أكد مدير اتحاد مورّدي الأدوية الفلسطينيين مهند حبش، لـ "العربي الجديد"، أن الأزمة المالية التي يمر بها موردو الأدوية بسبب عدم وفاء الحكومة بتعهداتها السابقة بتسديد الديون المستحقة، جعلهم عاجزين عن تزويد مستودعات وزارة الصحة بالأدوية.
وقال حبش، إن الشركات الفلسطينية لم تتقدم إلى عطاء مركزي أعلنت عنه وزارة الصحة منذ شهرين، بعد أن أخلت وزارتا المالية والصحة في تسديد الديون لصالح الموردين.
وتابع: "وصل مجموع ديوننا على وزارة الصحة الفلسطينية إلى 310 ملايين شيكل (82 مليون دولار) بحيث لم نعد قادرين على الاقتراض من المصارف لتسديد التزاماتنا تجاه شركات تصنيع الأدوية المحلية والعالمية".
ولفت حبش، إلى أن وزير المالية شكري بشارة، وعد قبل شهر بالاقتراض من البنوك من أجل تسديد الديون ولكن ذلك لم يحصل حتى الآن.
وأعرب حبش عن أسفه للمعاناة التي تواجه المرضى الفلسطينيين في ظل عدم توفر الأدوية، ولكنه أشار إلى أن "الشركات استنفدت كافة الخيارات لديها في ظل مماطلة وزارة المالية بتسديد الديون القديمة".
وتخصص الحكومة الفلسطينية ما نسبته 10 % من إجمالي إنفاقها (400 مليون دولار) على القطاع الصحي، في حين بلغ مجموع الديون المتراكمة منذ سنوات على وزارة الصحة 200 مليون دولار لموردي الأدوية والمحروقات، والمستشفيات الخاصة التي تستقبل المرضى المحولين إليها من المراكز الصحية الحكومية.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية أسامة النجار، إن وزارته تسعى بكل جهدها لتأمين دفعات لموردي الأدوية، ولكن الأزمة تتعلق بعجز وزارة المالية عن تسديد دفعات مقبولة لدى الدائنين.
واعتبر النجار في حديثه مع "العربي الجديد" أن امتناع الشركات الفلسطينية عن التقدم إلى العطاءات التي تطرحها وزارة الصحة "فيه تحدّ غير مقبول للحكومة"، وتابع: "لن تقبل وزارة الصحة سياسة ليّ الذرع، وإنّ استمرار الأزمة على شكلها الحالي يدفعنا إلى البحث عن مصادر بديلة للأدوية غير الشركات الفلسطينية".
وتلزم الحكومة الفلسطينية موظفيها (160 ألفاً) بالحصول على التأمين الصحي الإجباري، مقابل اقتطاع مبالغ من رواتبهم، في حين يتاح مجانا للعاطلين من العمل والذين لا معيل لهم.
ومؤخرا بدأت الحكومة الفلسطينية بتطبيق إجراءات تقشفية لتقليص الإنفاق العام في ظل احتمالات تفاقم أزمتها المالية في المستقبل نظرا لإحجام المانحين الدوليين عن الوفاء بالتزاماتهم تجاه سد العجز في الموازنة الفلسطينية الذي يصل إلى 1.3 مليار دولار سنوياً.
ويقول المواطن الفلسطيني عصام الشريف (متقاعد) "أحتاج شهرياً إلى أدوية لإثنين من أبنائي اللذين يعانيان من مرض نادر، يفوق ثمنها إجمالي دخلي، كما أنها غير متوفرة في الصيدليات الفلسطينية، وبعد مراجعة وزارة الصحة عشرات المرات، للحصول على الدواء فقدت الأمل، ولجأت إلى أهل الخير من أجل توفير الجرعات الدوائية من السوق الإسرائيلية بما يساعد ابني على تعويض نقص أنزيمات في الجسم على العيش".
وتعاني مستودعات الوزارة من نقص حاد في أدوية تعالج أمراضا مزمنة مثل السرطان، والكلى، والكبد، وعدد من الأمراض النادرة.
أما عادل محمد (موظف حكومي) فيقول إنه يقتطع ربع دخله الشهري من أجل توفير الدواء لزوجته المريضة، ويؤكد أنه يضطر لشراء الدواء على حساب احتياجات أساسية لعائلته المكونة من 8 أفراد، رغم أن الحكومة تقتطع مبلغ 20 دولاراً شهرياً من معاش كل موظف حكومي بدل تأمين صحي له ولعائلته.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يحارب صناعة الدواء في غزة