الصحة والتعليم العالي والصناعة إذا استفادت تونس من قربها من أوروبا وعمالتها الماهرة.
اقرأ أيضا: التونسيون يرفضون تخفيض أسعار المحروقات